العدد 396 - الإثنين 06 أكتوبر 2003م الموافق 09 شعبان 1424هـ

سؤال أميركي: هل تستخدمون الانترنت في بلادكم؟

نتحمل الجزء الأكبر من المسئولية

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

كثر الحديث عن طريقة تناول الإعلام الأميركي قضايا الشرق الأوسط وكيف تصور وسائل الإعلام الأميركية العرب والمسلمين وخصوصا بعد ما جرى في 11 سبتمبر/أيلول 2001 الذي أحدث شرخا كبيرا بين الطرفين العربي والأميركي.

كيف يرانا الأميركان الآن، ما الصورة التي يضعونها في خيالهم عن الإنسان العربي والمسلم، أو الإنسان الخليجي لو أردنا التحديد؟ هل ينقل اليهم إعلامهم الصورة الحقيقية عنا، مستوانا المعيشي وحياتنا وحضارتنا وثقافتنا وتطلعاتنا؟

في زيارة أخيرة لمجموعة من المدن في الولايات المتحدة الشهر الماضي استطعت الخروج بمجموعة من النتائج، وبما أن الهدف من الزيارة هو تعريف مجموعة من الصحافيين الشباب في الشرق الأوسط عن وسائل الإعلام الأميركية تسنت زيارة كبريات المؤسسات الإعلامية في الولايات المتحدة والتقاء بعض المسئولين فيها، ودار النقاش طويلا عن هذا الموضوع.

«هل تستخدمون الانترنت في بلادكم؟». سؤال كان من أغرب الأسئلة التي تعرضت لها المجموعة المرافقة في البرنامج، سألنا إياه أحد مسئولي محطة KPFA» الإذاعية في مدينة سان فرانسيسكو، سأله بكل عفوية وكأنه يتحدث عن أحدث الاختراعات في العالم، بعد أن أفقنا من تأثير صدمة السؤال طبعا حاولنا إقناعه بالنسب التي وصل إليها عدد مستخدمي الانترنت في بلادنا، وفي البحرين تحديدا، وحاولنا أن نوضح إليه أن كل فئات المجتمع تستخدم شبكة الانترنت الآن، حتى الأطفال، وبدا لنا كأنه غير مقتنع كليا. وبعد جولة في المحطة الإذاعية وزيارة الأستوديو استرسل المسئول في الشرح عن الأجهزة التي يستخدمونها في المحطة التي انتقلت «أخيرا» من النظام التناظري«Analog» إلى النظام الرقمي «Digital»، وفي النهاية تمنى لنا أن نحذو حذو المحطة في تطورها ونتحول قريبا في محطاتنا إلى النظام الرقمي!

بعد هذه الجملة، أدركنا أن محاولاتنا في تعريفه بأن محطاتنا تستخدم أحدث الأجهزة الرقمية منذ سنوات ستكون عبثا، إذ انها الصورة المتخيلة (stereotype) لمجتمعاتنا في أذهان الكثير من الأميركيين، وتغييرها يتطلب أكثر من مجرد النقاش.

ولا يعزينا كثيرا كون المؤسسات الحكومية الأميركية - وتحديدا المكاتب المخصصة لدراسات «الشرق الأوسط» فيها - تعرف المستوى التكنولوجي الحقيقي في مؤسساتنا، إذ ان الصورة المتخيلة لدى غالبية الشعب الأميركي عنا لاتزال خاطئة.

ولكم أن تتخيلوا الصورة التي تصل إلى مستمعي هذه المحطة والذين يقدرون بعشرات الآلاف عن مجتمعاتنا العربية إذا كان كبير مسئولي المحطة يمتلك هذه الفكرة.

ولا أخفيكم كنت أشعر بالحزن الشديد وأنا هناك - أمثل البحرين وألتقي أشخاصا لم يلتقوا أي بحريني من قبل بل ولم يسمعوا ببلاد في العالم تسمى البحرين- وكل ما يعرفونه عن البلدان الخليجية هو أنها مجموعة من بلاد المسلمين البعيدين عن التكنولوجيا والحضارة، وشعوبهم «متخلفة» وخصوصا في القطاع الإعلامي، وإعلامنا الوحيد موجه من الحكومات فيها. وفي هذا الصدد نقلوا أفكارهم وتحفظاتهم على «قناة الجزيرة» التي اعتبروها طفرة نوعية في إعلامنا العربي في حين اعتقد كثيرون منهم أنها القناة التلفزيونية العربية الوحيدة التي تعرض الأخبار بأسلوب موضوعي، إذ انهم لا يعرفون أية وسيلة إعلامية عربية أخرى مرئية أو مسموعة أو مقروءة.

يحلو للبعض أن يعزو ذلك إلى وسائل الإعلام الأميركية التي صنعت هذه الصورة على مر السنوات، ويحلو للبعض الآخر أن يعزوه إلى النوايا التحريضية من جهات «مجهولة» تريد أن تشوه صورة العرب والمسلمين على غرار «نظرية المؤامرة». ربما يكون كل ذلك صحيحا فعلا، ولكن ألا نتحمل نحن «العرب المسلمين» الجزء الأكبر من المسئولية، وربما كلها. ففي لقاء مع مسئول برامج «شمال افريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا» في مركز الصحافة الأجنبية في وزارة الخارجية الأميركية حدثته عن هذه الفكرة، وأخبرته عن «الاستياء العربي» من الصورة المغلوطة التي يمتلكها الشعب الأميركي عن العرب والمسلمين، فقال: «ليست هذه مسئوليتنا، وليس هذا ذنبنا، المسئولية تقع على عاتقكم أنتم لتحسين صورتكم»، وهنا لم أستطع إلا موافقته، فكم من المرات طرحت فكرة إنشاء وسائل إعلام عربية موجهة إلى الشعوب الغربية باللغة الإنجليزية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من « صورة العربي»، لكنها مجرد أفكار لم تطبق، باستثناء الموقع الإنجليزي لقناة «الجزيرة» على «شبكة الانترنت» والتي على رغم ما تحظى به من « سمعة سيئة» لدى الأمريكان فانهم من أشد المتابعين لهذا الموقع الالكتروني. وما هذه المتابعة الحثيثة منهم لكل ما تعرضه «الجزيرة» على موقعها إلا دليل على أن أي موقع عربي آخر قد يلقى الرواج نفسه في الولايات المتحدة.

وفي النهاية اننا لا نحتاج إلى أن نحسن صورتنا أمام الأميركان، نحتاج إلى أن نعرفهم وجهنا الحقيقي فقط، فهذا يكفينا. ونحتاج قبل ذلك إلى أن نحسن من أنفسنا، وعندها سنفرض صورتنا الحسنة لدى الأميركان وغيرهم من شعوب العالم، وربما حينها فقط لا نتعرض لأسئلة «مهينة» كالسؤال الذي تعرضنا له - ونحن نمثل الصحافيين الشباب في الشرق الأوسط - في تلك المحطة الإذاعية في سان فرانسيسكو

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 396 - الإثنين 06 أكتوبر 2003م الموافق 09 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً