العدد 2664 - الإثنين 21 ديسمبر 2009م الموافق 04 محرم 1431هـ

ثلاثة شركاء في جريمة المعامير

جريمة المعامير في كوبنهاغن

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كل الشكر والتقدير للرجل المعاميري الشهم محمد جواد، الذي حمل قريته الصغيرة المنكوبة على ظهره وذهب بها إلى كوبنهاغن لمخاطبة الرأي العام.

الشاب الذي لم تمحُ لحيته البيضاء ملامح وجهه الشبابية، كان دائم المشاركة في أية أنشطة بيئية عامة، ليتكلم عن مأساة قريته المنكوبة.

المعامير تقف شاهدا حيا على سوء التخطيط وغياب الاستراتيجية الواضحة في التنمية. ربما كان لنا عذر فيما مضى حين لم يكن هناك وعي بيئي، أما اليوم فالمفترض أن تتم مراجعة السياسات بحيث توضع الاشتراطات الصحية على رأس الأولويات.

المعامير تعاني منذ سنوات وسنوات، مما تنفثه المصانع من أدخنة وسموم وغازات، وسجّلت نسبة عالية من الوفيات بسبب الإصابة بالسرطان وأمراض الجهاز التنفسي. وفي السنوات الأخيرة شهدت القرية حركة احتجاج هادئة لتدارك ما يمكن تداركه، فنظّموا احتفالات على السواحل وأوصلوا أصواتهم للصحافة المحلية، بل وأنتج بعض شبابهم فيلما يكشف حجم الكارثة، ولكن قوبل كل ذلك بالتجاهل والتصامم والإهمال.

الأخطر من ذلك ان الجهات الرسمية بدل أن تفكّر في البحث عن علاجاتٍ لقرية منكوبة يسكنها أكثر من ستة آلاف نسمة، كانت تحاول التغطية على الخلل. وحين رصد الناشطون البيئيون وجود ارتفاع كبير في الوفيات بسبب حالات السرطان، تولّت وزيرة الصحة آنذاك (ندى حفاظ) الهجوم المضاد، وكانت النتيجة استمرار تفاقم الوضع الصحي، وزيادة حالات التشوه الخلقي والتخلف العقلي وإجهاض الحوامل.

في فترة لاحقة، حاولت إحدى الشركات المتسببة بالتلوث، ترضية الأهالي بتقديم مبالغ نقدية تافهة جدا لبعض مؤسسات القرية، وكتبتُ حينها ناصحا بعدم قبول هذه الرشوة، ولكنها قُبلت للأسف الشديد. فوزارة الصحة والمصانع الملوِّثة للبيئة وبعض مؤسسات المجتمع... كلها شركاء في استمرار هذه الجريمة بحق الأرض والانسان.

الصحافة تطرقت لهذا الموضوع مرارا وتكرارا. ذهبنا للمعامير والتقينا بالأهالي، وكتبنا من هناك مقالات ونحن نستنشق الغازات الخانقة التي تلوّن مساءات المعامير بلون الضباب. انتقدنا حينها رد وزيرة الصحة السابقة في البرلمان الذي ينمّ عن استهتار بأرواح المواطنين.

المعاميريون وهم يرون العشرات من أبنائهم يسلمون الروح في سن مبكرة، ويشاهدون تزايد حالات الاجهاض بين نسائهم، والتشوه بين مواليدهم الجدد، لم يستسلموا ولم يتوقفوا عن رفع أصواتهم بالاحتجاج. آخر هذه الأصوات صوت محمد جواد، الذي تحمل أعباء السفر إلى كوبنهاغن، ليروي للعالم في قمة المناخ، معاناة قرية منسية، يطحنها الإهمال والتجاهل الرسمي، وجشع مدراء الشركات المندحقي البطون، وقلة وعي بعض مؤسسات المجتمع التي يجري استغفالها ورشوتها بالقليل من الفتات.

كل التحية والتقدير للرجل الشهم الذي ذهب إلى الدنمارك ليعزف على العود، حاكيا عن قصة القتل غير الرحيم، الذي يتعرّض له أهل قريته على يد المصانع الرأسمالية والورش الصناعية المقامة على أرض تملكها الدولة.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2664 - الإثنين 21 ديسمبر 2009م الموافق 04 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 1:00 ص

      ماقصر الاخ

      يعطيه العافية

    • زائر 14 | 2:52 م

      استقبال شعبي

      كل المعامير تقف معك يا أبو جاسم.. يا من حملت هم المعامير معك إلى قمة الكوبنهاجن
      وسيعود هذا المناضل البطل محمد جواد إلى أرض الوطن قريبا وعلينا أن نعمل له استقبالاً شعبياً في المطار. فلك كل الشكر والتقدير

    • زائر 13 | 7:32 ص

      ليسوا ثلاثة بل أكثر

      استاذي قاسم حسين،،،
      الشركاء في الجريمة ليسوا ثلاثة بل اكثر،، منهم جمعية الوفاق (لخضوع المنطقة الى دائرة نفوذها)، جمعيات البيئة، ولجنة البيئة والحماية الفطرية الحكومية.
      فمن اجل بعض القضايا الهامشية بالنسبة لحياة البشر تقوم الوفاق بتسير مظاهرات بالالآف، بينما قضية يموت فيها البشر ويصابون بالامراض المميتة لا نرى هذه الجمعية "المؤمنة والمنزلة من السماء والمعصوم نوابها من الخطأ" تهتم بأرواح ناخيبها،،،
      التوقيع: شخص منكوب قد يصاب في أي لحظة،،،،

    • زائر 12 | 6:21 ص

      تمكين+ الحل الفاشل (2)

      وأضيف لما كتبته سابقا أنه من يقبل أن يعمل بـ100 دينار لشهر واحد وليس 6 أشهر كما هو حاصل معنا ونحن خريجي بكالريوس حقوق من جامعة البحرين؟ حتى لو كنا سنعوض بأثر رجعي ألا يعلم الجميع أن هناك أمور لا يمكن تعويضها إذا فات أوانها لقد فقدنا طعم الحياة ومللنا من العمل الشاق والكد المضني دون عائد مادي فماذاتنفع 100 دينار ؟؟؟ ثمن البترول أو التأمين أو مخالفات المنطقة الدبلوماسية حيث المحمكة؟ الوضع مأساوي ونحن بأمس الحاجة لمن ينتشلنا من هذه المعانة اليومية التي أثقلت كواهلنا وأفقدتنا طعم الحياة

    • زائر 11 | 4:18 ص

      الخير خيرنا والقوم حاربونا

      خيرات البلد للمواطن ولكن مع الاسف اصبحت الخيرات موزعه لكم قرصان فى هذا البلد..
      وجزء منها للمجنسين ليزيدوا البركه فى البلد..
      وفوق كل هذا يسممون المواطين بلمصانع اللتي تنشر التلوث وتقتل المواطنين بم يسمونه الموت البطئ..
      الله على كل ظالم

    • زائر 10 | 3:46 ص

      دوله شيوخيه

      ماشيه بالبركه و يقولون السياسه الحكيمه اليي ضيعتنا من سنين خلاص ملينا

    • زائر 9 | 3:24 ص

      همسات في أذن صماء

      قريبتي متخصصة في الأمراض الباطنية..وتؤكد أنها تشخص أسبوعياً حالتين جدد لمرضى مصابين بالسرطان في البحرين..والحال ينطبق عن متخصصين آخرين الذين أكدوا أيضاً هذا المعدل..وأن أصحابها بدأوا في العد التنازلي لحياتهم..أليس هذا أخطر من بهرجة انفلونزا الخنازير ؟؟ أرجو أن تتطرق لهذا الموضوع المخيف جداً يا سيد..ولا يعلم به الكثيرون..السرطان أصبح مثل شربة الماي !!
      التلوث حتماً له يد..ولكن هناك قتل غامض ممنهج..يستهدف صحتنا..

    • زائر 8 | 2:37 ص

      هذا موضوع امني وليس بيئي !!!

      هــذا لو في اسرائيل لكان الحكومة تمد بيبات للاكسجين الصحي لكل بيت او يبنون لهم مستعمرة في القدس المحتلة بتبرعات امريكية اوربية واحنا عندنا خير من الاراضي واخبار تسر عن اكتشافات بنرولية جديدة ولكن ماعندنه حكومة مع الاسف!!!!

    • زائر 6 | 1:57 ص

      معاميري

      انا ما اقدر ما اتنفس غازات سامة اذا اروح الشغل احمل لي مصنع صغير بس عشان يكفيني لما ارجع واذا اسافر احمل ليي في كيس عشان لا اتوهق يا سيد هذي مو حالة اذا نسافر ونشم هواء نظيف نمرض ما نقدر على الهواء النظيف وبالنسبة ليي الغاز المفضل H2s عجيب وريحته مثل البيض المارق واذا بغيت بجيب لك غرشه

    • زائر 5 | 1:27 ص

      افتح عينك الأخرى

      حضرة الفاضل (زائر 3) لماذا تخلط الأمور فالحديث عن قرية المعامير وحديثك عن حرق العجلات الذي لا يقتصر على المعامير فقط فهي ظاهرة منتشرة في البحرين كلها، بينما ما يجري على المعامير هو التأثير المباشر من المصانع التي تلوث البيئة. أسئل الحكومة لماذا تترك المنطقة الجنوبية من البحرين بدون مصانع وخاصة الساحل الجنوبي الغربي؟؟؟!!!

    • زائر 4 | 1:24 ص

      لم يبقى الأ الهواء

      لقد خربت في هذا البلد كل الثروات الطبيعية وحتى الهواء فقد جاروا عليه ولوثوه فلم يبقى للناس شيء على أرض هذا الوطن إلا وطاله العبث اللا إنساني

    • زائر 3 | 12:59 ص

      أربعة شركاء

      في ظل الوعي البيئي الذي وصل إليه الجميع والذي ينشده الجميع ألا تشاطرني الرأي بأن حرق العجلات بشكل يومي ممنهج أحد الأسباب المباشرة في تلوث البيئه ألم يستنشق كاتبنا المخضرم غير غازات المصانع عندما ذهب مساءً
      شكونا إليهم خراب العراق
      فعابوا علينا لحوم البقر.
      فصرنا كما قيل فيما مضى
      أريها السها وتريني القمر.

    • مواطن مستضعف | 12:01 ص

      مفارقة عقيمة

      بسم الله الرحمن الرحيم
      غريب أمرك يا سيّد؟!! أوَ هل تدعو إلى إلغاء المصانع المنتجة, التي "تكسّب الملايين" ... من أجل "حفنة آلاف" من المواطنين البسطاء؟!! (مالك حق يا سيّد ... ظلمت بختك وظلمت الحكومة ويّاك).
      مع خالص الود لك أستاذي الموقرَ

    • زائر 2 | 9:45 م

      رئيس البتروكيماويات

      صدقت، والامر المضحك ان رئيس البتروكيماويات السابق مصطفى السيد كان يتكلم عن السلامة ، . يجب التفكير في طرق لاستبدال اقتصاد البا، البتروكيماويات وغيرها بشركات مجدية ذات تكنولوجيا نظيفة

    • زائر 1 | 8:27 م

      جباب اتجبكم...

      اين حماية المواطن!!! لماذا تتجاهلون حماية المواطن !!! لماذا لا تقوم الحكومة بنقل المصانع السرطانية الى البراري !!! ليش البحرين امخربطة !!! ليش ما تنظمون البلد من الخربطة !!! ليش كل هالفساد يا حكومة !!! انتون وين والدول المتقدمة وين !!! اقتربت الساعة ولا وفيتون بالوعوعد ياحكومة!!!

اقرأ ايضاً