«دمشق سينما ومكان» هكذا عنون «مهرجان دمشق السينمائي الدولي» في دورته السابعة عشرة لهذا العام، الذي استقطب 52 دولة تشارك من خلال 250 عملا، تتنافس في مجال الأفلام الطويلة، الوثائقية، القصيرة، بالإضافة إلى أفضل فيلم عربي.
المهرجان الذي تم إقرار سنوية دوراته السنة الماضية، جذب العديد من الأعمال من مختلف دول العالم، غربا وشرقا، وأكثرهم مشاركة كانت ألمانيا والدنمارك.
وعلى رغم هيمنة الحضور الغربي ما بين قوائم الأعمال المشاركة، فإن هذا لم ينفِ تزايد عدد الأعمال العربية المقدمة ضمن مختلف الفئات لهذا العام، سواء أكانت السورية منها، أو العربية كمصر والجزائر والمغرب وتونس والعراق.
وابتدأ المهرجان فعالياته بتكريم نخبة من الفنانين العرب أمثال: الممثل السوري خالد التاجا، والممثلة السورية أمل عرفة، ةالممثلة يسرا من مصر. أما الأجانب فقد تم تكريم الممثلة السويسرية أورسولا أندروس، والإسبانية فيكتوريا أبريل. كما كرم مجموعة من المخرجين، من بينهم المخرج التونسي رشيد فرشيو، والسوري نجدت إسماعيل أنزور، والبوسني أمير كوستريكا.
وأفرغ المهرجان حيزا لفعاليات خاصة تحتفي بالقدس عاصمة الثقافة العربية، وظهر الاهتمام الواضح من المهرجان بالسينما الفلسطينية أو بالأعمال التي تتناول القضية الفلسطينية من مختلف الجوانب، وذالك من خلال تخصيص تظاهرة بعنوان: «فلسطين في عيون السينما» التي عرضت ضمنها ثمانية أعمال غالبيتها قديمة سبق عرضها، مثل فيلم «المتبقي». بالإضافة إلى هذه الأعمال المعروضة ضمن هذه الفئة أقيمت على هامش المهرجان ندوة مركزية خُصِصت للسينما الفلسطينية.
فيما قدم فيلم «بوابة الجنة» للمخرج السوري ماهر كدو، وهو من ضمن الأفلام التي تتنافس على جائزة الفيلم الطويل، والفيلم المأخوذ عن قصة تحمل الاسم ذاته «بوابة الجنة» للكاتب حسن سامي يوسف، يعرض قصة عائلة فلسطينية تعيش في زمن الانتفاضة الأولى، في مكان بعيد عن البطش الإسرائيلي، يقرر الأب في مرحلة أن يعلن رفعه للراية البيضاء خوفا على منزله وأبنائه، الذين يرفضون منطقه في حماية أنفسهم من العنجهية الإسرائيلية بهذه الطريقة، إلا أن استشهاد أحد أبنائه يقلب الأمور ليقنعه بأن السبيل الوحيد للبقاء وتحرير الأرض هو المقاومة.
كما احتفى المهرجان بقديم الفن من أعمال سينمائية شاركت في افتتاح المهرجان باستعراض مجموعة منها، ونال التكريم العروض المستقلة التي تتناول أعمالا وأسماء كبيرة في عالم الفن السينمائي خلال القرن الماضي، من بينها تظاهرة المخرج الكبير فيديريكو فيلليني، والعبقرية السينمائية لشارلي شابلن، وتظاهرة مارلين مونرو، بالإضافة لتظاهرتي السينما (الاسترالية) و (الألمانية)، ومجموعة من الفعاليات الأخرى.
وعلى رغم انتقاد المهرجان في دوراته السابقة التي كانت تحت شعارات مثل «من أجل سينما متطورة»، «بعيون السينما نرى»، و «تحيا السينما»، فإن الدورة الحالية حاولت تفادي بعض العراقيل والمآخذ التي سجلت عليها سابقا، من أبرزها شح الأعمال العربية المشاركة، وعلى رأسها الأعمال السورية، التي غابت أو سجلت حضورا خجولا في السابق، التي أرجع العديد من المعلقين سبب قلتها إلى وضع السينما السورية حاليا وإلى وضع السينما العربية عموما، محليا وعالميا، بالإضافة إلى مسألة مشاركة أعمال تجارية بحتة غير قابلة للعرض ضمن مهرجان بهذا الحجم وهذه الأهمية.
ومازالت المقارنة ما بين المهرجانات العربية الفنية والسينمائية بمختلف انتماءاتها وبين الغربية، من أكبر الموضوعات التي على المهرجانات العربية تجاوزها، إما بإعلان استقلاليتها وتفردها بتقديم ما يجعلها منتجا محليا مستقطبا وليس مجرد حالة تقليد لعناوين غربية. أو بمجاراة الأنموذج الذي بات يتعارف عليه علميا لإنتاج مهرجان ناجح، من أعمال مميزة، وحجم مشاركة جيد، وتنظيم مدروس ودقيق.
العدد 2619 - الجمعة 06 نوفمبر 2009م الموافق 19 ذي القعدة 1430هـ