العدد 426 - الأربعاء 05 نوفمبر 2003م الموافق 10 رمضان 1424هـ

مسئولة سابقة في البنتاغون: بوش ليس مسيطرا وأميركا اختطفت

الرئيس الأميركي ونائبه يتحدثان بأسلوب متعارض

محمد دلبح comments [at] alwasatnews.com

.

تزداد الاتهامات الموجهة إلى مجموعة الصقور والمتطرفين في ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش بمن فيهم نائب الرئيس ديك تشيني بأنهم يديرون «سياسة ظل» فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية تتناقض مع خط واشنطن الرسمي.

وقالت العقيد السابق في سلاح الجو الأميركي كارين كويتكووسكي «إن ما يقوم به هؤلاء الناس يجعل فضيحة إيران - كونترا (في عهد الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان) تبدو وكأنها من أعمال الهواة غير المحترفين. إن عملية الاختطاف هي أسوأ من فضيحة إيران - كونترا وأسوأ مما حدث في فيتنام».

ويرى مراقبون أن بوش وتشيني يتحدثان بأسلوب متعارض عن السياسة الخارجية. ويشير هؤلاء إلى أنه في الوقت الذي ظهر فيه بوش في مؤتمره الصحافي الثلثاء الماضي كرجل دولة متخليا عن ميله للتحدث بقسوة عن الولايات المتحدة من حيث كونها راغبة في التصرف لوحدها لمجابهة التهديدات في الخارج مؤكدا بدلا من ذلك على الحاجة إلى حلول دولية لمشكلات مثل كوريا الشمالية وايران وسورية، قائلا بأنه «ليس كل عمل يتطلب عملا عسكريا. وأن العمل العسكري في الحقيقة هو الملاذ الأخير جدا لنا، فنحن نحاول أن نفرض المبادئ سلميا أو من خلال التحالفات أو الهيئات متعددة الجنسيات»، وهو أسلوب وتصريحات تتناقض بشكل صارخ مع كلمات تشيني الذي تحدث بفظاظة في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أمام «مؤسسة هيريتيج» اليمينية، عن سياسة خارجية تتسم بالقوة وتتركز على الهجمات العسكرية الاستباقية مع احتقار للمشاورات الدولية أو لموافقة الحلفاء قبل القيام بالعمل، إذ قال «إن القوة والعمل الحاسم يهزم الهجمات قبل أن تستطيع الوصول إلى أرضنا». مضيفا أنه ينبغي على الولايات المتحدة ألا تعاق من الأمم المتحدة أو أية هيئة دولية أخرى.

ويتفق مؤيدو ومنتقدو ادارة بوش على أن الملاحظات المتناقضة عن بوش ونائبه تعكس وجهات النظر المتنافسة والانقسامات التي تؤدي إلى الشلل في مجالس كبار المسئولين الأميركيين. فهناك المحافظون الذين يحبذون المواقف الهجومية الحازمة بقيادة تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، وهناك البراغماتيون الذين يحبذون الدبلوماسية والحلفاء بقيادة وزير الخارجية كولن باول.

وتقول كويتكووسكي إن «الرئيس بوش ليس في موقع السيطرة، لقد تم اختطاف هذا البلد» واصفة بذلك كيف أن «مجالات رئيسية (في الادارة الأميركية) ذات اهتمام بالنسبة إلى المحافظين الجدد قد ملئت بهم سياسيا».

وكانت كويتكووسكي التي تقاعدت في وقت سابق من العام الجاري بعد خدمة عشرين عاما، خبيرة في شئون «الشرق الأوسط» في مكتب وكيل وزارة الدفاع للشئون السياسية دوغلاس فيث.

وتحدثت كويتكووسكي عن «تقويض القيود الدستورية الموضوعة على السلطة التنفيذية واختيار مجموعة كبيرة من أعضاء الكونغرس من خلال الخداع»، وأضافت إنه «من أجل اتخاذ تلك الخطوة الأولى- العراق - كان لا بد من إبلاغ الأكاذيب إلى الكونغرس ليقف معهم».

وقالت إن متابعة قرارات مجلس الأمن القومي غالبا ما تجاوزت «المهنيين في الأجهزة المدنية والمهنيين العسكريين في الخدمة... وكانت تعالج بدلا من ذلك من جانب سياسيين معينين الذين تربطهم علاقات أيديولوجية مشتركة».

وذكرت تقارير في وقت سابق أن هذه المجموعة الايديولوجية التي تعرف باسم «المحافظين الجدد» كانت وراء الهجوم الذي شنته قوات أميركية على قافلة عراقية في سورية وأدت إلى مقتل وجرح وأسر جنود ومواطنين سوريين. وقال باتريك لانغ، وهو مسئول كبير سابق في وكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية «إن الكثيرين في الادارة يعتقدون أن هذا الهجوم كان محاولة من الأيديولوجيين لتدمير التعاون بين الولايات المتحدة وسورية».

وقالت كويتكووسكي إن «هناك شبكة حكومية إضافية تعمل خارج البنى والممارسات الاعتيادية. إنها شبكة من السياسيين المعينين في مراكز رئيسية يشعرون بأنهم بحاجة إلى اتخاذ إجراء ما لإحداث أمور في الشئون الخارجية والأمن القومي» وأضافت «إن أشخاصا في البنتاغون وفي وكالة الاستخبارات العسكرية تعرضوا لضغط من أجل تغيير التقييمات والتقارير بصورة مشجعة».

غير أن مسئولين أميركيين يقولون انه على رغم الاختلاف الظاهر في التعبيرات اللغوية فإن بوش وتشيني متفقان وأن مبدأ الهجمات الاستباقية هو حجر زاوية أساسي للسياسة الخارجية بعد خمسين سنة من سياسة الاحتواء. وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض سين ماكوماك «إن الكل يعمل معا. وإن الهجمات الاستباقية هي في نهاية المطاف كيفية الرد على التهديدات. إنه (بوش) ونحن (المسئولين في الادارة) نؤمن أن أفضل أسلوب لمعالجة الوضع بالنسبة إلى كوريا الشمالية والعراق هو اسلوب الضغط المتعدد الاطراف»

غير أن الكثير من المحللين المستقلين قالوا إنهم لاحظوا تغييرا في أسلوب بوش نحو موقف أكثر واقعية وتصالحا إزاء السياسة الخارجية. وقال مدير مركز ودرو ويلسون والرئيس السابق للجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب لي هاملتون «هناك لهجة أكثر هدوءا. هذا تحول جدير بالملاحظة، فإذا قارنت كلماته بخطابه عن محور الشر أو كلماته حتى قبل ستة اشهر فإن هذا يعتبر تغيرا». أما مديرة دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية راشيل برونسون فاعتبرت أن لهجة بوش الثلثاء الماضي بمثابة اعتراف بأن السياسة الأميركية في العراق لا تعمل جيدا. وقالت «إن أي تحول في اللهجة من شأنه أن يشير إلى اعتراف من البيت الأبيض بأن الوضع في العراق لا يسير على ما يرام. فوزارة الخارجية الآن في الأعلى والبنتاغون في الأسفل».

وفي تصريح منفصل قال الخبير البارز في السياسة الأميركية تشالز جونسون «إن المحافظين الجدد في الادارة الأميركية استولوا في الواقع على السلطة من بوش»، واضاف «إن المحافظين الجدد اتبعوا برنامجا تم وضعه في توجيهات التخطيط العسكري للعام 1992، بناء على توجيهات من تشيني عندما كان وزيرا للدفاع (في عهد جورج بوش الأب) يقول ان الدولة العظمى الوحيدة في العالم يجب ألا تكون حذرة بشأن تأكيد قوتها»

العدد 426 - الأربعاء 05 نوفمبر 2003م الموافق 10 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً