العدد 353 - الأحد 24 أغسطس 2003م الموافق 25 جمادى الآخرة 1424هـ

فرقة الولاء الإسلامية: حادث الطائرة ألهمنا... ولا نريد سوى اعتراف رسمي

أجرت الحوار - منصورة عبدالأمير 

24 أغسطس 2003

كزهور الأوركيد البرية التي تزهر على رغم قسوة الظروف المحيطة بها، ومن دون أن تتولاها يد بالرعاية، يولد الفنانون والمبدعون حين تشتد المحن وتضيق حلقة الأيام، يولدون من رحم آلام الأمة ومن خضم معاناتها، وكما تنمو هذه الزهور على رغم كل الجفاف والإهمال، يتألق المتميزون على رغم كل محاولات الإقصاء والتجاهل وعلى رغم كل سهام التجريح والانتقاد. وبالكيفية نفسها التي تضفي بها الزهرة جمالا ليس في الحسبان ويكون خارجا عن نطاق الصورة المحيطة، يقدم هؤلاء إبداعا خارج التوقع، ويعطون من أرواحهم وقلوبهم كل ما تفتقر إليه الحياة حولهم من معاني الحب والأمل ومفاهيم الحياة الأفضل.

فرقة الولاء الإسلامية... أنموذج من نماذج الفن والإبداع البحريني ومثال آخر لما تعاني منه هذه الفئة المغلوبة على أمرها التي تجد نفسها بين مطرقة الأعراف وسندان التجاهل، مجموعة من الشباب المتطلع لغد أفضل، أبدعوا فنا جديدا لم يسبقهم إليه أحد على المستوى المحلي على الأقل، وهو فن الأوبريت الإسلامي، الذي دمجوا فيه فن الأنشودة والموسيقى والمسرح والاستعراض، وهم في نظر أعضاء الفرقة أربعة أشقياء تجمعوا في فن واحد، كل شقي منهم يتضمن كما هائلا من الإبداع فكيف هو الحال حين يجتمعون معا!

ألا يعني الحديث عن الأشقياء الأربعة أن الولاء قد اتخذت لنفسها نهجا جديدا ومسارا شاقا؟

- عادل: الملحوظ انه في الفترة الأخيرة بدأ المسرح الإسلامي يغزو الساحة من خلال عدة فرق مسرحية، وأبدعت هذه الفرق جميعا، بل وتفوق هذا المسرح على غيره من المسارح إلى حد بعيد، وجاء كمحاولة لكسر النمط الفني التقليدي الذي كان مسيطرا منذ سنوات قليلة وهو فن الأنشودة الذي بدأ يفقد رونقه إلى حد ما في السنوات الأخيرة. لكن فن المسرح الإسلامي بدا على رغم كل شيء وكأنه غير قادر تماما على إيصال الفكرة والمضامين بالشكل الأفضل ولهذا أرادت الولاء أن تختط لنفسها مسارا أكثر فاعلية، فجاءت فكرة فن الأوبريت الإسلامي الذي تفتقر إليه الساحة المحلية والخليجية والقادر على إيصال أية رسالة والتعبير عنها بأفضل ما يكون التعبير وذلك لجمعه بين فن التمثيل وفن الإنشاد وغير ذلك من الفنون... لكن هدف فرقة الولاء لم يكن الخروج عن المألوف أو كسر الأنماط التقليدية في التعبير الفني، ولم يكن التميز دافعنا بالدرجة الأولى، لكنه الشعور بثقل المسئولية الملقاة على عاتقنا والإحساس بضرورة إيصالها بالشكل الأفضل والأسرع.

ولكن متى وكيف تكونت فرقتكم؟

- حسين: فرقتنا حديثة الولادة فقد تكونت منذ ثلاث سنوات، وتحديدا في نهايات العام 2000، وذلك بعد أن شاركت في أحد المهرجانات التي أقيمت في منطقة الحورة والذي تنافست فيه مختلف الفرق الإنشادية في البحرين، وشاركنا في عمل استلهمناه من حال الحزن الشديد التي عمت البلاد في أعقاب حادث سقوط طائرة تابعة لشركة طيران الخليج ومقتل جميع ركابها... ففي تلك الفترة اتحدت جميع فئات المجتمع وتعاضدت فيما بينها ووقفت الحكومة مع شعبها وقفة مشرفة قدرها لها الجميع، ولذلك وإحساسا منا بمسئولية المسح على الجروح وتأريخا لهذا الموقف المشرف، قررنا أن نشارك في المهرجان التنافسي بعمل يؤرخ كل تلك الحوادث، فعملنا بجد من أجل هذه المشاركة، وتوقعنا الأفضل، لكن المفاجأة هي أننا فزنا بالمركز الثالث، الأمر الذي كانت له ردود فعل مختلفة أهمها إصدار قرار حاسم بتغيير مسار نشاطات وأعمال الفرقة وهكذا انتقلنا من فن الأنشودة لندخل إلى فن الأوبريت الاستعراضي ولنقدم عمل «قدس جريح» وهو العمل الذي لاقى نجاحا كبيرا وكان له صيت كبير في جميع أنحاء البحرين.

وما الموضوعات التي ركزتم عليها وتناولتموها في أعمالكم؟

- حسين: قدمنا الكثير من الموضوعات في مختلف المجالات فلدينا أعمال تاريخية كأوبريت «دماء الفرات»، ولدينا أعمال وطنية كأوبريت «قسما بترابك يا وطني» الذي قدمناه في ذكرى فوز البحرين بالمرافعات على جزر حوار، ولدينا أعمال سياسية حماسية كأوبريت «معراج الشهداء» الذي قدمناه في ذكرى يوم القدس العالمي وقد عرض في نادي المعامير الثقافي والرياضي، وصممنا له أكبر مسرح غير ثابت إذ بلغت مساحته الإجمالية 36 مترا مربعا واستخدمت فيه تقنيات حديثة ومتطورة، وقد ضم العمل خمس لوحات وشارك فيه أكثر من 55 منشدا وعارضا...

هل تصممون المسرح بأنفسكم؟

- حسين: نعم نصمم مسرحنا بمساعدة مهندس التصميم الخاص بنا والأخ فايز العالي العضو بالفرقة، وهو مسرح مجهز بجميع التقنيات الفنية والتجهيزات الصوتية، كما أن لدينا طاقما فنيا متكاملا يتكون من متخصصين في مجال الإكسسوار، ومتخصص في فن الماكياج، وآخر في فن الديكور، لدينا فني إضاءة وصوتيات ومكساج، وجميع هؤلاء ليسوا أكاديميين ولم يتلقوا تدريبا من أية جهة لكنهم صقلوا معرفتهم وقدراتهم من خلال أعمال الفرقة وإنجازاتها المتعددة. ولدينا أيضا فرع نسائي باسم فرقة بنات الولاء قدم الكثير من الأعمال أهمها أوبريت «الأم» الذي قدم في مهرجان الأنشودة للمرأة الذي أقامته جمعية التوعية الاسلامية، إذ اختير الأوبريت كأفضل عمل نسائي يشارك في ذلك المهرجان، كما أعيد عرضه في المهرجان نفسه بحسب طلب الجمهور، كما قدمت فرقة بنات الولاء بعدها الكثير من الأعمال التي لاقت استحسانا كبيرا لدى مختلف التوجهات النسائية.

وما المساهمات الأخرى لبنات فرقة الولاء في عمل الفرقة ككل؟

- عادل: مساهماتهم في الفرقة كثيرة إذ يساهمن في الإدارة أولا وهذا يعني أن يكون لهن صوت مسموع ورأي محترم في كل ما يتعلق بأعمال الفرقة، إضافة إلى ذلك لدينا الكثير من الأخوات اللائي ساهمن في كتابة بعض الأعمال كالسيدة أحلام الخزاعي التي شاركت في كتابة سيناريو «حلم الطفولة».

وماذا عن تجاوب المجتمع المحلي بمختلف توجهاته مع أعمالكم، وهل تقبل مساركم الجديد؟

- عادل: في بادئ الأمر تلقينا الكثير من الاتهامات والاعتراضات على إدخال عنصري الموسيقى والاستعراض في أعمالنا، إذ لم يجد البعض ذلك أمرا محببا كما أننا اتهمنا بالميوعة، على رغم أننا استندنا في خطوتنا تلك على فتاوى شرعية، هذا بالإضافة إلى الاعتراضات والانتقادات الكثيرة التي وجهت إلينا حين بدأت فرقة بنات الولاء في أعمالها إذ اعترض البعض على اندماج النساء تحت ادارة رجالية!... لكن الحال تغير كثيرا الآن وأصبح الناس يحبون أعمالنا بشكل كبير بل وسارت الكثير من فرق الإنشاد على طريقنا سواء في أسلوب الادارة وتنظيم العمل أو في نوعية الأعمال التي تقدم.

وأضاف عادل: انجازات الفرقة بفرعيها النسائي والرجالي في مجال أعمال الأطفال متميزة، كما ان فرقة الأطفال التي نطلق عليها اسم فرقة براعم الولاء تضم الكثير من القدرات والمواهب الغضة لأطفال قد تقل أعمار بعضهم عن خمسة أعوام لكنهم على رغم ذلك قادرون على اتقان جميع الأدوار وتأديتها بشكل رائع ومتميز بصورة طفولية عفوية، مثال على ذلك أداؤهم في عمل «حلم الطفولة» الذي أدهش الحاضرين ونال اعجابهم، كما حصل على وسام أحسن عمل طفولي للعام 2002، وتم إعادة تقديم هذا العمل في عدد من الاحتفالات والفعاليات.

هل لديكم خطة عمل سنوية؟

- عادل: نعم، تضع فرقة الولاء لنفسها خطة سنوية تحدد فيها الجدول الزمني لأعمالها التي لا تتجاوز العملين في العام الواحد من كل فئة (رجال الولاء، بنات الولاء، براعم الولاء)، وتتنوع موضوعات هذه الأعمال وأفكارها لكنها تنطلق جميعا من هدف واحد وهو نقل رسائل توعية في جميع مجالات الحياة، وتضع الولاء على جدولها لهذا العام الكثير من المشروعات أهمها عمل «ملك النحل» الذي سيعرض قريبا وهو عمل مخصص للأطفال يفترض عرضه في 29 أغسطس/آب الجاري ويقام ضمن فعاليات مهرجان الأنشودة الثاني للأشبال وقام بكتابته كل من شاعر الولاء والسيدتين أحلام الخزاعي وخيرية مفتاح، ولدينا أيضا أوبريت «فلاشات ولائية»، هذا بالإضافة إلى إقامة الدورة الثالثة من مهرجان الولاء للقدس الذي يزمع عقده في ديسمبر/كانون الأول المقبل والذي يتوقع أن تستمر فعالياته لمدة سبعة أيام بدلا من أربعة كما حدث في العام الماضي. وستخصص الليلتين الأولتين في هذا العام لمشاركات فرق الأطفال، بينما ستخصص الليلتين الثالثة والرابعة لمنافسات النساء، أما الفرق الشبابية فستعقد منافساتها في الليلتين الخامسة والسادسة، في حين تخصص الليلة السابعة والأخيرة لاعلان النتائج.

ما مدى استعدادكم لهذا المهرجان؟

- حسين: نعمل بشكل دؤوب من أجل إنجاز هذا العمل بالشكل الأفضل، لكننا نواجه صعوبات كثيرة أهمها الصعوبات المادية، فنحن نحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة لتنظيم المهرجان وفعالياته، في الوقت الذي لا توجد فيه جهة تدعمنا ماديا ما يضطرنا إلى جمع التبرعات أو التبرع من مالنا الخاص.

لكن لماذا لم تحاولوا اللجوء إلى الجهات الرسمية طلبا للدعم المادي أو أي دعم آخر؟

- عادل: فعلا حاولنا ذلك، وكل ما حصلنا عليه هو وعود لم تحقق على أرض الواقع، الإعلام الرسمي يتجاهل أعمالنا على رغم أننا نتمنى فعلا أن نسهم بأعمالنا هذه في رفع اسم البحرين عاليا وتشريفها، لكن مع امكاناتنا المتواضعة ماديا وتجاهل بعض الجهات المعنية التي يفترض بها أن تحتضن المبدعين، لأعمالنا أو لنداءاتنا من أجل الحصول على دعم مالي، حتى ولو كان ذلك عن طريق إعلان فعالياتنا وتغطيتها إعلاميا لن نتمكن من أن نحقق أيا من تلك الأماني الوطنية العظام.

ولدينا مشكلة أخرى أيضا تتعلق بتوافر المكان المناسب لعرض أعمالنا، ففي العام الماضي تعاون معنا وزير التجارة بشكل كبير إذ سمح لنا باستخدام صالة مركز أرض المعارض لاقامة المهرجان أما في هذا العام ومع انشغال الصالة إذ يتزامن موعد المهرجان مع موعد مهرجان الأغنية الوطنية، توجب علينا اللجوء الى صالات أخرى، وفعلا توجهنا برسالة للمؤسسة العامة للشباب والرياضة لتسمح لنا باستخدام احدى منشآتها إلا اننا قوبلنا بالرفض، فلم يتبقَ أمامنا سوى صالات المدارس لكن قرار وزير التربية والتعليم الأخير الذي يقضي بمنع استخدام المسارح المدرسية لأية أنشطة وفعاليات مهما كان نوعها، وقف عائقا في وجه أحد أعمالنا وهو مهرجان الولاء لهذا العام.

هل من كلمة أخيرة؟

- عادل: «نحن في فرقة الولاء نود أن نوجه دعوة صادقة من خلال «الوسط» إلى الجهات الرسمية لتعترف بالفرقة، على الأقل ليتمكن أعضاؤها من خلاله من التحرك على مستوى أكثر رسمية، كما أتوجه بالشكر إلى جميع من قدم أي نوع من الدعم للفرقة في أية فعالية أقامتها والى جميع أعضاء الفرقة وخصوصا شاعر الولاء، الذي يصيغ أفكار جميع أعمال الفرقة والذي يرجع له أعضاؤها الدور الأكبر في نجاحهم وتميز أعمالهم».

التجاهل، وقلة الدعم أو انعدامه، وعدم الاعتراف بالفرقة على الصعيد الرسمي، جميعها عوائق تقف في وجه إبداعات الولاء... لكن أعضاءها مجمعون على مواصلة مسيرتهم الفنية ونشر رسالتهم الإسلامية مهما تكالبت الظروف... وبعد، فإن هموم فرقة الولاء تفتح ملفا طالما تم تجاهله وتجعلنا نرفع تساؤلنا إلى جميع المهتمين بشئون الفن والإبداع عن مصير «الولاء» وان كان سيشبه مصير غيرها من فرق الإبداع التي ولدت ليوئدها الإهمال ولتغرق في ذاكرة النسيان!

- زينب محمد جاسم، المنشدة في فرقة الولاء، والتي لم تتجاوز ربيعها الحادي عشر بعد... صاحبة الأداء المدهش على مستوى إلقاء الشعر أو إنشاده، التي تبدو أصغر بكثير من قدراتها، وجهها يحمل كما كبيرا من البراءة، وعيناها تنطقان بذكاء حاد، وثقة عالية بالنفس. إصرارها على التميز والنجاح وحبها للعمل التطوعي الذي لا تريد من ورائه - كما تقول - سوى رضا الله واثبات موهبتها وتعليم الأطفال الصغار، هو ما دفعها إلى الإنضمام لفرقة الولاء، وعلى رغم سنوات عمرها القليلة فإنها تملك قدرة على التحدث بطلاقة وتملك من الجرأة ما جعلها لا تأبه بأضواء كاميرا المصور بل وتواصل حديثها عن أعمالها مع الفرقة وعن بداياتها في العمل الديني التطوعي إذ بدأت كمنشدة في الاحتفالات الدينية حين كانت في الرابعة من عمرها، ثم التحقت بالولاء منذ بدايات ظهورها. شاركت زينب في العمل الذي قدمته الولاء إلى الأطفال «حلم الطفولة» وهو العمل الذي أحبته كثيرا لأنه - بحسب تعبيرها - يتحدث عن الأطفال وهكذا أحست بقربه من عالمها كما أنها شهدت بعينيها مدى تأثر الناس به واندهاشهم من قدرة الأطفال الصغار على تأديته بشكل رائع، أما عن آخر أعمالها فإن زينب تشارك حاليا في عمل الفرقة الثاني «ملك النحل». تحلم زينب بأن تصبح طبيبة نساء لكنها مع ذلك لن تتخلى عن فرقة الولاء بل ستواصل عطاءاتها ومشاركاتها. كما انها تحمل امتنانا كبيرا للولاء لأنها قدمت إليها كل ما تريده وتتمنى النجاح لجميع أعمالها وان تكون في المقدمة

العدد 353 - الأحد 24 أغسطس 2003م الموافق 25 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً