العدد 2657 - الإثنين 14 ديسمبر 2009م الموافق 27 ذي الحجة 1430هـ

بلير يُدشِّن عصرا جديدا للميكيافلية

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

أقر رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير بأنه كان سيغزو العراق حتى لو لم تتوافر أدلة عن أسلحة الدمار الشامل، وأنه كان على استعداد للبحث عن سبيل آخر لتبرير الحرب أمام البرلمان والرأي العام.

الهدف كان عند بلير (حسب تصريحه) هو غزو العراق أما الوسيلة فهي «البحث عن أي مبرر للحرب».

المعروف عن بلير حنكته السياسية ومقدرته على إقناع مستمعيه، وتشهد على ذلك خطاباته قبل احتلال العراق وبعده، ومستوى دفاعه عن قراره بخوض الغزو الذي راح ضحيته نحو 200 عسكري ومدني بريطاني، لذلك فإن تصريحه الأخير لا يمكن أن يعد ضمن زلات لسان السياسيين بقدر ما يعبر عن منهج راسخ بدأت تصطبغ به أنظمة سياسية غربية عديدة، وهو مبدأ المفكر والفيلسوف الإيطالي الشهير نيكولو ميكيافلي: «الغاية تبرر الوسيلة».

ولمن لا يعرف ميكيافلي عليه قراءة من تأثروا به من القادة والحكام في العالم، حيث يقال إن الزعيم النازي الألماني هتلر كان يحمل كتاب ميكيافلي «الأمير» الذي وردت فيه معظم مبادئ هذا الفيلسوف إلى جانبه وإنه كان يعيد قراءة قسم منه قبل النوم في كل ليلة، أما الزعيم الإيطالي الفاشي موسوليني فقد كتب رسالة عن كتاب «الأمير» نال بها درجة الدكتوراه، وقد سبق هذين الزعيمين المعاصرين حكام أوروبيون كثر عاشوا في عصر النهضة منهم الملك الإسباني شارل الأول الذي كان يشجع توزيع كتاب «الأمير» في إسبانيا، فيما عثر على الكتاب في جيب كلٍّ من هنري الثالث وهنري الرابع ملكي فرنسا عند قتلهما.

لقد مثّل مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة» منذ نشره بعد وفاة مؤلفه بخمس سنوات انحطاطا سياسيا في إدارة الحكم عند الأنظمة الديمقراطية في العالم؛ لأنه كان يُعَدُّ بداية ترسيخ الحكم المطلق لأي حاكم، وكان يمثل إهانة للسياسي عندما يتهم بأنه ميكيافلي المبدأ، برغم إيمان العديد من الحكام بمبادئ ميكيافلي دون الإعلان عن ذلك.

بلير أعلن عن حقيقة أنه ذهب إلى غزو العراق بطريقة ميكيافلية، وهو عندما يعلن ذلك صراحة يكون قد دشن عصرا جديدا لهذا المبدأ الذي يتعارض مع مبادئ الشفافية في إدارة الحكم، لكن قد يبدو السؤال الأكبر: من هم الميكيافليون الذين لم يكشفوا عن وجوههم حتى الآن؟

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 2657 - الإثنين 14 ديسمبر 2009م الموافق 27 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً