العدد 417 - الإثنين 27 أكتوبر 2003م الموافق 01 رمضان 1424هـ

الوضع الإسكاني الحالي يبعث على الإحباط العام

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الوضع الإسكاني الحالي من شأنه أن يزيد الفقير فقرا والغني غنى وسيزيل حسنات السياسات الأخرى التي تحاول مساندة الأكثرية من المواطنين ذوي الدخل المحدود، مم يوضع حد وتعقلن الامور.

مناطق البحرين في كثير من الحالات تتكون من «قرية فقيرة جدا» مع مبانٍ آيلة إلى السقوط أو انها أبعد ما تكون عن مستوى القرن العشرين، فكيف بالقرن الحادي والعشرين؟ وتحيط بهذه القرية الفقيرة أو تلك «مجمعات سكنية فخمة» لها أسوار مرتفعة جدا لكي لا يرى الفقير ما بداخلها؛ فداخل تلك المجمعات توجد فلل ارقى مما هو موجود في اوروبا. ولكن الذين يسكنون هذه الفلل ليسوا مواطنين في غالبية الأحيان ويدفعون إيجارات مرتفعة جدا تفوق مستوى المعاش الذي تحصل عليه غالبية أبناء الشعب.

هذا الفرق الكبير - بين من يعيش في منازل يخجل المرء من النظر إليها في كثير من الأحيان وبين من يعيش الرفاهية إلى جانبه - له انعكاسات خطيرة على نفسية المواطن. فالاحباط هو سيد الموقف، وتتكون أرضية جاهزة للتحريض ضد هذا الأمر أو ذاك لأن الفروقات كبيرة ولأن الامكانات تتقلص من جانب الأكثرية وتتوسع من جانب الاقلية.

الوضع الاسكاني السيئ لكثير من أبناء الشعب لا ينعكس فقط على الحال النفسية والاحباط، وانما ينعكس ايضا على اهتمام المواطن بالشأن العام وشعوره بالدونية وانعدام الأهمية وانعدام التأثير. ويتطور ذلك الاجهاد النفسي إلى اجهاد جسدي يؤثر على الصحة وعلى مستوى التعليم وينشر حالا من عدم الرضا عن اي شيء، والتهكم على السياسات بشكل عام حتى ولو كان في تلك السياسات الكثير من الخير والنية الصادقة.

الاسكان السيئ هو اذا الصحة السيئة ومستوى التعليم السيئ، وهذا يدفع الإنسان إلى السلّم الأدنى من الدافعية بحسب نظرية «ماسلو». فماسلو يذكر أن الإنسان يتدرج في احتياجاته ولا يصعد إلى الأعلى إلا إذا تم اشباع الحاجات السفلى أولا. في المرتبة الاولى (السفلية) تأتي حاجة الإنسان الى أمور مثل المأكل والملبس والمسكن. وإذا تحققت تلك الحاجات يصعد الإنسان بتفكيره إلى الأمن (المرتبة الثانية)، ويبدأ بالمطالبة بالأمن المعيشي والحياتي من كل جوانبه. وعندما يتحقق الأمن الحياتي تتطور حاجة الإنسان إلى الانتماء الاجتماعي والترابط مع الآخرين بما يشعره بأنه جزء من كل (المرتبة الثالثة). وبعد أن يتحقق ذلك فإن الانسان يبحث عن الاحترام ويطلبه من الآخرين بقدر ما يعطيه لهم (المرتبة الرابعة). وبعد ذلك (في المرتبة الخامسة العليا) يندفع الإنسان بكل ما لديه ليحقق أمانيه التي طالما حلم بها ويبدع كإنسان مفكر له قيم ومبادئ.

نظرية «ماسلو» مازالت تعتبر من افضل النظريات لفهم احتياجات الإنسان ودافعيته تجاه المشاركة في مجالات الحياة المختلفة، وهي ايضا تفسر لنا لماذا يجنح البعض تجاه السلبية وعدم المشاركة وعدم تقدير ما هو متوافر له. فبعض من ذلك يعود لعدم شعوره باحترام الآخرين، أو لعدم قبوله كطرف كامل في المجتمع، أو أسوأ من ذلك لانعدام أمنه المعيشي وخوفه من انعدام المال والامكانات، أو أسوأ من ذلك لحاجته إلى مسكن ومأكل وملبس يحفظ له كرامته كإنسان له حقوق وعليه واجبات.

الوضع الاسكاني الحالي ليس حسنا لأنه يخلق الشعور لدى بعض الفئات بأنهم ليسوا جزءا من المجتمع بشكل مقبول، ويخلق لديهم الشعور بانعدام الأمن المعيشي لأنهم لا يستطيعون شراء شيء افضل وان ما لديهم انما هو بقايا ما حصلوا عليه من أجدادهم بالوراثة. الوضع الاسكاني بحاجة إلى سياسة متكاملة تجعل تحسين السكن أول الأولويات وتضبط سوق العقارات وتمنع الاحتكار وتوفر الدعم لسوق العقار لموازنة العرض مع الطلب. وما دون ذلك فإن الاحباط يبقى سيد الموقف

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 417 - الإثنين 27 أكتوبر 2003م الموافق 01 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً