العدد 428 - الجمعة 07 نوفمبر 2003م الموافق 12 رمضان 1424هـ

هذه هي الطريقة المثلى لمهاجمة الجنود الأميركان!

الفلاحون من قرية بويسة، القريبة من موقع سقوط المروحية الاميركية الضخمة، تناقلوا يدا بيد قطعة معدنية متلوية، ذات لون أخضر، أخذوها من الحطام. وكانت نصف دزينة من المروحيات الأميركية تحوم في السماء فوق موقع تحطم المروحية، كما لو أنهم يخشون من صواريخ أخرى تستهدفهم.

أحد المزارعين رفع القطعة المعدنية وأشار بها باتجاه إحدى المروحيات، ولكن الآخرين صرخوا في وجهه: «أنزلها، فربما يظنون انك توجه إليهم سلاحا فيطلقون النار عليك». فرد عليهم: «انا لا أخاف منهم»، ثم عاد ليلوح بالقطعة المعدنية حتى تم انتزاعها منه.

وأجمع المزارعون على انهم فرحوا لإسقاط الطائرة. وقال أحدهم: «انا مسرور جدا، فماذا ستشعر لو جاء أحد ما واحتل ارضك وبلادك؟ الأميركان يقولون انهم جاءوا لنا بالديمقراطية، ولكن كل ما يريدونه هو نفطنا»، وأضاف سعدون جارالله، وهو مزارع يقوم بزراعة القمح: «الاميركان (...). اننا سنحتفل بسقوط طائرتهم. سنقيم احتفالا كبيرا.الاميركان أعداء الانسانية».

ولم يكن الهجوم على المروحية الاميركية الحادث الوحيد في ذلك اليوم، فبالقرب من جسر فوق نهر الفرات كانت هناك بقايا عربة أميركية محترقة تم تفجيرها باستخدام صاروخ أو قنبلة. وقال شهود عيان انهم شاهدوا أربعة مسلحين أميركيين كانوا داخلها نقلوا فوق محفات نقل المصابين. بعدها سحب الجيش الاميركي بقايا العربة، ولكن الصبية الصغار كانوا يلعبون حول ما تبقى من ركام محترق.

على الجانب الآخر من الجسر، تجمع حشد حول باص صغير أسود تمزق سطحه بفعل الشظايا. وصرح الكابتن طه من الشرطة المحلية قائلا: «يبدو كما لو ان شيئا انفجر داخله. انظر إلى اتجاه المعدن من حول الثقوب على أطرافه».

وقال متجمعون انهم سمعوا صوت طائرة اميركية قبيل ضرب الباص الذي كان يعمل في نقل الركاب إلى مدينة الرمادي القريبة. ويعتقد هؤلاء ان الجنود الاميركان ربما ظنوا ان الباص كان يقل رجال حرب عصابات وبالتالي فجروه. وقتل أحد ركاب الباص، وجرح تسعة آخرون. كان أحد الجرحى ويدعى عمرو عباس فوق نقالة للجرحى وجسمه ملفوف بالأربطة. وكان يبدو في حال غيبوبة، ولكنه صرخ فجأة من الألم: «اعطوني مخدرا للألم».

ولم يكن هؤلاء القتلى أو الجرحى الوحيدين في الفلوجة ذلك اليوم، فبينما كنا نهم بمغادرة المستشفى وصلت سيارة «بيك أب»، تقل شخصا مضرجا بالدماء، كان ضحية انفجار لغم قديم متخلف من الحرب.

وكان اسقاط المروحية الاميركية ضربة قوية لهيبة أميركا بين العراقيين، فلما نقلنا الخبر لمجموعة من الشباب في بغداد أظهروا فرحهم الغامر. وقال أحدهم: «انها الطريقة الصحيحة لمهاجمة القوات الاميركية. انها ليست مثل تلك العمليات الانتحارية التي تقتل العراقيين فقط». والتفجيرات الانتحارية التي قضت على 40 عراقيا من المدنيين ورجال الشرطة، يوم الاثنين الماضي على يد الانتحاريين خلقت حالا من الاضطراب للمسئولين عن التفجيرات وشعور عميق بالخوف. وظلت المدارس في العاصمة خالية بمعدل ثلاثة ارباعها ذلك اليوم.

وأعرب عدد من المتجمعين حول الباص عن توقعهم رجوع الاميركان إلى المنطقة للقيام بعمليات انتقامية. وفي هذه المنطقة التي تتميز بقوة الشعور القبلي، كان بعض الرجال يتطلعون أيضا للانتقام. وفيما كنا واقفين اقترب أحد الرجال من كبار السن وقال بهدوء: «أريدك أن تعرف اننا سنقتل سبعين رجلا منهم مقابل كل شخص يقتلونه منا».


الأمم المتحدة: الصومال لعب دورا حيويا في هجوم القاعدة

نيروبي - ديكلان وولش

بعد مرور عام من تفجير تنظيم القاعدة لفندق سياحي في كينيا، أظهر تحقيق جديد الدور المحوري الذي لعبه الصومال في الهجوم، وأثار مخاوف من اعتداء جديد يشن انطلاقا من هذه الدولة التي مزقتها الحرب، إذ استخدم الصومال قاعدة تدريب وسوقا ضخمة للأسلحة ومخبأ لخلية القاعدة التي نفذت الهجومين في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بالقرب من ممباسا، وفقا لمحققي الأمم المتحدة.

وفي تقرير يفترض أن يقدم أمام مجلس الأمن الأسبوع المقبل، وصف المحققون بالتفصيل كيف استغل المهاجمون الدولة التي مزقتها الحرب كقاعدة في التدريب الأولي تحت غطاء تجارة صيد السمك، ثم شراء صواريخ روسية الصنع محليا، وأخيرا التسلل عبر الحدود الكينية في زوارق ومراكب خشبية تقليدية.

وأبرز التحقيق كيف جعلت انتهاكات حظر السلاح في العام 1992 من الصومال مأوى جاذبا للارهابيين يمكن استخدامه مرة أخرى للغرض نفسه.

وقالت لجنة التحقيق المكونة من أربعة أشخاص إن لديها معلومات حديثة عن شحنات أسلحة جديدة يعتقد أنها «مخصصة لتنفيذ مزيد من الهجمات الارهابية في دول مجاورة».

وكانت القاعدة خططت لتدمير السفارة الأميركية الجديدة في نيروبي يونيو/ حزيران الماضي باستخدام شاحنة مفخخة وطائرة مختطفة محملة بالمتفجرات حسبما ذكرت الأسوشيتد برس أخيرا.

وتوفر الطرق التجارية القديمة، وخصوصا عبر خليج عدن إلى اليمن، العمود الفقري لتجارة الأسلحة المزدهرة في الصومال، إذ تعبر كل شهر آلاف المراكب الشراعية التقليدية - المياه (المليئة بالقراصنة)، بشحنات تتكون من الماعز والألبان وصناديق المشروبات الغازية والأسلحة.

ووفقا لمحلل صومالي، يمر أسطول التهريب هذا ببساطة «تحت رادار» السفن الحربية الأميركية التي تجوب الخليج بحثا عن مشتبهين من تنظيم القاعدة. ولكن في السنوات الأخيرة انضمت القاعدة إلى قائمة العملاء. وبعد تفجيرات السفارتين الأميركيتين في شرق إفريقيا العام 1998، أنشئت خلية بقيادة فيصل عبدالله في كينيا والصومال.

واجتمع الفريق، الذي يمثل الصيادين أولا في مقديشو في نوفمبر 2001 من أجل «توجيه أيديولوجي وتدريب عسكري» بأسلحة مشتراة محليا. وأرسل أخيرا عملاء «كخلايا نائمة» إلى كينيا بحثا عن أهداف محتملة. وعندما حددوا تلك الأهداف عادوا إلى مقديشو لشراء الأسلحة (صواريخ «استريلا 2» أرض - جو) والتي فشلت بالكاد في إصابة طائرة إسرائيلية كانت تغادر مطار ممباسا في نوفمبر من العام الماضي.

وربما جلبت المتفجرات التي استخدمت في هجوم فندق الفردوس، والتي قتلت خمسة عشر شخصا، أيضا إلى كينيا من الصومال. وعثر المحققون على آثار مادة «تي إن تي» ومتفجرات بلاستيكية على اسطوانة غاز استخدمها المهاجمون. وربما تبحث القاعدة عن شراء المزيد منها.

وقال فريق الأمم المتحدة إنه علم «بمحاولات حديثة تقوم بها مجموعات متشددة للحصول على متفجرات من سوق الأسلحة في مقديشو، بالإضافة لإدارة تدريب مستمر للجماعة في استخدام المتفجرات».

بعد هجوم ممباسا، عاد أعضاء الخلية الناجون إلى الصومال على ظهر مركب، وهم يعيشون هناك على مبالغ نقدية يوفرها مدير مالي عربي. أحد المتهمين الارهابيين يدعى سليمان أحمد حامد، اعتقل في الصومال في عملية أميركية - كينية مشتركة خاطفة وسريعة في أبريل/ نيسان الماضي. وهو يمثل حاليا أمام محكمة مع خمسة متهمين كينيين آخرين. ولكن يعتقد المحققون أن هناك أربعة أعضاء في خلية القاعدة على الأقل مازالوا مختفين داخل الصومال. ومنذ الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول باشرت القوات الخاصة الأميركية وجواسيس عمليات سرية في محاولة لاحتواء التهديد الارهابي. وأخبر جنرال الحرب حسين عيديد المحققين انه باع حوالي 41 صاروخ أرض - جو إلى الولايات المتحدة في مايو/ أيار الماضي.

وقال مصدر صومالي آخر إن هناك توقعات بأن الولايات المتحدة دفعت مبالغ ضخمة لجنرالات حرب مقابل تسليم عناصر من القاعدة. وتسود الفوضى وانعدام القانون في الصومال، إذ لا توجد حكومة مركزية منذ الإطاحة بالدكتاتور السابق سياد بري في العام 1991. وتغرق الدولة بالعملة المزورة.

وتوفر شبكة المهابط تحت سيطرة الجنرالات فردوسا للمهربين. إذ تغير الطائرات أرقام تسجيلها منتصف الرحلة للتشويش على أية مراقبة جوية موجودة.

وترتبط شركة تأجير طائرات ايرباس بأكبر تاجر سلاح سيئ السمعة في إفريقيا، فيكتور باوت.

وأحد أسباب تدفق السلاح الإمدادات القادمة من اثيوبيا المجاورة التي ترعى بعض جنرالات الحرب.

جرت محادثات سلام في نيروبي ولكن احتمالات النجاح فيها ضعيفة. في سبتمبر/ أيلول الماضي تناحرت الوفود المشاركة أثناء النقاش. وعادت جماعة منشقة إلى الصومال لإجراء عملية سلام منافسة. ويقول المحللون إن انعدام الالتزام الغربي تجاه الصومال يساعد في خلق بيئة يعمل فيها متشددون إسلاميون. ومنذ مطلع التسعينات، تجاهل العالم الصومال لتملأ جماعات إسلامية، بعضها متطرف، هذا الفراغ. فقد أنشأت جمعيات خيرية إسلامية مدارس ومساجد ومستشفيات، وهجر كثير من الصوماليين الزي التقليدي لصالح اللباس العربي.

وقال مسئول في الأمم المتحدة «ترك الصومال برمته ليتخبط في هذه الفوضى. وربما يلقى اللوم يوما ما على شعبه لدعم هذه المجموعات، تماما كما حدث مع الطالبان».

ينشر المقالان بالاتفاق مع صحيفة «الاندبندنت» البريطانية

العدد 428 - الجمعة 07 نوفمبر 2003م الموافق 12 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً