العدد 2651 - الثلثاء 08 ديسمبر 2009م الموافق 21 ذي الحجة 1430هـ

عيد الشكر الباكستاني الكبير السمين الذي احتفلْتُ به

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

إذا كانت أعياد الشكر السابقة تشكّل أية إشارة أو مؤشر، نكون قد تغلبنا على غيبوبة الديك الرومي الآن. ولكننا على الأرجح ما زلنا نتعافى من ولائم عيد الأضحى.

هذه السنة، اصطدمت التضحية مع الاستهلاك بالنسبة للمسلمين الأميركيين. تصادف أسوأ أيام التسوق هذه السنة مع عيد الأضحى، وهو واحد من أهم عيدين عند المسلمين. ويقع هذا العيد في اليوم التالي للحج ويستذكر استعداد النبي إبراهيم عليه السلام للتضحية بابنه نزولا عند رغبة الله تعالى (هذه قصة شائعة ومعروفة في الأديان الإبراهيمية). ولأن أعيادنا تختلف مواعيدها حسب التقويم المتبع، لم أواجه هذه الظروف بالذات من قبل.

المعاني الضمنية العملية وراء ذلك، باستثناء التفكير بأقصر مسافة بين المركز التجاري وأقرب مسجد، هو عيدان متتابعان مع الأسر.

تحتفل أسرتي المكوّنة من أفراد كثيري الضجيج يستهلكون الطعام بكثرة، بعيد الشكر على مجال واسع، كما هو الحال في ولاية تكساس: ديكين روميين، الكثير من المواد الكربوهيدراتية والكثير من المقبلات والحلويات. بوجود الأخوة والأخوات وأبناء العم والحمو والحماة، هناك حوالي 30 شخصا.

لا يستحوذ علينا الطعام فحسب، بل هناك الاستحواذ الذاتي، إلى حد ما، حيث أننا ممتلئون زهوا وأفكارا ونكاتا وإشاعات. لا نأخذ أنفسنا على محمل الجد كثيرا ويُعرف عنا أننا لا نناقش الأمور السياسية والدينية بعدل.

أما الدين، فيستحوذ على كل شيء، من النساء اللواتي يلبسن الحجاب إلى هؤلاء اللواتي لا يلبسنه، بل ويُظهرن أذرعتهن العارية، مما يصيب الكثيرين بالصدمة. هناك وعّاظ أصوليون وملحدون غير معلَنون. هناك بعض المحامين في المجموعة، عَمِل أحدهم ضمن فريق عضو جمهوري محافظ في الكونغرس، وآخر كان ضمن وفد الولاية للرئيس الأميركي باراك أوباما. إنها خيمة كبيرة.

ليست الإنجليزية اللغة الأم لبعضنا، وهناك آخرون لا يتكلمون كلمة واحدة باللغة الأردية. يستشهد أحدنا بميرزا غالب، شاعر القرن التاسع عشر الأردي، بحيث لا يفهم نصفنا المعنى الكامل لما قاله، بينما يتصرف آخر وكأنه رجل عصابات. هناك أطفال رضّع وشيوخ وعجائز، عُرِف عنهم جميعا قدرتهم على توزيع الصفعات إذا ما أثيروا.

نعم، كانت هناك خناقات وضغائن أسطورية، استمر بعضها سنوات طويلة. ليست هناك مشروبات كحولية ولكن الشاي انساب بكثرة. لا يمكنك أن تكون خجولا جدا في هذا الجمهور. وكما يعلم من نشأ في أسرة كبيرة، ينشأ لدى الفرد جلد سميك عبر سنوات من التعليقات التي تخضع للرقابة أو مثل تلك المرة التي أخبر فيها أحد أبناء عمومتي فتاة لم تبلغ سن المراهقة بعد أنها لن تجد صبيا يتزوجها. ركضت إلى غرفتي باكية، وضحك الجميع وعايروني لسنوات طويلة على ردة فعلي.

عقد مسجدنا، عندما كنت في الحادية عشرة من عمري، جلسات جدل حول ما إذا كان من المناسب الاحتفال بأعياد مسيحية وعلمانية محددة قبل أكثر من عشرين سنة. عندما جرى هذا الجدل، كان الحضور في مسجدنا من المهاجرين في معظمهم، ولم يكونوا على علم بالتقاليد الأميركية. اتخذْتُ يومها موقف الدفاع الشديد: يتوجب على المسلمين الاحتفال بعيد الشكر. ليس الأمر اهتماما دينيا ملحّا لأي مسلم قابلته في حياتي، إلا أنني أضفت على الموضوع حماسة ودفعة، وكان السبب هو أنني كنت أجادل صبيا كنت معجبة به بشدة بالسّر، واعتبرت أن توجيه صفعة شفوية له أمام الجمهور جميعه هو الطريقة الفضلى لجذب انتباهه. لم تكن تلك إستراتيجية جيدة.

بعد مرور عقدين من الزمان، وبعد أن أصبحت هذه الأسر أكثر ثقافة وقامت بتربية أطفالها هنا، أصبح جدل كهذا مجرد محكمة صورية.

أخبرني مؤخرا ذلك الصبي الذي جادلته أن أسرته احتفلت دائما بعيد الشكر، فهي المناسبة الوحيدة كل سنة التي يجتمع فيها الجميع. يبدو أنها كانت محكمة صورية حتى في ذلك الوقت.

وعندما كبرت واكتشفت عيد الشكر، جعلت منه قضية كبيرة. كنت أجبر الجميع على قول ما هم شاكرون لوجوده. في إحدى السنوات أدخلت لحظة صمت لاستذكار تاريخ السكان الأميركيين الأصليين. تذكّرنا هذه السنة هؤلاء الذين قتلوا في معسكر فورت هود، وهي القاعدة التي تزوجت فيها صديقتي المفضّلة من المدرسة خطيبها، وهو اختصاصي في الجيش، قبل سنوات طويلة.

اختلفت قائمة الطعام في اليوم الذي تلا عيد الشكر هذه السنة، أي يوم عيد الأضحى. بدلا من الديك الرومي كان هناك جدي، وسبانخ بالكاري بدلا من البطاطا الحلوة. استبدلنا فساتيننا بالقميص المطرّز والألبسة التقليدية من جنوب آسيا.

إلا أن روح الجماعة بقيت كما هي: طعام كثير، والكثير من الدراما التي تثير جنونك، والحب العائلي الذي يجعلك مخدرا.

تلك هي قبيلتي: تكساسية باكستانية مسلمة أميركية. تلك هي مناسبتنا الكبيرة السمينة.

* كاتبة عمود في St. Louis Post Dispatch، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2651 - الثلثاء 08 ديسمبر 2009م الموافق 21 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً