العدد 400 - الجمعة 10 أكتوبر 2003م الموافق 13 شعبان 1424هـ

لكن أحدا في الولايات المتحدة لن يدافع عن الأسد

شارون وجنرالاته يحاولون أن يغيروا مسار الحوادث في منطقة «الشرق الأوسط»

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

في موازاة التهديدات الإسرائيلية بشن مزيد من الاعتداءات على لبنان وسورية، والتوتر المقيم على طول الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة بعد مقتل جندي إسرائيلي وجرح اثنين واستشهاد طفل لبناني وجرح توأمه جراء صاروخ سقط على منزلهما. وفي وقت كرر الرئيس الأميركي جورج بوش على نحو مثير دعمه لـ «حق «إسرائيل» في الدفاع عن نفسها» على رغم الأجواء الأميركية المنتقدة لهذا التوجه الذي عبرت عنه صحيفتا «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» اللتان انتقدتا الاعتداء و«التشنج» الأميركي له.

فاعتبرت الأولى ان بوش اختار تشجيع الغرائز العدوانية لدى شارون... لاحظ ريتشارد كوهين في واشنطن بوست، ان «إسرائيل» بدأت تخسر... «إسرائيل» قصفت سورية الآن فمَن سيكون الهدف المقبل؟ هل هي إيران؟... معتبرا ان ما تتبعه تل أبيب لم يعد استراتيجيا وإنما هي تعيش حال هياج وهذا ما يتسبب بتدهور الأوضاع الداخلية الإسرائيلية.. تمدد المستوطنات أو تقلصها يؤثر بشكل كبير على ازدياد نسبة الفوضى عند الإسرائيليين أو انحسارها. وذكّرت منظمة حقائق الشرق الأوسط من على موقعها على الإنترنت انه قبل شن الهجوم على سوريا، كانت منظمة حقائق الشرق الأوسط (Mid-East Realities Organization) قد حذّرت في نهاية الأسبوع الماضي من ان آرييل شارون، والموساد الإسرائيلي كانا يحاولان جاهدين الحصول على حجة لشن حرب إقليمية جديدة. وأضافت المنظمة ان شارون، وجنرالاته يحاولون في الفترة الراهنة أن يغيروا مسار الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، بشكل يسمح لهم، بالتعاون مع الولايات المتحدة، بأن يجبروا سورية، على الاستسلام وبأن يوجهوا ضربات إلى المنشآت النووية الإيرانية في حال رفضت إيران، الرضوخ للمطالب الأميركية والدولية. ولم ينس تقرير المنظمة أن يسجل ملاحظته من ان العرب في هذه الفترة التاريخية الحساسة في حالة لا سابق لها من الضعف والارتباك والعجز وهذا مرده ليس إلى سياسات «إسرائيل» والولايات المتحدة في المنطقة العربية فحسب بل أيضا بسبب عجز الأنظمة العربية و«فسادها» مشيرة تحديدا إلى كل مصر والمملكة العربية السعودية وسورية والمملكة الأردنية. وتابعت قائلة ان القوة العسكرية والاقتصادية للدول العربية جمعاء لا تساوي سوى جزء بسيط من قوة «إسرائيل» التي تستمدها من الراعي الأعظم أي الولايات المتحدة. إلى ذلك كشفت المنظمة ان إيران ومنشآتها النووية وقوتها العسكرية الآخذة في الارتفاع تشكل أولى أولويات «إسرائيل»، اليوم وهي مدرجة على رأس أجندة المسئولين الإسرائيليين الذين يقومون بزيارات إلى البيت الأبيض ومجلس الأمن. وأشارت في هذا السياق إلى ان أولى بوادر التركيز الإسرائيلي على توجيه ضربة إلى إيران، هو ما أعلنه شارون، يوما من ان «بعد العراق، يجب أن تأتي إيران». وأضافت ان الرسائل الإسرائيلية إلى إيران، استمرت من جانب المسئولين الإسرائيليين خصوصا وزير الخارجية سيلفان شالوم، الذي طالب المجتمع الدولي أكثر من مرة بوضع حد لبرنامج إيران النووي، ورئيس هيئة الأركان موشيه يعالون، الذي حذر من انه في حال فشلت الطرق الدبلوماسية عن ردع إيران، عن مطامحها النووية فإن لدى «إسرائيل» وسائلها الخاصة لتحقيق ذلك. وخلصت إلى القول انه مع الوجود الأميركي في قلب العالم العربي، ومع تعاون عدد من الدول العربية مع الولايات المتحدة في العراق، تبدو الخطوة الإسرائيلية التالية واضحة وتتمثل، على حد قول المنظمة، بأن يواصل شارون، خلق أعذار للأطراف الأخرى في النزاع بشن ما أسمتها «اعتداءات» جديدة على «إسرائيل» التي يزداد احتلالها للأراضي الفلسطينية وحشية يوما بعد يوم. وبانتظار اللحظة المناسبة ستوجه «إسرائيل» ضربتها بالتعاون مع الولايات المتحدة إلى إيران، مرجحة أن ينفي البيت الأبيض علمه بالخطط الإسرائيلية. وختمت بالقول ان الخيار العسكري ضد إيران، مطروح اليوم على طاولة البحث في «إسرائيل»، لا سيما بعد فشل الولايات المتحدة، في قلب النظام الحالي في إيران.

لاحظ ريتشارد كوهين في واشنطن بوست، انه في الحرب المستمرة ضد «إسرائيل»، فإن أعداءها هم من يربحون في الحقيقة. فالاقتصاد الإسرائيلي في وضع سيء. كما انه لم يعد في الاراضي الإسرائيلية أي مكان آمن. فالجميع يخشون وجود انتحاري فلسطيني في حافلة لنقل الركاب أو في مطعم، أو في أي مكان. وقال انه لا يلوم «إسرائيل» أبدا على اغتيال قادة «حماس» والجهاد وغيرها من المنظمات الفلسطينية. كما انه لا يلومها على محو آثار منازل منفذي العمليات الانتحارية. ولفت إلى ان لدى «إسرائيل» عقبة كبيرة هي الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات المحاصر في مقره وقد تعمد إلى طرده أو قتله. كما أشار كوهين إلى الغارة الإسرائيلية الأخيرة على سورية. لكنه أكد ان كل ما قامت به الدولة العبرية حتى الآن من إجراءات لم يؤمن لها لا الأمن ولا السلام. ولاحظ كوهين، ان «إسرائيل» بدأت تخسر. وسأل: «إسرائيل» قصفت سورية الآن، فمَن سيكون الهدف المقبل؟ هل هي إيران؟ وأكد ان ما تتبعه تل أبيب لم يعد استراتيجيا، وإنما هي تعيش حال هيجان وهذا ما يتسبب بتدهور الأوضاع الداخلية الإسرائيلية. مشددا على ضرورة أن تعود «إسرائيل»، إلى حدود الـ67، وأن تفكك المستوطنات لأن الاحتلال يتسبب بانتشار الفساد ويصبح على المدى الطويل أمرا مستحيلا. وأكد ان تمدد المستوطنات أو تقلصها يؤثر بشكل كبير على ازدياد نسبة الفوضى عند الإسرائيليين أو انحسارها.

من جانبها، الصحف الاسرائيلية تساءلت عن المنطق الذي يقف وراء العدوان على سورية، لكن من دون أن يصل الأمر إلى حد اعتبار الغارة غير مشروعة. واعتبر جدعون ساميت في هآرتس، ان الانتقادات الإسرائيلية الواسعة للضربة على سورية، كانت متوقعة لا سيما من أولئك الذين لم يحركوا ساكنا تجاه سياسة الاغتيالات والإغلاق والحواجز وتفجير المنازل وغير ذلك من البنود المدرجة على جدول أعمال الحكومة الأمنية المصغرة. وأكد ساميت، ان الضربة على سورية كان لها بعض الفوائد كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان ولكنه استدرك ان الضربة لها سيئة واحدة متمثلة في ان من قام بها هو شارون، القائد الذي لا يمكن الاعتماد عليه. وتابع ساميت، دفاعه عن الغارة على سورية، بالقول ان دمشق، كانت تحتاج لمثل هذه «الضربة الصغيرة» لأنها لطالما سخرت من المطالب الدولية والأميركية لها بوقف دعم «الإرهاب». وأضاف ان الضربة كانت ترمي إلى استعراض قوة للدولة العبرية. لافتا إلى انها كانت أكثر إرعابا من إسقاط قنبلة تزن طنا فوق نشطاء من حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي». وتابع قائلا انه يجب ألاّ ينسى أحد ان الضربة حصلت في الوقت الذي كان فيه آلاف الإسرائيليين يتذكرون موتاهم الذين سقطوا على يد النظام الذي تسبب بموتهم قبل 30 عاما. غير ان ساميت، شدد على أن ينظر إلى الضربة من منظار آخر يصل مداه إلى إيران على حد تعبيره، مؤكدا ان الخطر الحقيقي الذي يهدد «إسرائيل»، يتخطى الحدود الإسرائيلية ويمر بسورية ليصل إلى إيران. وأوضح ان الخطر يتأتى أولا من الصواريخ وأسلحة الدمار الشامل السورية التي تجعل من الضربة الإسرائيلية ذات مغزى. أما الخطر الثاني والأهم برأي ساميت، هو إيران، التي يدرك العالم بأسره وليس فقط «إسرائيل»، مدى الخطر الذي يشكله برنامجها النووي على كل دول العالم بما فيها «إسرائيل». من هذا المنطلق رأى ساميت، ان الائتلاف الدولي ضد الخطر الإيراني هو ما يجعل الخطوة الإسرائيلية ضد سورية، تثير قلق الكثيرين من زعماء العالم. إلاّ ان ساميت، عاد وأكد في ختام مقالته ان الضربة على سورية، قد تكون جزءا من استراتيجيا إقليمية لزعيم قد أرضى غرائزه الخطيرة في أكثر من مناسبة. ورأى عمير كاهن في معاريف ان الغارة الإسرائيلية على سورية، لم تحقق هدفها ولن تدفع الرئيس السوري بشار الأسد، إلى تغيير سياسته. وقال انه بما ان «إسرائيل» ليست في وارد تعبئة قواتها على الحدود مع سورية، فإن غارة سلاح الجو لن تحقق الهدف الذي استطاع تحقيقه الجيش التركي مطلع التسعينات عندما تصاعد النشاط الكردي المعادي له انطلاقا من الأراضي السورية. وأضاف ان الرد السريع لـ»حزب الله»، بعد يوم من الغارة لم يفاجئ أحدا، فسورية تحتفظ بلبنان تحديدا لمثل هذه الأوضاع: أي لإدارة القتال مع «إسرائيل» على أراض غير سورية. وتناول عمير دفسغورت في «معاريف» احتمال اشتعال الوضع على الحدود الشمالية بعد حوادث إطلاق النار التي شهدتها الحدود مع لبنان. ورأى ان التخوف مما قد يجري في حال استخدم حزب الله شبكة صواريخه هو بالضبط الرسالة التي أراد الرئيس الأسد إرسالها بواسطة إطلاق النار الذي قتل جنديا من لواء غولاني. ورسالته هي إذا واصلت «إسرائيل» مهاجمتنا فستدفع الثمن. والثمن سيكون بالنسبة إليه ليس بواسطة الهجوم على الجنود الإسرائيليين وإنما بقصف المستوطنات حيث قد تكون حيفا أيضا في خط النار. وفي رأي الكاتب العبري، ان الوضع سيعود إلى ما كان عليه إلاّ في حال قررت سورية عدم إغلاق مكاتب المنظمات «الإرهابية»، أو قررت «إسرائيل» دفع الثمن المطلوب في الشمال من أجل تعليم الأسد درسا لن ينساه ألا وهو من الطرف الأقوى في المنطقة. من جهته، تحدث ناتان غوتمان في هآرتس عن الموقف الأميركي من الغارة الإسرائيلية على سورية. ورأى ان هذه الغارة التي حدثت من دون تنسيق مع الأميركيين أو إعلامهم بصورة مسبقة، لم تغضب الكثيرين في واشنطن. فالإدارة غاضبة على السوريين حتى لو ان سبب غضبهم ليس مكاتب «الجهاد الإسلامي» هناك. مؤكدا ان أحدا في الولايات المتحدة لن يدافع عن الأسد

العدد 400 - الجمعة 10 أكتوبر 2003م الموافق 13 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً