العدد 388 - الأحد 28 سبتمبر 2003م الموافق 02 شعبان 1424هـ

مارسنا الصحافة في ظل قانون كانت ممنوعاته أكثر من مسموحاته

عصمت الموسوي في حديث الذكريات... مشوار عمره عشرون عاما:

«التجربة الصحافية هي تجربة مهنية، وتجربة حياتية أيضا... الفرق بين الكاتب وغيره، أن الأول يوثق ويكتب ويشرك الآخرين في تجربته» بهذه المقدمة بدأت الكاتبة الصحافية عصمت الموسوي حديث ذكرياتها، ضمن اللقاء الذي نظمه ملتقى الشباب البحريني (تحت التأسيس) مساء السبت الماضي بمقر الملتقى الثقافي الأهلي.

تقول الموسوي عن بداياتها مع الصحافة: «على رغم رغبتي في الالتحاق بكلية الإعلام، إلا أنني لم أحظ بقبول، ودرست في قسم الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبعد عودتي إلى البحرين في العام 9891 وأثناء انتظار التوظيف في وزارة التربية والتعليم. عملت في مجلة «صدى الأسبوع» بشكل مؤقت، وأعتبر هذه التجربة محطة مهمة في حياتي، إذ عملت مع الصحافي علي سيار وكان قاسيا نوعا ما في تدريبي، وكانت المجلة أسبوعية تبحث عن الموضوعات المثيرة في زمن أمن الدولة. وفي صدى الأسبوع كان أول تحقيق لي عن مبنى وزارة العدل في مطلع الثمانينات، إذ أخبرني أحد المهندسين أن المبنى قد اختزل وتقلصت موازنته، وانه ليس قويا وغير قادر على تحمل الكميات الضخمة من الملفات التي ينوء بها، وعلى أثر ذلك واجهت أحد المسئولين في الوزارة بهذه الحقيقة بعد أشهر من افتتاح المبنى، فسألني أن أخرج من المكتب، قائلا: «إن كنت هنا بغرض عرض هذا الاتهام الباطل فأفضل أن تغادري أو تطرحي موضوعا آخر»... على رغم ذلك لا أنكر بأن هذه الفترة كانت مرحلة التحقيقات الجريئة والمثيرة، وكان عدد الصحافيين فيها قليلا».

وعن مساحة الحرية في تلك الفترة، توضح الموسوي: «مساحة الحرية التي سمح بها رئيس التحرير أكبر مما هو معتاد في أيام أمن الدولة في الثمانينات، إذ كنا نمارس العمل بحرية، لكن جميع الصحافيين في المجلة كانوا من المغضوب عليهم عندما بدأت المماحكات بين رئيس التحرير وبين وزير الإعلام في ذلك الوقت طارق المؤيد الذي لم يكن يعترف بنا، واحتجت لفترة طويلة لإصلاح علاقتي به. وخلال العام والنصف التي قضيتها في صدى الأسبوع تمكنت من تكوين اسم لي على نمط المجلة، وبعدها انتقلت إلى «أخبار الخليج» ثم إلى «الأيام» مرورا «ببانوراما» ومحطة «B.B.C».

وتضيف: «تدهورت علاقتي مع المؤيد عندما استلمت بريد القراء بصحيفة «أخبار الخليج»، وعندما عملت مراسلة لمحطة «B.B.C» اتهمت بنشر رسائل تشوه صورة الوطن وتبالغ في عرض المآسي والفقر، وبأمر من وزارة الإعلام تم إقصائي من الصفحة ليتسلمها من بعدي عبدالمنعم إبراهيم، فعدت إلى التحقيقات واللقاءات وكتابة الأعمدة وقضيت ست سنوات في «أخبار الخليج» ضمن نطاق ضيق، إذ كان هناك قانون أمن الدولة، وكانت رقابة صارمة على الصحف، ورقباء في كل مطبعة والتزام كامل بحذافير قانون النشر والمطبوعات الذي كانت ممنوعاته أكثر من مسموحاته، وكانت وزارة الإعلام بالمرصاد، إذ كان الوزير يستدعينا إلى مكتبه ويعاتبنا، فأجواء الحريات في ذلك الوقت لم تسمح بأكثر من صحيفة من عدة وريقات، تضم أخبارا محلية وعالمية في الأولى، ثم صفحة تحقيقات، فبريد القراء وصفحة اجتماعية، ذلك كان كل شيء على رغم ان البلد كانت تمور بالمشكلات التي تستحق أن نفرد لها تحقيقا يوميا».

وتمضي الموسوي قائلة: «تفاديا لإشكالات منع النشر، ركزت كباقي الصحافيين على القضايا ذات الطابع الاجتماعي والأسري والفقر والعوز ومشكلات التلاميذ في وزارة التربية، ثم وزارة الصحة والأطباء، والتجار والأسعار، لم تتجاوز الموضوعات الصحافية هذه القضايا، فلا قضايا عاطلين، ولا سياسة ولا ندوات ولا حديث عن برلمان 57 المنحل ولا أين تتجه البحرين، كنا نكتب في المسموح به فقط، وكانت البحرين شبه مقطوعة عن العالم».

وكانت الموسوي من ضمن الذين عملوا على تأسيس جمعية للصحافيين «أحبطت جميع المحاولات لتأسيس جمعية للصحافيين، حتى الاجتماعات البريئة كانت مصدر إزعاج لوزارة الإعلام، وكنا نعاقب بوسائل شتى في الصحيفة وخارجها على عقد أي اجتماع».

مع مرور الوقت تغيرت الأوضاع، وتحرك الجو الصحافي قليلا على صعيد أوضاع الصحافيين، وليس على صعيد حرية النشر والتعبير، وذلك بصدور صحيفة «الأيام» في العام 9891 (...) وفي منتصف التسعينات شهدت البحرين الحوادث السياسية الساخنة والمواجهات بين الحكومة والمتظاهرين، وقد كان المواطنون يستقون الأخبار من مصادر أخرى كإذاعة لندن، وبعض الإذاعات الإقليمية أو بعض الصحف العربية أو الأجنبية، أما «الأيام» و«أخبار الخليج» فقد كانتا تنشران التقارير الرسمية وبيانات النفي، والمتهمون سواء داخل البحرين او خارجها كانوا يوصفون بالمخربين والإرهابيين ودعاة الفتنة والتخريب».

وتواصل الموسوي: «في هذه الفترة كنت مراسلة لمحطة «B.B.C»، وعلى رغم حرصي على الموضوعية وتجنب الاصطدام مع الحكومة إلا أنني لم أسلم، إذ قال لي وزير الإعلام يوما اسكتي وسأعوضك عن المبالغ التي تتسلمينها من «B.B.C»، ورفضت طبعا، فقد كنت أشعر على رغم الضغوط بأنني أؤدي رسالة، إذ كان صوت الشارع البحريني غائبا، وكان صوتي هو الصوت اليتيم، كما لم أتفق دوما مع مظاهر الاحتجاج الذي يترافق مع التخريب وإحراق محطات الكهرباء والبيوت والسيارات، وكنت أذكر وألمح أحيانا إلى أن دعاة الديمقراطية والمطالبين بالإصلاح والتغيير السياسي تم اختراقهم من قبل عناصر سعت لتشويه صورتهم محليا وعالميا».

وتواصل في سرد تجربتها في فترة العمل مع «B.B.C»... «مرحلة «B.B.C» كانت شديدة الوطأة علي وعلى عائلتي، ففي هذه الفترة لم يسلم احد من المواطنين من التهديد بفقدان الوظائف إلى الحبس إلى الاستجواب، حتى كتابة العرائض كانت محرمة وتعرض الموقعين عليها إلى العقاب بأشكال شتى. كان الضغط علي من وزير الإعلام، وبعدما جاءت وزارة جديدة لم يختلف الأمر، إذ كان هاتفي المحمول مراقبا، وعرضت عائلتي وأهلي للقلق والهواجس واتهمت بأنني أساند وأتحيز في تقاريري للمحتجين ولحركة التمرد والتظاهرات. في الواقع لم أسلم من النقد من قبل الطرفين، الطرف الحكومي والطرف المعارض (الأهلي) كلاهما كان غير راضٍ عني».

«كانت فترة خصبة صحافيا، كنت ألتقي الأهالي وأذهب إلى المقبرة يوم تشييع الجنازات، ويتصل بي أهالي السجناء واستمع إلى أقوالهم وأواجه بها وزير الإعلام، كما كنت أيضا على صلة بالمنفيين في لندن، إذ كنت أزورهم في مقر هيئة الإذاعة البريطانية».

الانفراج السياسي

ومع الانفراج السياسي مع مطلع العام 0002 وصدور «ميثاق العمل الوطني» تغيرت الأمور، «انفتحت الصحافة وتحرك الجو الصحافي وانفتح سيل الكلام، وبدأت الصحافة في البحرين تنشر ما تعذر عليها نشره في السابق. وكانت هذه المرحلة هي الأمتع والأجمل في الكتابة، واستقطبت الصحافة أسماء جديدة وظهر المغمورون والمتواريون وما أسميتهم يوما بالممنوعين من التداول، فلم تكن هناك مجموعة منفية في الخارج، إذ أصبحت تعيش في الوطن، غير أنها مطمورة وغير مسموح بظهورها لأسباب سياسية، لقد بدا أن الوعد بالديمقراطية سيتحقق قريبا، ووفقا للأحلام والطموحات التي راودت السياسة البحرينية والشارع البحريني، وأولئك المنفيين والمساجين وعادت البحرين بعودة كل هؤلاء إلى الحركة والحياة والانبعاث مجددا، وبدأنا نرى اختلافا شاسعا في وجهات النظر بين الموافقين والمعارضين لعودة الحياة النيابية بعد تعديل الدستور».

وعن فترة الانتخابات تقول الموسوي: «أثمن المرحلة القصيرة التي رشحت نفسي فيها للانتخابات والتي لم تستمر لسبب فني، وليس الاعتراض على المشاركة في الانتخابات، فقد كنت ولاأزال أرى بأن المشاركة على رغم مساوئها أفضل من المقاطعة، وهي السبب في مجيء برلمان بهذا المستوى ونواب لم يكونوا يحلمون يوما أن يكونوا نوابا. التجربة الانتخابية جعلتني أتساءل: هل نجد نحن من نصنف أنفسنا بالنخبة أو الفئة المثقفة، هل نجد مناصرين ومؤيدين؟... لقد أردت الترشح في منطقة النعيم مسقط رأسي اعتمادا على جماعتي فيها، ولكن جماعتي تغيرت، وأصبحت تحبذ منح أصواتها لمرشح ديني أو إسلامي التوجه، ونحن للأسف نوصف بأننا خارج هذه المنظومة، هذا يعطينا مؤشرا بأن كل فئة تريد صبغ البرلمان بلونها وفكرها والأهم من ذلك الهيمنة عليه استنادا إلى اتساع قاعدتها».

وتضيف: «بعد خوضي الانتخابات باعتباي مرشحة أتساءل: إذا صنفتك الحكومة معارضا أو حتى لنستخدم تعبيرا أفضل كمستقل وتعاملت معك كذلك، فهل يعدك الناس نصيرا، أم سيضعونك أيضا في خانة أخرى وتوصيف يتفق مع مزاجهم وهواهم؟... أقول إن ذلك يشكل محنة الليبراليين في كل مكان في العالم العربي وأعد نفسي أحد هؤلاء، وأرى أحيانا أن الناس تقرأ لنا وتؤيدنا لكن عند الانتخابات تمنح صوتها لغيرنا، إن الليبراليين في العالم العربي خذلتهم حكومات بلدهم، وشعوب بلدهم أيضا».

محطات ساخنة

تقول الموسوي: «أحد المحطات الساخنة في حياتي هي رحلتي إلى بيروت في العام 9891، وذلك قبل أيام من إقرار اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان، وجدت نفسي النازلة الوحيدة في فندق برستول الذي كان يفترض أن ينزل فيه الرئيس معواض، وتغير البرنامج في اللحظة الأخيرة لأسباب أمنية، سرت في شوارع مظلمة، واجتزت المعبر الذي يربط بين بيروت الشرقية والغربية وحيدة وخائفة وانتقلت من الشمال للقاء الرئيس فرنجية إلى المنطقة الشرقية للقاء الجنرال عوان في قصر بعبدا، إلى رئيس الوزراء سليم الحص، إلى سمير جعجع وكثير من الشخصيات في بلد مقطوعة الكهرباء والماء والهواتف، وكنت أنقل الرسائل عن طريق الهاتف عبر خط قبرص».

ومحطة أخرى على متن حاملة الطائرات الأميركية، «قضيت أربعة أيام على حاملة الطائرات هاريرز، إذ كنا على جبهة القتال نلتقي الطيارين في الصباح قبل الذهاب إلى جنوب العراق لقصفها، ونلتقيهم بعد عودتهم، ونزور كل مرافق السفينة، ونخرج في جولات بغواصاتها لكن لم نكن نعرف أين نحن وإلى أين نتجه. الهواتف أغلقت منذ لحظة وصولنا والهواتف المعتادة تمر بجهات رقابة قبل أن تصل إلى المستقبل... مرة أخرى أقول، ليس الصحافي الذي يغطي حدثا كهذا من على متن حاملة الطائرات الأميركية هو الذي بقيامه بهذه المهمة يمنح الشرعية للحرب، إن رأيه شيء ومهمته شيء آخر، كنت ولاأزال ضد المقاطعة الإعلامية، وضد أن يقاطع الصحافي أي حدث لمجرد أنه لا يتفق مع توجهاته».

استطاعت الموسوي دخول العراق بعد أسبوع من انتهاء الحرب... «في هذه الفترة كثيرون يعتقدن بأنها مسألة سهلة، فقد منحت البطاقات والتصاريح، ولكن بقي مع من أدخل العراق؟، أسعفت من قبل سائق كويتي ينقل أعضاء فريق منظمة العفو الدولية، قضيت أياما في البصرة والنجف وبغداد مرورا بباقي المدن، كانت العراق لاتزال واضحة الصورة كما هي الآن اختفت القيادة ورموزها أو تبخرت كما يقولون، كانت تنام وتصحو على المجهول».

اتيح لي الالتقاء مع الكثير من الشخصيات المهمة، والتجول في الشوارع والميادين، وأشهد إزالة الصور والتماثيل، وأقيم في فندق فلسطين الذي توجهت إليه كل وسائل الإعلام، لأنه استضاف الصحافة العالمية والتي عبرها تم نقل وقائع الحرب على العراق يوما بيوم، زرت المستشفيات والبيوت والملاجئ ومقار الأحزاب ودوائر الأمن والزنازين التي تحولت إلى بيوت للفقراء، في تلك الفترة شهدت حركة التمرد في الفلوجة، وشهدت الانفجار في الزعفرانية الذي تسبب في مقتل عدد من القاطنين في المباني المجاورة له... أشير هنا إلى ان المحطات الساخنة في حياة الصحافي ليست في تغطية الحرب فقط، لقد أتاحت لي هذه المهنة الالتقاء بشخصيات فكرية وأدبية وسياسية، وأضافت لتجربتي الكثير».

وتواصل الموسوي حديثها: «لا أنسى أحد أجمل المنتديات الثقافية التي شاركت فيها، وهو منتدى أصيلة الذي أقيم في المغرب في العام الماضي، فقد كانت حواراته ونقاشاته رائعة، لا تلك التي تدور في صالات المنتدى فحسب ولكن في تلك الجلسات الحميمية أثناء تناول وجبات وفي مقاهي المدينة الساحرة، كما لا أنسى أكبر مؤتمر دولي حول السكان والتنمية الذي عقد في القاهرة في العام 4991، وشهد احتجاجات من قبل رجال الدين والمسلمين بخصوص ختان الإناث والاجهاض وحقوق المرأة وفقا للمعايير والقوانين الغربية وحقوقها في الإسلام، ولا أنسى مشاركتي في أكبر مهرجان للسرطان أقيم في أميركا في العام 1002، بمشاركة 53 ألفا من المرضى وأهاليهم، لقد بهرني هذا التجمع وظل عالقا في ذهني لسنوات، ووجدت فيه صورة مغايرة لمجتمعنا، إذ لايزال بعض المرضى يخشون الإفصاح عنه حتى للمقربين».

«للأسف الشديد فقد أطرت نفسي في مجال ضيق، فإما تقرير أو تحقيق أو عمود صحافي، إن تجربتي في B.B.C على سبيل المثال تستحق كتابا، كذلك هي تجربتي الصحافية، لكن اللهاث اليومي وراء كتابة الأعمدة واللقاءات والمقالات والتحقيقات لا تسمح بمزيد من الوقت لأن يمارس الصحافي شيئا محببا إلى نفسه (...) ومن ناحية أخرى فإن المغامرات الصحافية لا يمكن أن يعود الصحافي بعدها كما كان في السابق، ولا يستطيع ممارسة العمل الروتيني البسيط في صحيفته بعد عودته، وهذه محنة أواجهها الآن كما يواجهها أولئك الباحثون عن الإثارة والمغامرة».

وتتساءل الموسوي: «مشوار عمره عشرون عاما، وأتساءل اليوم هل اخترته طواعية، أم فرض علي. أعتقد أنني وجدت المهنة مناسبة لشخصيتي، ولو لم تكن كذلك لغادرتها كما غادر الكثيرون بعد تجارب قصيرة أو طويلة، فقد التصقت بي هذه المهنة وصارت جزءا مني».

طرحت مداخلات عدة بعد انتهاء العرض بعضها كان موضوعيا وبعضها كان مجرد محاولات فاشلة لاستفزاز الموسوي، غير انها بقيت محتفظة بتوازنها في الطرح ومؤمنة بقبول كل الآراء فقالت ردا على سؤال: ماذا لو قدمت لك «إسرائيل» تسهيلات لتغطية حوادث فلسطين من طرفها فهل تقبلين مثل ما قبلت دخول العراق مع الجنود الأمريكان؟ فقالت نعم أقبل لكن «إسرائيل» لا تتعامل مع الصحافيين العرب أمثالنا، كما أكدت أنها ستقبل أن يدرس ابنها في الحوزة العلمية ما إذا رغب في ذلك، فقد عودت ابنيها على ممارسة الديمقراطية وقبول الآخر، لكنها عادت وأكدت أن ابنها لن يطلب ذلك مطلقا.

العدد 388 - الأحد 28 سبتمبر 2003م الموافق 02 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً