العدد 2665 - الثلثاء 22 ديسمبر 2009م الموافق 05 محرم 1431هـ

«وعد» على مفترق الطرق

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من بين كافة قوى التيار الوطني الديمقراطي، تكاد جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد» أن تكون أكثر قواه إثارة للحوارات السياسية، التي تصل أحيانا إلى مستوى الحروب الكلامية وتبادل الاتهامات. تدلل على ذلك الشواهد التاريخية والأحداث التي كان من بين أهمها:

1. مبادرة التأسيس، إذ كانت «وعد»، هي السباقة إلى الانبثاق العلني من رحم المنظمات السرية المحظورة بموجب «قانون أمن الدولة»، والمستفيدة من هامش الانفتاح الذي جلبه المشروع الإصلاحي.

وقد رافق تشكُّل «وعد» الكثير من الحوارات، قبل أن تؤول إلى ما آلت إليه اليوم. ففي البداية، ضمت المجموعة التي دعت لاجتماع الجمعية التأسيسية لـ «وعد»، ممثلين عن مختلف التنظيمات السياسية مثل الجبهة الشعبية، وجبهة التحرير، وحزب البعث، سوية مع بعض العناصر المستقلة التي غادرت مقاعدها التنظيمية في صفوف تلك القوى، لكنها حافظت، وتمسكت بإصرار، على هامش واسع من معارضة السلطة التنفيذية. رافق تلك الدعوة الكثير من التعارضات التي تناولت من هي القوى والعناصر التي ينبغي أن تدعو، أو أن تدعى، أو يحق لها الحضور، ثم كانت تلك النقاشات الساخنة حول مجريات الحوارات التي رافقت ذلك التشكيل وطبيعته.

انتهت «وعد»، في نهاية المطاف إلى الابن «الشرعي والوحيد» الذي ورث انتقال الشعبية من إطارها السري، إلى شكلها العلني. وبعيدا عن كل ما يمكن أن يقال عن السلبيات التي رافقت تلك الولادة، لكن يبدو أن الظروف السائدة حينها كانت تدفع بضرورة وإلحاح انبثاق تنظيم معين محدد الملامح، معروف الهوية.

المهم هنا أن «وعد» أحدثت نقاشات واسعة، كانت هي الأخرى ضرورية، وتحتاجها عملية الفرز التنظيمي الملائم لطبيعة المرحلة التي كانت التيار الوطني الديمقراطي على أبوابها.

2. الموقف من الانتخابات النيابية، ففي العام 2002، خالفت «وعد» توقعات الكثير من القوى، بما فيها بعض دوائر السلطة التنفيذية، التي راهنت على مشاركة «وعد» في الانتخابات النيابية، واعتبرت في حكم المُسَلَّم دخول «وعد» حلبة سباق الانتخابات، وأخذت بخيار المقاطعة.

ولسنا هنا بصدد تقييم صحة أو خطأ ذلك الخيار، فما يهمنا هنا أن «وعد» نالت حينها نصيب الأسد من الحوارات الدائرة بشأن موقفها المقاطع. ولم تنخفض سخونة النقاشات بشأن موقف «وعد» من انتخابات 2006، حيث أثارت برامج «وعد» وتحالفاتها الانتخابية مع كتل سياسية مثل جمعية «الوفاق» الانتخابية الكثير من الحوارات الساخنة التي وصلت إلى مستوى «اللغط» حول تقويم الموقف ومدى سلامته أو خطئه.

3. طبيعة التحالفات التي نسجتها «وعد» مع القوى السياسية المحلية، فبينما توقع الجميع أن تتجه «وعد» نحو من صُنِّفوا في خانة التيار الوطني الديمقراطي بإرادة واسعة، فاجأت «وعد» الجميع، ونجحت، وبتضحيات سياسية وتنظيمية باهظة في نسج علاقات، أثارت الكثير من الحوارات وعلامات التعجب مع أحد فصائل التيارات الدينية والتي هي «الوفاق»، لا تزال ذيولها مستمرة، ومن المتوقع أن تزداد تلك الحوارات سخونة وحدَّة مع اقتراب موعد عقد «وعد» لمؤتمرها القادم من جهة، واقتراب موعد انتخابات 2010 من جهة ثانية.

4. سخونة ملفات المعارضة التي حملتها «وعد»، وفي المقدمة منها ذلك المتعلق بملكية الأراضي، والتي أثارت الكثير من النقاشات الحادة، ليس في صفوف المعارضة، فحسب، وإنا في أوساط قوى مستقلة من بينها المجتمع التجاري في البحرين.

وفيما اعتبر البعض «وعد» متطرفة في معالجتها لذلك الملف، وجد البعض الآخر، منظمات وأفراد، ضالته المنشودة في تلك الأرقام التي أوردتها خطابات «وعد» النارية بشأن ملكية الأراضي، ووظفها في الكثير من المشاريع السياسية جماعية كانت أم فردية.

5. تنوع الفكر السياسي المتماسك، حيث يدرك البعض حدة الصراعات داخل «وعد» من الكثير من القضايا المصيرية التي تواجه الحركة السياسية البحرينية، وفي المقدمة منها مسألة الانتخابات النيابية، لكن ذلك لم يقد إلى تمزق «وعد»، التي نجحت إلى حد ما في الإمساك بتلابيب ذلك التنوع الفكري على المستوى السياسي، وحافظت على الحدود الدنيا من وحدة المنظمة.

ومرة أخرى هنا، لسنا بصدد تقويم ذلك التنوع، بقدر ما أردنا الإشارة إلى طبيعة النقاشات التي ولدها، والتي وصلت في الكثير من الحالات إلى صدامات فكرية داخل «وعد» أو بين عناصرها وعناصر من قوى أخرى خارجية، بما فيها تلك المتحالفة مع «وعد» مثل جمعية «الوفاق».

كان لابد من لفت النظر إلى إشارات المرور السريعة التي أقامتها «وعد» كي ترشد من يتابع تطورها منذ تأسيسها حتى اليوم، نظرا لشعورنا بأن «وعد» وهي على أبواب مؤتمرها القادم تقف على أبواب مفترق طرق حاد يضع أمامها مجموعة من علامات الاستفهام الكبيرة التي لا بد لها من الإجابة عليها، كي تستطيع الاستمرار في عملها السياسي، بعيدا عن أية انشقاقات محتملة، أو تجنحات سياسية مرهقة.

أول تلك التساؤلات هو الموقف من الانتخابات القادمة، والتي في حال أخذ الأغلبية بمبدأ المشاركة، فربما تجد «وعد» نفسها أمام مأزق تكتيكي معقد أول معالمه هو ضيق الوقت الذي يفصلها عن موعد الانتخابات، وبالقدر ذاته، وفي حال جاء تصويت الأغلبية بالسلب، فما هي البدائل التي هي في جعبة المقاطعين التي تحول دون عزلة «وعد» أو تقليص دائرة علاقاتها التي تحتاجها مع جماهيرها، ناهيك عن طبيعة وقنوات العلاقات التي يمكن أن تنسجها مع حليفها الاستراتيجي والذي هو جمعية «الوفاق»، التي كانت متفقة معها حول هذه المسألة في انتخابات 2002.

ثاني تلك التساؤلات والمنبثق أساسا من الأول، وهو أنه في الحالتين: المشاركة أو المقاطعة، ما هي برامج التحالف التي فكرت «وعد» في تنفيذها كي تقلص أي حجم الخسائر الناجمة عن أي من الخيارين؟ والحديث هنا عن برامج إستراتيجية مدروسة، وليس عن ردود فعل آنية وعشوائية.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2665 - الثلثاء 22 ديسمبر 2009م الموافق 05 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:18 ص

      دعوة إلى جمعية وعد

      من أهم ما يميّز جمعية وعد هو نأيها بنفسها عن مستنقع "الطائفية" البغيض, فكم هو حريٌ بها التصدّي لمحاولات الطأفنة ومحاربتها, والتأكيد على وحدة الشعب بطائفتيه الكريمتين.

    • زائر 1 | 1:06 ص

      مؤتمر وعد وجدل جنس النملة

      يروى ان قوم في احدى المدن المحاصرة بالاعداء نشب جدل كبير بينهم حول جنس النملة التي تحدث مع سيدنا سليمان اهي انثى ام ذكر واستهلك هذا الجدل العقيم الكثير من الجهد والوقت في حين كان عدوهم ينظم صفوفه ويعد العدة لمهاجمة المدينة ونجد في ذلك واستمر جدل اهل المدينة فيما بينهم على المقاصل وفي السجون ( هذه عبرة لوعد و مؤتمريها)

    • مواطن مستضعف | 11:31 م

      God plus you teacher

      بسم الله الرحمن الرحيم
      يوماً بعد يوم يزداد انبهاري بقلمك الفذّ يا أستاذي العزيز, تحليلك غاية في الدقة, وكأنّك "اداري" في جمعية "وعد".
      أكرر طلبي من جنابكم الكريم بالكتابة بإسلوب جديد وشكل معتدل عن جريمة "التجنيس" النكراء, كي تصل إلى المعنيين بذات الشأن بصورة فعّالة.
      مع خالص المودة

اقرأ ايضاً