العدد 2636 - الإثنين 23 نوفمبر 2009م الموافق 06 ذي الحجة 1430هـ

«تحقيق الدفان» توصي بوقف الجرف والردم إلى حين اعتماد «المخطط الاستراتيجي»

اللجنة سلمت الظهراني وثائق تزن 54 كيلو غراما

القضيبية - أماني المسقطي 

23 نوفمبر 2009

أوصت لجنة التحقيق البرلمانية في أعمال الدفان البحري بوقف منح تراخيص عمليات الجرف والدفان في المساحات البحرية باستثناء المشروعات ذات النفع العام والوحدات السكنية غير الاستثمارية، حتى يتم اعتماد المخطط الهيكلي الاستراتيجي التفصيلي لمملكة البحرين من الجهات المختصة، وإنشاء جهاز موحد يختص بإصدار تراخيص الجرف والدفان، وتحديد مساحاتها وكمياتها ومواقعها البحرية، ويتولى مسئولية الرصد والمراقبة والمتابعة لجميع تلك الأعمال أثناء التنفيذ، ويكون تابعا إلى وزارة شئون البلديات والزراعة.

جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته لجنة التحقيق أمس (الإثنين) في مقر المجلس، وكشفت فيه عن توصيات تقريرها الذي سلمته إلى رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني.

كما أوصت اللجنة بالتزام الحكومة بتنفيذ أحكام قانون حماية الشواطئ والسواحل والمنافذ البحرية، الذي يمنع المساس بالسواحل بشكل عام، وتحديد نسبة لا تقل عن 50 في المئة من السواحل التي تدفن للمشروعات الخاصة لاستخدامها سواحل عامة، وبالحفاظ على ما يخصص من مساحات بحرية لحساب الأجيال المقبلة، ومنع المساس بها لغير المنفعة العامة.

وحمَّلت اللجنة الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية مسئولياتها القانونية فيما يتعلق بالموارد البحرية، مطالبة في الوقت نفسه بإشراك المجالس البلدية والجهات ذات العلاقة بحماية البيئة البحرية في قراري جرف ودفان أية منطقة مغمورة.

كما دعت إلى استحداث مبدأ التعويض للموارد البحرية المستنزفة على المتسبب في الإضرار بالبيئة البحرية، وتأسيس الصناديق ذات الصلة بالتعويض وإعادة إعمار البحر وتأهيل بيئته، وخصوصا صندوق تعويض الصيادين وصندوق حماية وتنمية البيئة.

وطالبت بوضع وتفعيل إستراتيجية شاملة للحفاظ على الثروة السمكية وتنميتها في مملكة البحرين من خلال تفعيل ودعم مركز الاستزراع البحري الحالي، وإنشاء شركة مساهمة عامة للاستزراع السمكي وتأهيل الصيادين مهنيّا، والإكثار من الشعاب الصناعية، وزراعة أشجار القرم، والمحافظة على الموائل والفشوت البحرية.

وأكدت اللجنة ضرورة الالتزام بتنفيذ الدليل الإرشادي للجرف البحري واستصلاح الأراضي الساحلية والجزر الصناعية الذي أصدرته وزارة الأشغال، وتحديد مناطق الجرف والدفان، وذلك بإجراء مسح شامل لمواقع الرمال في المياه الإقليمية، لمعرفة كمية ونوعية موارد الرمال في مياه البحرين، وتحديد المواقع المهمة بيولوجيّا للثروة السمكية، وحظر المساس بها، إضافة إلى تحديد المواقع الأقل ضررا على البيئة البحرية والثروة السمكية للتصريح بجرف الرمال منها حصريّا لمشروعات الدفان.

وطالبت بتشديد الرقابة الحكومية على عمليات الجرف والدفان، والاستعانة بشركات استشارية معتمدة لمراقبة تنفيذ جميع الاشتراطات المطلوبة، على أن يتحمل المستثمر كلفتها، وأن يتم بيع الرمال على الجهات الخاصة والحكومية، وذلك باعتبار الرمال ثروة وطنية يجب المحافظة عليها.

كما أكدت ضرورة تنفيذ وتفعيل التشريعات والقوانين والقرارات المنظمة لعمليتي الجرف والدفان، وتحديثها بصورة مستمرة، وتوفير الموازنات اللازمة للجهات الرسمية المعنية لتقوم بالعمل الرقابي على أكمل وجه، وذلك من خلال تعديل كادرها الوظيفي وتوفير الأجهزة الخاصة بعملية المراقبة والمتابعة قبل وأثناء وبعد عمليتي الجرف والدفان.

ودعت اللجنة إلى تفعيل وتنفيذ الإستراتيجية الثالثة من المخطط الهيكلي الاستراتيجي لمملكة البحرين بشأن حفظ ودعم موارد البيئة، وتحديث الخرائط البحرية لمملكة البحرين لتضمين المتغيرات التي طرأت على المساحة الكلية للبحرين، وأن تقوم الحكومة بالرد على التوصيات الواردة في التقرير في مدة لا تتجاوز 3 أشهر من تاريخ إحالته إليها.

وفي هذا الصدد، ذكر رئيس لجنة التحقيق ناصر الفضالة أن اللجنة واجهت معوقات عدم استجابة كثير من الجهات الحكومية، لافتا إلى أن عدد رسائل التذكير إلى الجهات الحكومية بلغت 98 خطابا.

وأشار إلى أن التقرير الذي سلمته اللجنة إلى الظهراني تضمن 98 مرفقا، ويزن في مجموعه 54 كيلو غراما.

وفي رده على سؤال لـ «الوسط» بشأن أسباب عدم تضمين توصيات اللجنة أية مساءلة سياسية لوزير على رغم ما كشفه التقرير من مخالفات في أعمال الدفان، قال الفضالة: «لجان التحقيق ليس من مهماتها توجيه المساءلة السياسية لأي وزير وإنما إجراء التحقيق ومعرفة الملابسات التي تشير إلى الفساد ومواقع الخلل، ومجلس النواب لديه آليات لاتخاذ قراراته بعد ذلك، وإذا ثبت من خلال محاور عمل اللجنة أن هناك خللا أو تقصيرا من وزير، يمكن أن يُستجوب ويتم التحقيق معه في هذا الموضوع».

أما بشأن عدم تضمين مجلس التنمية الاقتصادية في توصيات اللجنة، فقد أكد الفضالة أن اللجنة خاطبت المجلس أثناء عملها للاستفسار عن بعض الأمور، إلا أن رد المجلس على اللجنة كان أنه ليس من حق اللجنة مساءلته لأنه لا يخضع لرقابة مجلس النواب.

وعن موقف اللجنة من مشروع «نورانا»، قال الفضالة: «طلبنا من عضوي اللجنة النائبين السيد جميل كاظم والسيد حيدر الستري ما يملكانه من معلومات بشأن تفاصيل المشروع إلا أنهما لم يزودانا بالمعلومات المطلوبة، وتم الاكتفاء بالتصريح عن المشروع في الصحافة، وأؤكد أنه حتى هذه اللحظة لم أتسلم أي شيء عن المشروع يثبت ما تردد من مخالفات ونوعيتها».

أما مقرر اللجنة النائب حسن الدوسري فأكد أنه تبين للجنة أن ما يدمر البيئة البحرية والثروة السمكية ويهدد مستقبل الأجيال هو دفان الأراضي من دون أن تستغل استغلالا أمثل، وقال: «غالبية الأراضي التي يتم دفنها تذهب إلى القطاع الخاص، ومن ثم يتم القول إن الاستفادة ترجع إلى المواطن بطريق غير مباشر ولكننا لا نعلم كيف تتحقق مثل هذه الاستفادة».

وأضاف «اكتشفت اللجنة بعد التحقيق أن أعمال الجرف تتم لمسافات تصل إلى 3 كيلو مترات، وأينما وجد الرمل الصالح ستذهب معدات الجرف لهذه المنطقة وتجرف الرمال وهو من أخطر الأمور على الثروة البحرية. كما اكتشفت اللجنة أن هناك تقصيرا كبيرا من الجهات التي تراقب عملية ما خصص له، وخصوصا مع تعدد الجهات المعنية بالترخيص، والمتمثلة في وزارة البلديات وهيئة حماية البيئة ووزارة الأشغال، وهو ما يربك عمل الترخيص والمراقبة».

كما أكد أن اللجنة توصلت إلى أن 85 إلى 90 في المئة من أعمال الدفان التي تمت منذ العام 2002 إلى وقت كتابة التقرير تم لأفراد أو مؤسسات خاصة، وكانت في غالبيتها لمشروعات استثمارية، لافتا إلى عدم وجود خطة موضوعة لتخصيص أراض كاحتياط استراتيجي للأجيال المقبلة.

ولفت إلى أن اللجنة اكتشفت أن هناك أراضي بحرية تم دفنها من دون الحصول على ترخيص من الجهات الرسمية أو تم الحصول عليها بعد عمليات الدفان، مشيرا إلى عدم وجود رقابة على أعمال الدفان من جهات رسمية، وإنما الاعتماد على مكاتب أو شركات هندسية للقيام بعملية الرقابة.

وحمل الدوسري الشركات التي تدمر الشعب المرجانية جراء أعمال الدفان مسئولية دفع تعويض لهذا التدمير، وقال: «استنتجت اللجنة أن المستفيد الأكبر من هذا القطاع هو مجموعة من الأفراد ولا يتم تحقيق فائدة كبيرة للنفع العام، كما استنتجت أن الجهات التي تقوم بعمليات الدفن هي القطاع الخاص، حتى فيما يتعلق بالمشروعات الحكومية».

وأضاف «اكتشفنا أن المخطط الهيكلي الاستراتيجي لا يتضمن المناطق التي سيتم دفنها حتى العام 2030».

وأشار إلى أنه بقياس كمية الرمال التي تسحب من البحر جراء أعمال الدفان، يتبين أن المبالغ التي كان يمكن للحكومة الحصول عليها في المقابل تصل إلى المليارات، وهي المبالغ التي كان من الممكن استغلالها لحل مشكلة الإسكان، وفقا للدوسري.

أما عضو اللجنة النائب عبدالعزيز أبل، فقال: «لن نلوم أحدا لأن اللوم لن يفيد لكنه سيعقد الأمور أكثر. ولكننا نأمل أن تستجيب الحكومة للتوصيات الصادرة عن اللجنة، لأن جزءا من وقف الأضرار يتمثل في وقف عمليات الدفان المستمرة».

وتابع «من الواضح أن هناك عشوائية في أعمال الدفان وضياعا في آلية اتخاذ القرار وإعطاء التراخيص، لذلك أوصت اللجنة بتحديد جهاز يختص بإصدار تراخيص الدفان واقترحنا أن يتبع الجهاز وزارة البلديات».

وأشار أبل إلى أن الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية لم توقف أي مشروع تعتقد أنه مضر بالبيئة والحياة الفطرية على رغم أن ذلك يقع ضمن مسئولياتها وإنما اكتفت بدور المراقب.

من جانبه، قال عضو اللجنة إبراهيم بوصندل: إن «الحديث عن الدفان يجبرنا على مناقشة موضوع لا يقل أهمية عن الدفان، وهو عملية خضوع تداول وتوزيع الأراضي لتشريع واضح وخصوصا فيما يتعلق بالأراضي المغمورة».

وتابع أن «عدم وجود تشريع يعني استمرار إعطاء الأراضي واستمرار عملية الدفان، واللجنة رأت إمكان تقديم ذلك بشكل منفصل، إلى أن يصدر هذا التشريع، فالأراضي ثروة وطنية وهي أكبر في قيمتها من الثروات الأخرى، ومشكلتها أنه لا يمكن تعويضها».

وأضاف «اكتشفنا أن دفان البحر ضاع دمه بين القبائل بسبب الفوضى. صحيح أن اللجنة لم توص بمساءلة جهة معينة، لكنها خرجت في النتائج بأن هناك تقصيرا واضحا من جميع الجهات المعنية، وخصوصا في ظل عدم وجود رقابة على كمية الرمال التي يتم تجريفها».

وتوصلت اللجنة إلى أن المساحات البحرية والسواحل التي ردمت منذ العام 2002 حتى الآن وصلت إلى أكثر من 23 كيلومترا مربعا، وأن دفان بعض المناطق البحرية تم من دون الحصول على ترخيص من الجهات ذات العلاقة، كما تبين أن تقديم بعض طلبات الحصول على ترخيص بالدفان تم بعد الانتهاء منه.

وتوصلت إلى أن دفان الأراضي البحرية يتم بالأنقاض والمخلفات الصناعية، ما يسبب أضرارا جسيمة للبيئة البحرية، ناهيك عن عدم وجود كادر كاف لمتابعة عمليات التجريف والدفان والمراقبة في شتى المواقع في مملكة البحرين، وعدم الالتزام بما تنص عليه الدراسات البيئية أثناء تطبيق عمليات الدفان.

وتوصلت اللجنة إلى أن هناك عددا من الآثار السلبية على البحر والبيئة البحرية من أخطرها خسارة البيئات والموائل بشكل نهائي في المناطق التي تم جرفها ودفنها، ما يعود بالأثر السلبي على المجتمع بشكل عام كون المناطق الساحلية هي الأكثر تنوعا وإنتاجا، وعليه انخفض التنوع السمكي من أكثر من 400 نوع إلى أقل من 50 نوعا فقط.

كما تبين للجنة أن الرمال البحرية تسحب من البحر من دون قيمة أو مردود مالي، ما يعد هدرا للمال العام، وضياعا للثروة البحرية، إضافة إلى عدم وجود جهة معينة تختص بإدارة مصادر الرمال المسحوبة من البحر، وعدم وجود تشريع ينظم بيع الرمال المسحوبة من البحر، ما يعد تقصيرا من الدولة تجاه حماية المال العام، إضافة إلى استنزاف الرمال البحرية، ما يؤدي إلى نضوبها.

العدد 2636 - الإثنين 23 نوفمبر 2009م الموافق 06 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً