العدد 419 - الأربعاء 29 أكتوبر 2003م الموافق 03 رمضان 1424هـ

أولويات العمل الوطني والأجندة الضائعة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

إن كان هناك ما يميز العمل السياسي الوطني هذه الأيام فهو الضياع بسبب انعدام الاتفاق على الأولويات. فعندما صوَّت الشعب على ميثاق العمل الوطني في فبراير/ شباط 2001 كانت الأجندة السياسية تتجه نحو فتح صفحة جديدة في تاريخ البحرين. والضغط كان على جميع الأطراف لفسح المجال من أجل إعادة الثقة بين مختلف الأطراف. وعلى هذا الأساس فإن الجميع توجه نحو تخطي جروح الماضي ومد اليد للمصافحة ومن ثم الدخول في حوارات بشأن الأجندة.

غير أن الحوارات «ماتت» لعدة شهور وانشغلت الفعاليات السياسية والاجتماعية باستقبال العائدين ومشاركة الناس في أفراحهم بعد لمِّ الشمل وعودة الأجواء الطبيعية.

قبل تلك الفترة كانت الحوارات أكثر جدية، وكان المشاركون في الحوار وتحديد الأجندة الذين استعدوا للتضحية والذين صمدوا تحت أقسى الظروف. بعد الانفتاح أصبحت الحوارات متعددة ومشتتة ودخل الساحة الجميع، سواء ممن كان لهم دور في الماضي أم الذين لم يكن لهم دور، أو من كانوا مضادين لأي من مفاهيم الديمقراطية والمشاركة الشعبية وحقوق الإنسان.

في الأشهر الستة الأولى بعد الانفتاح كانت الحوارات تدور حول تأسيس الأحزاب أو التجمعات السياسية. وفعلا سارعت عدة جهات إلى إشهار اسم لتجمعها مع مختصر لبرنامجها. فالتجمع الوطني الديمقراطي بدأ في تشكيل قوته جامعا أنصار الجبهة الشعبية وجبهة التحرير الوطني، كما طرح الإخوان المسلمون برنامجا باسم جمعية الإصلاح، وطرح القوميون الإسلاميون برنامجا آخر (جمعية الوسط حاليا).

الاتجاه الذي تشكل باسم «جمعية الوفاق» لم يحدد ما يريد لاحقا، بل إنه كان منقسما بين اتجاهين، اتجاه يقول بضرورة تشكيل تجمع مثل الآخرين، واتجاه يدعو إلى عدم تشكيل أي تجمع أو جمعية وبدلا من ذلك يجب الاعتماد على الحال غير الرسمية التي يتصدرها الرموز. وكان التعقيد مضاعفا لأن هناك من يتحدث عن دور لـ «أصحاب المبادرة»، وآخرون يتحدثون عن قيادة علمائية رمزية موحدة تكون النخبة فيها ذات صفة استشارية فقط. وبعد ضياع الأشهر كاد الأمر ينتهي إلى لا شيء لولا أن جلسة عقدت حضرها عدد من الشخصيات، أيدت إنشاء جمعية أهلية كما هو حال التوجهات الأخرى.

بعد ذلك كانت الحوارات تدور حول صفة الجمعية، ومن يتأهل للدخول فيها، ولم يكن هناك حديث مشترك عن أمر معين. وفي كل حال ينتهي الأمر بتدخل في آخر لحظة من هذه الجهة أو تلك لحسم الأمر لعدم الحصول على وفاق يوحد الجميع.

تكونت «الوفاق» ولكن الأجندة لم يتم تحديدها، ولم يكن هناك ما يوحد الجمهور إلا قضايا مثل مناصرة فلسطين. ثم جاءت الانتخابات البلدية فجأة، فاحتاروا فيها بعد أن اكتشفوا أن رأيهم لم يتم الأخذ به، بل إنهم همشوا لأسباب كثيرة، من بينها عدم وجود آلية فاعلة لإدارة الخلاف وتوحيد الأجندة وطرحها على الجانب الرسمي.

وهكذا توالت القضايا التي تصدرها طرف واحد من المعادلة، بينما بدأت تختفي الأطراف الأخرى لأنها شعرت بالضياع والاستضعاف. والأسوأ من كل ذلك أن بعضهم سلك أسلوبا غير ديمقراطي لحسم الأمور فيما بينهم، ما أدى إلى المزيد من الضياع.

آخرون كانت لهم أجندة أخرى أقل تعقيدا، ودخل كل طرف الساحة العامة بأجندته التي لا تتفق مع الأجندات الأخرى في أكثر الأحيان... وهكذا انتهى بنا الأمر إلى ضياع الأولويات

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 419 - الأربعاء 29 أكتوبر 2003م الموافق 03 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً