العدد 2330 - الأربعاء 21 يناير 2009م الموافق 24 محرم 1430هـ

موسوعة ويكيبيديا على شبكة الإنترنت تحدث تحولا وطفرة في مجال الأبحاث

غيرت أكبر موسوعة إلكترونية في العالم، وأكثرها إقبالا وشعبية، الطريقة التي تنتشر بها المعلومات وتستعمل، لكنها لم تسلم من الانتقادات أو الاعتراضات.

يأتي ترتيب ويكيبيديا التي انطلقت في العام 2001 بين المواقع العشرة التي تحتل المرتبة الأولى من حيث الإقبال عليها واستعمالها، وتفخر بأنها كانت تضم في سبتمبر/ أيلول الماضي، أكثر من 13 مليون مقال وبحث في 250 لغة.

ويقول المتحدث باسم مؤسسة ويكيميديا جاي والش، المؤسسة الأم التي أطلقت ويكيبيديا، إن الموسوعة المرجعية على شبكة الإنترنت تعزو نجاحها لكونها أول موسوعة حية.

فمضمونها ومحتواها يبقى في تدفق متحرك دائم نتيجة للمتطوعين المجهولين الذين يكتبون المقالات الجديدة وينقحون مرارا وتكرارا كثيرا من المقالات الموجودة. أما المقالات الموضوعية المرتبطة بأحداث معاصرة فيتم تحديثها بصورة مطردة تقريبا ويعمل في تحديثها مئات الأشخاص، وذلك ضمانا لتعبيرها عن الأحداث الجارية. وقال والش إنه لهذا السبب قوبل كثير من المقالات الجديدة ذات العلاقات بانتخابات 2008 باهتمام فوري كبير بعد نشرها مباشرة.

وقال والش إن المنظمات غير الربحية كانت من أوائل المؤسسات والهيئات التي أدركت فائدة الموسوعة على شبكة الإنترنت. وأضاف أن المؤسسات استطاعت من خلال قدرتها على الاطلاع السريع على القضايا والأماكن المختلفة «أن تغير في أسلوبها الذي كانت تتعامل به مع المشكلات والأوضاع المختلفة».

علاوة على ذلك، تغلغلت ويكيبيديا إلى وسائل الإعلام الرئيسية وغرف الدراسة الجامعية. ويقول البعض إن حجم المعلومات الهائل الذي تضمه الموسوعة وسهولة الوصول إليها يرجحان فائدتها للصحافيين والطلاب الذين يواجهون ضغوط المواعيد النهائية.

غير أن معظم الصحف والمجلات وكثيرا من الجامعات حاولت أن تبعد نفسها عن الموسوعة، فقد منعت الاقتباس عنها أو الاستشهاد بها لأنها تعتبرها مصدرا غير موثوق. ويصفها فيليب بلانشارد المحرر في جريدة واشنطن بوست بأنها «تفاهات». غير أن محررين وكتابا آخرين يستخدمونها كمصدر إرشادي أو خريطة طريق إلى مراجع ومصادر أوثق.

وتعترف ويكيبيديا نفسها بأن مقالاتها ليست تامة وكاملة دائما أو دقيقة مع أنها تقول باستمرار إنها تعمل من أجل زيادة دقة معلوماتها والحيلولة دون التنقيح التخريبي والعمل على حذف المقالات أو المقاطع غير الموثوقة على الأقل.

وقال والش إن لويكيبيديا أحكاما وقواعد متبعة. فهي تستبعد الأبحاث الأصلية الأولية وتعتمد بدلا عن ذلك على المصادر الموثوقة المنشورة، وتتوخى أن تعبر مقالاتها عن وجهة نظر محايدة. وقد التزم المساهمون بالمقالات والمحررون المسجلون الذين يصححون ويزيلون الأخطاء من المقالات في غضون ساعات من نشرها أحيانا التزاما شديدا بهذه القواعد.

أما طلاب الجامعات فكانوا أسرع من الصحافيين في تقبل ويكبيديا. لكن بعض الأساتذة يرفضون السماح للطلاب بالاستشهاد بها في دراساتهم.

فقد صرح الأستاذ المشارك في جامعة ديكن بأستراليا شارمان لكتنتستاين لمجلة «تك وورلد أستراليا» التي تصدر على شبكة الإنترنت بأن اعتماد الطلاب على ويكيبيديا كمصدر رئيسي للبحث «يزيح» ويستبعد المعلومات القيّمة ويخلق جيلا غير قادر على الإفادة من آراء «الخبراء الثقات».

غير أن ويكيبيديا وجدت من يدافع عنها في الوسط الأكاديمي. وتقول صحيفة هارفرد اليومية «هارفرد كريمزون» إن هناك على سبيل المثال أساتذة وزملاء مدرّسين في جامعة هارفرد يدرجونها في مناهجهم الدراسية. وهم يقولون إن بعض مقالات ويكيبيديا مفيدة جدا.

أما العلماء الذين لا يثقون بويكيبيديا فغالبا ما يقولون إن عدم ثقتهم ترجع إلى أن الموقع معرض للأخطاء ويقللون من شأن الخبرة بالقول إنها تعتمد على مساهمات «الهواة».

غير أن هذا الانطباع قد لا يكون صحيحا فعلا. ففي العام 2005 استخلصت المجلة العلمية نيتشر (الطبيعة) من دراسة أجرتها أن ويكيبيديا كانت قريبة في دقتها في مقالات العلوم في ذلك الوقت من موسوعة إنسايكلوبيديا بريتانيكا. ووجد الأستاذ السابق الراحل في جامعة جورج ميسون روي روزنزويغ الذي درّس التاريخ أن عرض ويكيبيديا للتاريخ كان مماثلا في دقة الحقائق لموسوعة مؤسسة مايكروسوفت التجارية المتوفرة على شبكة الإنترنت باسم إنكارتا.

ونشرت مجلة «أميركان جورناليزم رفيو» نقلا عن كاثي ديفيدسون الأستاذة المحاضرة في جامعة دوك في مقالة لها في العام 2008 ما يوحي بأن وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية لا تثق بويكيبيديا لأنها لم تتوصل إلى طريقة بعد للإفادة من الإنترنت لصالحها.

وقال والش إن ويكيبيديا حاولت تشجيع العلماء على الإسهام بعطائهم للموسوعة حرصا على تحسين نوعيتها، وهي محاولة لم تسفر حتى الآن عن كثير من المجندين. وأضاف أن العلماء الذين يعكفون على صقل خبراتهم لا يجدون متسعا من الوقت للكتابة لموسوعة لا تجلب لهم اعترافا أو تكسبهم شهرة. وأوضح أن الخبراء الذين يسهمون بعطائهم لويكيبيديا لا يعلنون عن أنفسهم كخبراء.

يحرص المشرفون على ويكيبيديا على المحافظة على طابعها الفريد وشخصيتها كموسوعة ديمقراطية يستطيع أي شخص، خبيرا كان أم لا، أن يسهم فيها. وصرح جيمي ويلز الذي شارك في إنشاء ويكيبيديا على شبكة الإنترنت لمجلة كرونيكل للتعليم العالي بان ويكيبيديا ترحب بمزيد من الأساتذة طالما أنهم لا يسيئون للمساهمين الآخرين ويقللون من شأنهم.

وهناك موسوعتان أخريان تنافسان ويكيبيديا بشكل مباشر هما ستيزينديوم (Citizendium) التي بدأها لاري سانغر أحد مؤسسي ويكيبيديا، ونول (Knol) التي أنشأتها مؤسسة غوغل. وتعتمد الموسوعتان على الخبراء والمحررين المخضرمين بدلا عن المتحمسين ذوي الاطلاع الجيد.

ويعرب المساهمون في رفد ويكيبيديا بالمعلومات والمقالات عن اعتقادهم بأن الموسوعة القيمة تستمد قوتها من اعتمادها على معرفة الكثيرين بدلا عن الاعتماد على قلة منتخبة. ويقول غريغوري كرين رئيس تحرير مكتبة بيرسيوس الرقمية في جامعة تافت إنهم ربما كانوا على حق. إذ كتب في مقال له في العام 2005 أن قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية وضع خلال فترة 70 عاما وساهم في وضعه آلاف الناس بمن فيهم «سجين في مصحة للمجرمين المجانين»

العدد 2330 - الأربعاء 21 يناير 2009م الموافق 24 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً