العدد 386 - الجمعة 26 سبتمبر 2003م الموافق 30 رجب 1424هـ

حروب رامسفيلد «العنصرية»

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

في لقاء صحافي اجرته احدى المحطات الفضائية العربية مع وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد خلال زيارته قبل 11 سبتمبر/أيلول للعراق وافغانستان... رد رامسفيلد على سؤال يتعلق بالارهاب في مناسبة تصاعد عمليات المقاومة ضد الاحتلال في بغداد وكابول بكلام عنصري مزج فيه التاريخ بالسياسة والثقافة بـ «الجينات» البشرية.

رامسفيلد (العنصري) برأيه ان العنف (الارهاب) يولد مع الانسان. فهناك كمية من البشر تولد مؤهلة للارهاب ومستعدة له. فالمسألة مسألة «خلايا عضوية» و«جينات»... ومثل هؤلاء الناس عانت البشرية منهم منذ الأزل وستعاني منهم إلى الأبد. فالموضوع برأي هذا «المعتوه العنصري» لا صلة له بالسياسة أو الاجتماع أو الاقتصاد أو الجوع أو المرض أو التمييز أو القهر أو الاستبداد. فالعنيف هو عنيف بالسليقة.

نظرية مكافحة «الإرهاب» في اعتباره المشكلة الوحيدة التي يمر بها العالم وتعاني منها الولايات المتحدة أظهرت الحوادث كذبها او على الأقل مبالغتها في تصوير الامور أو تفسير الاسباب التي تشجع على ظهور «الارهاب».

الفلسطيني، برأي رامسفيلد مثلا، الذي يكافح ويستخدم كل الوسائل المتاحة للدفاع عن أرضه وبيته وأهله محاولا التصدي للاحتلال الصهيوني وجرائم شارون هو مجرد شخص عنيف ولد من بطن أمه هكذا ولا يمكن التحكم في تصرفاته لأن «الجينات» و«الخلايا» تأسست على «العنف والارهاب». كذلك يمكن سحب النظرية (العنصرية) برأي رامسفيلد على كل الشعوب والامم وحركات التحرر والاستقلال في كل العالم. فالشر هو الشر والخير هو الخير. والمجرم يولد على هذا الأساس وليست هناك عوامل او ظروف او مناخات (الفقر، البؤس، والبطالة) جعلت من هذا الانسان يتحول من حال إلى حال. والحل برأي رامسفيلد هو الاجتثاث واستمرار الحروب والمطاردة والقتل حتى ترتاح البشرية من هذه الجرائم المؤسسة على «الجينات» و«الخلايا».

هذا الكلام، وما معناه، قاله رامسفيلد بوضوح في لقاء مع محطة فضائية عربية. ولا بد ان يكون مثل هذا الكلام يتكرر بوضوح أكثر في «الغرف السرية» التي يتحدث فيها مع ربعه في مبنى «البنتاغون». وليس جديدا إعادة التذكير بأن مثل هذه الأقوال سبق وأطلقت النازية نظرياتها العدوانية والعنصرية تبريرا لاندلاع الحرب العالمية الثانية. فهتلر نادى او أطلق شعار «الحل الأخير» وهو يعني اجتثاث كل قوى معارضة أو مقاومة للمدِّ النازي وطموحات ألمانيا الهتلرية. وكانت النتيجة سقوط 54 مليونا من البشر وهزيمة الفكر العنصري وسقوط برلين.

كلام رامسفيلد وربعه في «البنتاغون» هو خلاصة الفكر النازي الممزوج ببعض المفاهيم الراديكالية الموروثة من نظريات ليون تروتسكي المتعلقة بالثورة المستمرة (الحرب الدائمة) التي نقلها عنه بصيغة مشوهة بعض المتأثرين بكراهيته للاتحاد السوفياتي وجوزيف ستالين والستالينية.

انها حرب دائمة برأي رامسفيلد وهي معركة مختارة بين «جينات الخير» و«جينات الشر» ولا يمكن ان تتوقف ما دام الارهاب والعنف يتوالدان مع توالد البشرية.

هذا النوع من الحروب، برأي رامسفيلد وربعه، ضرورية لتخليص البشرية من خلايا الشر. وهذه الخلايا (الجينات) مكثفة الآن في المناطق العربية والمسلمة من أفغانستان الى العراق وفلسطين وكل منطقة يوجد فيها النفط او تمتاز بموقع حيوي او استراتيجي.

وبسبب هذا النوع من التفكير العنصري تصبح ادارة البيت الابيض بحاجة الى نوع معين من الاعداء والخصوم. فطالبان حاجة اميركية وكذلك صدام.

فالحروب برأي رامسفيلد حاجة... و«الحاجة أم الاختراع»

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 386 - الجمعة 26 سبتمبر 2003م الموافق 30 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً