العدد 2322 - الثلثاء 13 يناير 2009م الموافق 16 محرم 1430هـ

صور غير موفقة!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أفردت «الوسط» أمس الصفحة 15 لصور ضرب قوات الأمن لبعض معتقلي كرزكان وأهاليهم، الذي طال مصورَيْها الزميلين محمد المخرق ومازن مهدي، وكانت الصور أبلغ من الكلام.

الصور كانت صادمة، ولأني لم أسمع بها إلاّ من خلال الصور، أخذت أسأل عن الأسباب، وصدمني أكثر ما سمعته من تفاصيل.

أعلى الصفحة كانت صورتا الزميلين وهما يتعرضان للضرب، وأسفل العنوان ثلاث صور متتالية لشابٍ معوّق، كان يحتج على ضرب أحد رجال الأمن لأخته، وتبيّن أن يده اليمنى تعاني من إعاقة، بينما رجله اليمنى اصطناعية، ومثل هذا الشاب النحيف لا يمكن اتهامه بأنه تعدّى على رجال الأمن، فقد كان يتلقى ضرباتهم بهدوء كما تكشف الصور بوضوح.

الصحيفة اكتفت بنشر صورةٍ واحدةٍ لرجال الأمن وهم يركضون داخل وزارة العدل والشئون الإسلامية، بينما الصور التي لم تنشر تكشف كيف كانوا يدفعون في طريقهم النساء المرعوبات ويضربونهن بالهراوات، وهي صورٌ لا تليق بالبحرين بأيّ حال من الأحوال.

بقية الصور تقاسمت بطولتها بعض النسوة ورجال الأمن، وكل ذلك جرى بصورة عفوية تماما. فخروج الحافلات التي تقل المتهمين تزامن مع انصراف الأهالي، وبسبب الزحام الذي تعاني منه المنطقة طوال النهار توقفت الحافلات في الشارع العام، وما كان من السيدة إلا الاقتراب من الحافلة لتلوّح لأخيها، ففتح النافذة واحتضنها من داخل السيارة. هنا تدخّل أحد رجال الشرطة وسحبها من عبائتها، فحاول المعتقل إبعاده عن أخته، فبدأت الهراوات تنهال عليه وعلى زملائه. والسؤال: هل كان ذلك يستدعي كل هذا العنف؟ وهل ترضي هذه المشاهد سعادة وزير الداخلية؟

ما حدث يطرح على الداخلية عدة إشكالات، فالزميل المخرّق تعرّض للضرب بالهراوات رغم تنبيهه لرجال الأمن بصفته المهنية، إلا أنهم لم يكترثوا لعدم فهمهم العربية. أما الزميل مازن فتلقّى ضربات على الظهر، حاول «بلعها» كما يقول، ولكن تعمّد بعضهم ضربه على رأسه، ولم يوقفه عند حدّه إلاّ الكلام التالي: «أنا صحافي وإذا كسرت الكاميرا فالداخلية ستجعلك تدفع قيمتها من راتبك لأنك غلطان». جمعية الصحافيين البحرينية أكّدت دعمها للزميلين، وطالبت الداخلية بالتحقيق الجدي، ومعاقبة من يقف وراء هذه الاعتداءات على الصحافيين أثناء ممارسة مهماتهم، لما يمثله ذلك من مخالفة صريحة للمواثيق والعهود الدولية. واعتبرت الجمعية الاعتداء البدني على الصحافيين وضربهم بالهراوات، تصرفا غير إنساني ويتنافي مع تأكيدات القيادات السياسية على ضرورة ضمان حريات وأمن وسلامة الصحافيين، والمصوّرين على وجه التحديد، الذين يجدون أنفسهم فجأة بين الرصاص المطاطي، وتنهال عليهم عبوات مسيل الدموع.

الداخلية اليوم مدعوةٌ بكل صدقٍ، لتصحيح أوضاعها فعلا، ويجب ألا تنساق مع دعوات الثأر وشهوة الدم، وكتابات التشفي وحبّ الانتقام التي يطلقها بعض المهووسيين الطائفيين، الذين تمنّت إحداهن لو بلغت أعداد المعتقلين 600 وليس مجرد 60!

إنك لا يمكن اليوم أن تمنع تدفق الأخبار أو تعتّم على الحقائق، حتى لو ملكت عشرين صحيفة ومئتي صحافي من التابعين. وصورة قوات الأمن وهي تقتحم مباني وزارة العدل، وتملأ قاعات المحاكم، ليست بالصورة المشرّفة للبحرين، وخصوصا أنها في المنطقة الدبلوماسية التي تغصّ بالسفارات الأجنبية والمصارف والشركات الكبرى. وصورة ضرب النساء بالهراوات ليست لائقة بأعراف وتاريخ وأخلاق هذا البلد الكريم على الإطلاق

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2322 - الثلثاء 13 يناير 2009م الموافق 16 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً