العدد 413 - الخميس 23 أكتوبر 2003م الموافق 26 شعبان 1424هـ

أمركة وفرنسة

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

لاشك ان الجدية والدعاية التي تروج لهما السياسة الاميركية في مسألة تبني إعلام ناطق باللغة العربية موجه الى شعوب المنطقة «المستغلبة» هو نهج كانت تخطط له منذ زمن طويل، وخصوصا في ظل تضاعف وتنامي غضب الشارع العربي ازاء السياسات الاميركية في الشرق الاوسط.

وحقيقة، إن ما دفع واشنطن الى خلق جانب الحفز لمؤسساتها الاعلامية عبر فتح الباب لاعلام اميركي ناطق بالعربية قد جاء بهدف توجيه الرأي العام في المنطقة العربية بل وامركته سياسيا مع مرور الزمن بحيث يصبح اكثر تأييد لسياسة واشنطن.

هذه التوجهات جاءت بعد ان سئم ساسة البيت الابيض الغليان المستمر الذي تطلقه الشعوب العربية بين الفينة والاخرى في شوارع عواصمها او عبر اعلامها او غير ذلك ازاء ما يحدث من انتهاكات في كل من فلسطين والعراق المحتلين وازاء التحيز السياسي الذي تحيطه واشنطن بـ «اسرائيل» في ظل التخاذل المستمر للعرب.

كل ذلك يدفع «الساسة البيض» إلى وصف ما يدور في الشارع العربي بأنه «تطرف» لابد من القضاء عليه، ولكنه في واقع الامر حقيقة مرة وغضب ساخط لا يمكن ان تتجاهله شعوب مقهورة كالشعوب العربية.

ففي دراسة مثيرة اجرتها أخيرا مؤسسة «نيلسن» الاميركية ووزعت على اثرها في الصحافة العربية عن اذاعة «سوا» التي تبث في دول الخليج والاردن ومصر اشارت الى ان 5737 من البالغين في مصر والاردن ودولة الامارات العربية المتحدة وقطر والكويت اقروا بأن «سوا» حققت اختراقا في السوق التي تشكل هدفها من المستمعين الشباب ما بين الخامسة عشرة والتاسعة والعشرين. إذ وصلت نسبتهم حتى الآن إلى 42 في المئة بينما 75,7 في المئة وصفوا اخبار «سوا» بالموثوقة جدا!

لا ندري ان كانت هذه النسب دقيقة او مبالغا فيها بعض الشيء لهذه الاذاعة الموجهة بالدرجة الاولى الى الشباب العربي إلا ان استقطاب هذه الشريحة من خلال الاغاني والموسيقى التي هي اكثر شيء يجذبهم وحتى يوحدهم كما حدث في برنامج «سوبر ستار» العرب... هي في الحقيقة اسهل الطرق لاختراق العقل العربي الشاب.

الشباب العربي اليوم نجده بائسا ومحبطا بسبب السياسة والاقتصاد المتردي ما يدفعه الى التشبث بجزئيتين هما الفن والموسيقى او التطرف بكل اشكاله وتجنب أي جانب للتنفيس او الترفيه.

وهنا نتساءل: اذا نجح اسلوب «سوا» في العالم العربي فمعناه ان الاعلام العربي لايزال مقصرا تجاه فئة الشباب، وهو ما دفع ايضا واشنطن الى التحفيز لفتح فضائية اميركية ناطقة بالعربية مع نهاية العام الجاري موجهة الى المنطقة العربية إذ يتوقع لها ان تستقطب 170 مليون مشاهد.

في الوقت نفسه نجد سياسة باريس تتسابق في هذا الجانب مع واشنطن عبر الاعلان والترتيب لفضائية فرنسية ناطقة بالعربية تنطلق في سبتمبر/ايلول المقبل.

مع كل ذلك يبدو ان السياسة الاعلامية لن تقتصر على «أمركة» اجيال الخليج تحديدا بل ايضا على «فرنستها»... فكلا الجانبين يريد ان يعزز مفاهيمه وسياسته وثقافته من خلال وسائل اعلامه، ولكن بصورة وصوت عربيين... فهل تتحقق اهدافهم ومآربهم، وهل تنجح الامبريالية في المنطقة عبر ذلك...؟

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 413 - الخميس 23 أكتوبر 2003م الموافق 26 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً