العدد 2619 - الجمعة 06 نوفمبر 2009م الموافق 19 ذي القعدة 1430هـ

سيمفونية الحب والبغض

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

أخشى أن تكون انفلونزا «الحب الأعمى والكره الأعمى» قد وجدت ظالتها في المجتمع البحريني، وتغلغلت في أوساطه وشرائحه، وباتت لا تكاد تستثني منه أحدا.

وقرائن هذا المرض لا تعد، وهي شاخصة أمام نواظرنا كل يوم، نعايشها في ممارساتنا اليومية وفي مدونة أفعالنا.

كم هو فتاك، وكم هو بشع هذا المرض؛ لأنه يهدد كينونتنا الاجتماعية وعلاقاتنا ويفسد حبال المودة مع كل من لا يشاطرنا الرأي، ويصيب واقعنا ومستقبلنا وطموحنا بتعددية حقيقية في مقتل.

أصبحنا نجعل محبوبنا في دائرة العصمة ونضفي عليه هالة القداسة، ونحيطه بحواجز محصنة من الزلل، لا نقبل عليه نقدا حتى وكأنه لا يمكن للباطل أن يأتيه من بين يديه ولا من خلفه، نسير خلف من نحب مسير من أفقده حبه عن رشده.

مع بواعث الأسف، ألهتنا السياسة وانغمسنا في الأيديولوجية حتى النخاع بحيث رفعنا كمامات الحاجة للضوء لكي نحجب أي إشعاعٍ غير صادرٍ عنا، نعبد نزواتنا وأفكارنا، فأصبحنا أسارى هوى لا صواب.

هل أمتهنا نهش اللحوم؟

أخطر من أية جائحة؛ لأننا لا نميز بين خطأ ولا صواب، نصيب بسهامنا.

لا يردعنا عن تصيد العثرات شرع ولا قانون...

مقايس الصداقة والعداء مبنية عن تشخيص ضيق لا يتعدى أبصار عيوننا...

معي أو ضدي... شريعة الغاب توغلت في خلجات نفوسنا.

نحاكم الناس على محامل الشر فقط...

سيف التسقيط والتشهير مرفوع على رقاب من نختلف معه في طرح أو شيء من السلوك، وكأننا نملك الحقيقة الكاملة، ونملك الصفحة الناصعة البياض، ومن منحنا وكالة توزيع صكوك الغفران؟

داء التسقيط انتشر بيننا كانتشار النار في الهشيم، فهو ملازم لنا في كل ساحة من ساحات المجتمع، نراه أينما نولي وجوهنا؛ لأن «انفلونزا التسقيط» أضحت مهيمنة، ذات سطوةٍ، وكلمة طولى لا يقوى على مقارعتها السواد الأعظم من الناس.

غابت عنا رحابة الاختلاف، وغفل نظرنا عن مدارك التنوع.

فيا ترى، متى عسانا نفيق من نومنا العميق ونتحرر من زنزانة تعصبنا الأعمى، هل من صحوة تنقذ ما تبقى من منظومة علاقتنا الاجتماعية؟

نحن مطالبون الآن وقبل فوات الأوان بالتخلي عن ثقافة الأبيض والأسود... لنبحث عن خيار أوسع أفقا من ثنائية المعية والضد!

لنفتش في أعماق الآخرين عن مساحة رمادية قابلة للتلاقي.

حان الوقت لأن نحب بعقلٍ ونكره بعقل.

للكل ندق الأجراس: كفانا وحشية في مصادرة الآراء وفي توزيع القبعات.

«فكم من رسولٍ قتلنا... وكم من إمامٍ ذبحناه وهو يصلي صلاة العشاءِ»؟!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2619 - الجمعة 06 نوفمبر 2009م الموافق 19 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 9:59 ص

      كفانا خيانة لشعاراتنا (أبو حسين)

      حاولت يا أستاذ حيدر أن أطبق المباديء التي طرحتها في مقالك الحالي على مقالك السابق عن خاتمي فوجدتك أول من يخون هذه المباديء، وكان من الحري بك أن تبحث عند الاصلاحين عن المنطقة الرمادية لا عن الاأبيض والأسود، فكيف تصف خاتمي بنعوت من خلال السيق بيدو انها سلبية وبالتالي وقعت في فخ التسقيط (ربما غير المتعمد) أليس هذا انفصاما وازدواجية في المعايير!

    • زائر 1 | 12:51 ص

      من البعيد

      اشكرك على هذا المقال..المشكلة تصب في التربة المتلقاة ابتدءا بمن تحب ومن تقلد ومن تتبع سياسيا وكان هؤلاء لا يزلون ... والكل يدعي الحقيقة المطلقة بدون منافس وكل يسقط الاخر سواء دينيا او سياسيا و الاشهر الماضية خير مثالا..لذلك ينبغي لنا تبني ثقافة جديدة تتركز على حرية الرأي و الرأي يدحض بالرأي وليس بالارهاب الفكري او المادي

اقرأ ايضاً