العدد 2662 - السبت 19 ديسمبر 2009م الموافق 02 محرم 1431هـ

الذرة مفيد للصحة وللحد من ظاهرة الاحتباس الحراري

لاجئ مسن من بوروندي يطبخ حساء الذرة في مقاطقة كيبوندو شمال غرب تانزانيا تناول كميات أقل من اللحوم وامتلاك قطعان أصغر من الماشية والتحوُّل إلى استخدام مواقد أكثر كفاءة وأقل تلويثا للبيئة وتطوير نظم نقل عام أكثر استدامة هي أمثلة على بعض التغييرات في أنماط الحياة والحلول التقنية التي يمكن أن تنقذ حياة ملايين الأشخاص والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

هذه الرسالة هي مضمون سلسلة من الدراسات التي نشرها مجموعة من العلماء في المجلة الطبية البريطانية المرموقة «ذا لانسيت»، لدعم قضية الصحة في مؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ الذي سيعقد في كوبنهاغن ابتداء من 7 ديسمبر/ كانون الأول 2009.

وتركز كل دراسة على أحد القطاعات الذي يحتاج إلى تخفيض انبعاث الغازات الدفيئة، بما في ذلك الاستخدام المنزلي والطاقة والنقل البري في المناطق الحضرية وتوليد الكهرباء والغذاء والزراعة. كما استعرضت الدراسات التأثير قصير المدى للملوثات المسببة للاحتباس الحراري التي تنتجها عدة قطاعات على الصحة.

ويبقى الحد من الوفيات التي يمكن تجنبها هو الهدف الرئيسي إذ يموت مليونا شخص بسبب تلوث الهواء داخل المباني كل عام بالإضافة إلى 1.2 مليون يلقون حتفهم بسبب تلوث الهواء الخارجي و1.3 مليون بسبب إصابات ناتجة عن حوادث المرور على الطرقات.

كما تفحّصت كل دراسة الآثار الصحية المترتبة على إجراءات الحد من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات الدفيئة في البلدان المرتفعة الدخل والبلدان ذات الدخل المنخفض أيضا. وتستعرض الدراسات حلولا بسيطة مثل توفير طاقة أكثر نظافة للاستخدام المنزلي للفقراء ورفع مستوى اللياقة البدنية لحوالي 3.2 مليون شخص يموتون سنويا نتيجة للخمول البدني، كما أفاد دياميد كامبل لندرم، وهو عالم يعمل لدى منظمة الصحة العالمية وساهم في إعداد الدراسات، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

من جهته قال مايك غيل من جامعة سوراي، والمؤلف المشارك للدراسة الذي حثّ الأطباء على مناقشة تغير المناخ مع المرضى: «لا يمكننا أن نبقى متفرجين نحن الخبراء في مجال الصحة».

وقال غيل والمؤلف المشارك روبن ستوت: «لدينا أدلة وهي أمر جيد يحدث تحولات هائلة في العدسة التي ينظر من خلالها إلى تغير المناخ. كما أننا نتمتع بثقة الناس».

بول ويلكينسون من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، هو المؤلف الرئيسي لدراسة تشير إلى أن واحدة من أكثر الطرق فعالية من حيث التكلفة للربط بين المناخ والصحة هي تنفيذ البرامج الوطنية التي توفر تكنولوجيا أفران منخفضة الانبعاثات لحرق وقود الكتلة الحيوية المحلي في البلدان الفقيرة وهو ما من شأنه أن يمنع ملايين الوفيات المبكرة.

وقال ويلكنسون لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن «تقنية مواقد طهي أنظف تعني إمكانية حرق نفس الوقود بقدر أكبر من الكفاءة، مع تعرض أقل بكثير لتلوث الجسيمات في الهواء في الأماكن المغلقة. وهذا لا يضيف إلى تكلفة الوقود، ولكنه يشمل تكلفة الموقد نفسه، التي تبلغ نحو 50 دولارا، ويمكن أن تكون مدعومة بطبيعة الحال».

وأضاف: «قد تكون هناك فوائد إضافية للحصول على الكهرباء أو غيرها من موارد الطاقة النظيفة مقارنة بحرق وقود الكتلة الحيوية غير المكتمل] ولكن تحديد التكاليف والآثار يعد أكثر تعقيدا».

وأوصى غيل وستوت بإنشاء صندوق تنمية تقنيات منخفضة الكربون لا يقل حجمه عن 150 مليار دولار لمساعدة البلدان النامية على تنفيذ بعض استراتيجيات الطاقة النظيفة.

لدينا أدلة وهي أمر جيد يحدث تحولات هائلة في العدسة التي ينظر من خلالها إلى تغير المناخ ويمكن تدبير الأموال عن طريق فرض ضريبة قدرها خمسة دولارات على كل برميل من العشرين مليار برميل من النفط الذي تستهلكه الدول الثلاثون الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كل عام، وفرض ضريبة على تذاكر الطيران.

تناول كميات أقل من اللحوم

ويساهم قطاع الأغذية والزراعة بـ 10 إلى 12 في المئة من مجموع انبعاث الغازات الدفيئة في جميع أنحاء العالم، كما أفاد شارون فريل، من الجامعة الوطنية الأسترالية وألان دانغور، من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، في دراسة تدعو الى خفض الإنتاج الحيواني بنسبة 30 في المئة. وأوضح الخبيران أن هذا من شأنه أن يخفض الانبعاثات بينما سيؤدي استهلاك كميات أقل من الدهون الحيوانية المشبعة إلى تحسين الصحة.

وأشار فريل ودانغور أنه «بحلول العام 2030، سيرتفع الطلب على اللحوم، خاصة في البلدان ذات الاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية، ومن المتوقع أن يزداد الإنتاج الحيواني بنسبة 85 في المئة عن مستويات العام 2000، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادات كبيرة في الانبعاثات».

ومع ذلك، فإن مزايا خفض الإنتاج الغذائي الحيواني المصدر لا تنطبق إلا في البلدان التي ترتفع فيها مستويات الإنتاج، فما زال إنتاج الثروة الحيوانية واستهلاك المنتجات الحيوانية والانبعاثات المرتبطة بها منخفض نسبيا في كثير من البلدان ذات الدخل المنخفض. وأضاف فريل ودانغور أن «التحدي القائم في مجال الصحة العامة هو ضمان الحصول على وجبة كافية من حيث الكم والنوع لجميع السكان».

وعلى الصعيد العالمي، زاد إنتاج الطاقة والدهون والبروتينات والمغذيات الدقيقة للفرد الواحد، وكان ذلك كافيا لتلبية احتياجات الجميع. ومع ذلك يعاني ما يقرب من مليار شخص من نقص التغذية بالبروتين والطاقة، ومعظمهم أيضا يعانون من نقص التغذية بالمغذيات الدقيقة والمعادن مثل الحديد والزنك، وفقا لفريل ودانغور.

واقترح اندرو هينز، مدير كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، أنه «بالنظر إلى تريليونات الدولارات التي يحتمل أن تنفق على تخفيف انبعاث الغازات الدفيئة في العقود المقبلة، ستكون الموارد الصغيرة نسبيا اللازمة لتوجيه الاستثمارات نحو مسارات تجعل العالم أقرب إلى تحقيق أهدافه في مجالي الصحة والمناخ أموالا أنفقت في مكانها الصحيح»

العدد 2662 - السبت 19 ديسمبر 2009م الموافق 02 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً