العدد 372 - الأحد 12 أكتوبر 2003م الموافق 16 شعبان 1424هـ

الحاج حسن ... لأنه كان إنسانا رائعا

عبدالله العباسي comments [at] alwasatnews.com

تذكرت هذا البيت وأنا أرى الاف الأفراد وعشرات المؤسسات الخيرية وهي تعزي أو تنشر التعازي في الصحف حزنا على وفاة الحاج حسن بن علي العالي. إن هذا الكم من التعازي التي تقطر ألما لا يأتي من فراغ، فكثير من الأثرياء يغادرون الدنيا من دون أن يتركوا مثل هذا الفراغ أو يتركوا مثل هذه الأحزان خلفهم لماذا؟

لأن الرجال الكرام والرجال الرجال، والرجال المعطائين للوطن ولأبناء الوطن والذين يملكون ضميرا حيا ويحسون بالفقراء والذين لا ينامون الليل وجيرانهم جوعى أصبحوا نادرين في هذا الزمن الرديء. هذا الإنسان كبير القلب الذي بنى المساكن الشعبية في مختلف مناطق الدولة، ودرس المئات من الطلبة على نفقته، هذا الإنسان الإنسان، والرجل الرجل، أعتقد لا داعي إلى الحديث عن عطاءاته وعن كرمه وعن روحه الطيبة فما نشرته صحيفة «الوسط» يكفي لأن أفعاله تنطق بما كان يقدمه للمعوزين والفقراء ومن حق هؤلاء أن يلبسوا ثياب الحداد من أجله.

ولو أن كل أثرياء البلد يفعلون جزءا مما كان يفعله الحاج حسن العالي لما بقي على هذه الأرض فقراء وجياع وأناس من دون مساكن. هب أن إمكانات الدولة كانت محدودة لا نفط ولا موارد أخرى فهل يجوز لأثرياء البلد ووجهائها ترك هؤلاء المواطنين يموتون في بؤسهم. إننا بحاجة إلى تجار يحسون بفقراء البلاد والأسر المحتاجة بدل أن يكنزوا ثرواتهم لأبناء ربما ينسون مكان قبورهم بعد بضعة شهور.

الرجال العظماء الذين يخدمون وطنهم وشعبهم وأمتهم هم الذين يبقون في ذاكرة التاريخ وذاكرة الشعب. قديما كانت كل المدارس الأهلية تقام على نفقة تجار البلد الغيورين على الوطن، وفي بعض الدول الأوروبية يمنحون أي مواطن يقدم خدمة جليلة للوطن لقب (السير) من قِبل الملك او الملكة البريطانية .

يقول أحد الأصدقاء أخذت والدي على نفقتي الخاصة للعلاج في أحد أرقى مستشفيات الولايات المتحدة وعلى رغم إمكاناتي الكبيرة كدت أعجز عن استكمال علاجه بسبب الغلاء الفاحش للعلاج، وكان مصادفة ينام في غرفة مجاورة لأحد البحرينيين البسطاء وكان ابنه يقوم بزيارته كل شهرين تقريبا فسألته من باب الفضول هل والدك تاجر؟ فأجاب والدي نجار فقير، فسألته وهل أنت ثري؟ قال: لا أنا أعمل موظفا في وزارة الكهرباء. فسألته: هل جئت بوالدك على حساب وزارة الصحة فقال: ياريت... وزارة الصحة رفضت علاجه في الخارج، فقلت إذن من يصرف عليه وعلى علاجه كل هذه الفترة، قال: «الله يخلي الحاج حسن العالي». فقال صديقي ساعتها عرفت كم هو عظيم هذا الرجل... وكم هو كبير هذا الرجل.

أما أنا فأتساءل أي لقب يستحق هذا الذي ترك خلفه كل هذا العطاء، بل أي لقب يليق بمقام هذا الإنسان الذي رحل وترك أعين الآلاف تبكى عليه... كم أتمنى أن ينظر أبناءه من بعده إلى مئات التعازي التي تنشر حزنا على رحيل والدهم فيواصلوا طريقه

العدد 372 - الأحد 12 أكتوبر 2003م الموافق 16 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً