العدد 379 - الجمعة 19 سبتمبر 2003م الموافق 23 رجب 1424هـ

الخطاب الإسلامي من التكفير إلى التفكير

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

إنها كلمة جميلة تشع ضياء، الحوار بداية الحضارة. ولا قيمة لأمةٍ لا تتحاور.

لعل من بعض مساوئ المسلمين أنهم بقوا سنين يسمعون بعضهم بعضا من الآخرين، فسقط الكثير منهم ضحايا معارك وهمية اختلقها قصور الوعي وغياب الأفق لدى بعضهم.

إن هناك الكثير من المتمصلحين سياسيا ساءتهم أصوات ارتفعت تاريخيا تدعو إلى التقارب ورأب الصدع من قبل المعتدلين من كل الأطراف، ولكن أثبت التاريخ أن صوت العقل والاتزان بعيدا عن شرنقة الفئة وصومعة الحزب هو المنتصر.

على رغم كل ما يقال وما يطرح من رهانات يبقى التوافق العملي هو أقوى من كل النظريات الزاهية والشعارات البراقة التي ترفع، ويأتي في مقدمة ذلك تلك العلاقة الوطيدة المتقاطعة ايديولوجيا حيث قواسم التاريخ المشتركة وميدانيا حيث العدو واحد ما بين حركات التحرر الإسلامية ما بين حماس والجهاد والمقاومة الإسلامية في لبنان فهو أكبر صدقية للوحدة الإسلامية في تاريخنا الحديث. هذا التوافق الوحدوي على رغم اختلاف المرجعيات الثقافية أصبحت الإضاءة الأكثر بروزا في تلك العلاقات ما بين الطائفتين الكريمتين الشيعة والسنة، فتقاطع مصالح المسلمين تفرض ثقافة القواسم المشتركة. نحن بصفتنا مسلمين بحاجة ماسة إلى خلق منابر جادة من خلالها تنبثق تظاهرات ثقافية تعزز الوحدة بممارسات عملية وآليات تفعيلية بعيدا عن الرتوش والمساحيق. وذلك لا يكون إلا ببرمجة الشعار عمليا على الأرض بنبذ الطائفية من أي طرف ولن يكون ذلك إلا بممارسة عملية من قبل الحكومات العربية ذاتها. فقديما قال فيلسوف فرنسي: «الدول التي تعمل على تحقيق المساواة تخلق أجهزة مساواة وبالتالي تخلق مجتمعا قائما على المساواة والعكس بالعكس» والا تصبح الوحدة كلاما في الهواء فإنه يجب أن يعمل المسلمون على نبذ أية دعوة تكفيرية متنطعة متطرفة تدعو إلى إلغاء العقل وتعمل على تكفير التفكير. ويقع على عاتق العلماء بالذات عملية تصحيح طبيعة الخطاب الديني لدى بعض منابرنا، وفي كل الطوائف نحتاج إلى أن نفتح عيون أبنائنا على القواسم المشتركة، وأن نخرجهم من نطاق الصوامع المذهبية إلى حيث التلاقي حتى لا تصبح لقاءاتنا واجتماعاتنا الثقافية مجرد ديكورات ومحاضرات آنية، وكيلا تتحول الوحدة إلى دعوات موسمية.

ثقافة التسامح وإعادة قراءة الكثير من مناهجنا الداعية إلى التطرف والاقصاء هي الحل إذا ما شفعت بعمل يومي يهدف إلى تطبيع اجتماعي بعيدا عن التسييس ومصالح السياسة خصوصا إذا تلمس الجمهور آليات عملية وممارسات فعلية تهدف إلى نبذ العنصرية وممارسات التمييز التي عملت سنين على تجذير الاطروحات الاثنية.

خطوة مؤتمر التقريب هي خطوة في الاتجاه الصحيح، كما أنها كبيرة تستحق الثناء وخصوصا إذا ما شفعت بآليات عملية تدعو إلى التسامح والمساواة ونبذ التميزات.

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 379 - الجمعة 19 سبتمبر 2003م الموافق 23 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً