العدد 2322 - الثلثاء 13 يناير 2009م الموافق 16 محرم 1430هـ

الخطب المفخخة والبيانات التشكيكية... إلى أين؟

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

قرأت خطبته أكثر من مرة وقلبتها يمينا وشمالا، وحاولت أن أعثر له فيها عن حجة أو مسوغ ولكني لم أجد ما يبرر إدعاءه بأن من نعتهم بـ «الصهاينة» و»الحثالة» هم أولئك الذين يدعمون الإرهاب ومخطط «الحجيرة» الأخير الذي تم الإعلان عنه، فكل حرف من كلماته الموتورة كانت تشير إلى طائفة بعينها لطالما اتهمها جهارا ونهارا بأنها عميلة لإيران وتأتمر بأمرها، وأنها طابور خامس يجب الحذر منها بل والتشكيك في سلوكياتها لأنها أشبه بالخلايا النائمة في البحرين ومنطقة الخليج.

زفيره الذي يطلقه عبر سماعات المساجد ومن على منبر رسول الله (ص) لم يخرج قبل أسبوع فقط حتى تقوم ضده الزوابع ولا تقعد، فمنذ أن سقط في الانتخابات البلدية في العام 2002 لعدم ثقة أبناء دائرته فيه ومن ثم خلاصه بشق الأنفس من الدور الثاني في الانتخابات النيابية التي جرت في العام ذاته، وهو ينخر في جسد الوطن ووحدة أبنائه، ولا يهدأ له بال إلا بعد أن يؤلب الحكومة على تلك الفئة التي يطالب بإقصائها بل ونفيها إن أمكن حتى تخلو له الأجواء ليستورد البشر من البلدان الأخرى ليجنسهم ويمنحهم الوظائف والبيوت ويوفر لأبنائهم العلاج والدراسة المجانية.

اللعبة الطائفية التي أدار خيوطها بامتياز طوال الفصل التشريعي الأول، خلّفت ردود فعل سلبية وجعلته يصطدم أكثر من مرة مع زملائه من الفئة الأخرى التي يتهمها بالعمالة لإيران، وتحركت جهات لمقاضاته إلا أن الحصانة البرلمانية هي التي أنقذته من المآزق التي أوقع نفسه فيها، وهذا يجعلنا نفهم اندفاعه الشديد واستماتته من أجل الحصول على الحصانة في انتخابات 2006، حتى يشطح وينطح من دون حسيب أو رقيب.

إيقافه مؤقتا عن الخطابة لا يشكل أي عقاب أو ردع بل هي استراحة يعد فيها نفسه لصولات وجولات من التشكيك والتخوين والتسقيط، فقد يخرج علينا بعد انتهائه من معسكرات التدريب في منطقة الصخير التي يطالب وزارة الداخلية بالحذر منها ومصادرة الصواريخ البالستية الموجودة فيها، ببيان يدعو فيه إلى تفتيش بيوت طائفة يعتقد أنها تخبئ أسلحة خفيفة وثقيلة، استنادا إلى إدعائه بأن ليس لها ولاء لهذا البلد وقادته، وتتخذ من «التقية» منهجا وسلوكا لتعاملاتها مع من يختلفون معها في مسارها المذهبي.

جلست مع كبار السن من الطائفتين الكريمتين ورحت أسألهم عن رأيهم في الخطب العصماء التي يطلقها خطيبنا الموهوم بداء الفارسية، ولو لم أبتعد عنهم لكنت نلت شيئا من غضبهم وسخطهم من الكلمات الرخيصة التي يسوقها عميد الخطب المفخخة، فاستياؤهم كان نابعا من حجم علاقتهم الوثيقة والمتينة التي لم نحصد ثمارها من زرع اليوم أو الأمس، بل منذ عقود طويلة خلت، فلا داعي لأن نترك بيننا من يفرقنا.

إذا كنا سنوجه أصابع الاتهام إلى نائبنا الفصيح في فنون الشتم والتجريح وحده فسنكون مخطئين حتما، لأنه لا يعرف كيفية دس سمومه في البيانات التي يرسلها إلى الصحف المحلية، إلا من خلال معاون لا يفقه شيئا في أبجديات الترابط الاجتماعي والسلم الأهلي والمصلحة الوطنية، فلو كان كذلك لما استُخدم كوسيلة وبوق ينفخ فيه كما ينفخ البالون المثقوب.

تجريم الدولة للشعارات الطائفية يجب أن لا يفرق بين سني أو شيعي، مسيحي أو يهودي، بوذي أو مجوسي، فكل من يثبت أنه متورط في تمزيق اللحمة الوطنية وزرع الشتات في هذه الأرض لا بد أن وينبذ ويؤطر في برواز يناسب حجمه، فلا يخرج منه ليزايد علينا في وطنيتنا وانتمائنا لهذا التراب الطاهر، مهما كان موقعه أو منصبه أو مكانته السياسية أو الاجتماعية

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 2322 - الثلثاء 13 يناير 2009م الموافق 16 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً