العدد 434 - الخميس 13 نوفمبر 2003م الموافق 18 رمضان 1424هـ

عندما يهتف الاسكتلنديون ضد الانجليز

يا لها من أمة غريبة مصابة بانفصام الشخصية نحن. والسؤال اين يقع ذلك الفصام؟، من ناحية يعتبر فصام الشخصية بريطانيا محضا. ومن ناحية أخرى فهو انجليزي، اسكتلندي، ويلزي، ايرلندي شمالي، أو منكي بقدر ما يحمل الفصام من معنى. فالانجليز لديهم أوهامهم بالفوقية، والاسكتلنديون لديهم شعور بأنهم الضحية، أما الويلزيون فيتسمون بالتشاؤم المشوب بالامل، بينما الايرلنديون فيتصفون بالتفاؤل المكتنف باليأس. ولكنني لست واثقا من المنكيين، ربما يتصفون بخليط من هذه المميزات الأربع.

ونادرا ما تتعاظم هذه المميزات أكثر مما تتفاقم في ميدان الرياضة فنحن الانجليز نعتقد انه يجب ان نكون متميزين في كل امر رياضي نتولاه: إذ إن خضوع لاعبي الكريكيت لدينا لمدرب استرالي نتصوره انقلابا في نظام الكون الطبيعي وهو شعور دارويني بالتفوق تغذيه نهوض فريق اتحاد الرجبي الذي شق طريقه الى البطولة الكبرى للدول الست مطلع العام الجاري ودخل كأس العالم الحالي كأفضل فريق للمراهنين.

اذا لماذا كل هذا الصرير على الانسان الذي اعقب انتصار انجلترا البغيض 28 - 17 على ويلز الاحد الماضي؟

عناوين الصفحة الأخيرة اكدت اشارة صحيفة «الاندبندنت» لـ «غضب» المدرب كليف وودورد من الحماقات الانجليزية - على عقدة اخرى في الشخصية الانجليزية فتلك الاوهام بالفوقية تعتبر ظاهرة جدا واضحة المعالم. فالهزيمة المشرِّفة تعتبر مفيدة أكثر من الانتصار الفاشل الذي لا يترك أثرا خلفه.

من المدرب وودورد في القمة الى مشجعي المنتخب الانجليزي ظلوا يتحدثون منذ انطلاق المباراة عن منتخب ويلز البطولي وعن منتخب انجلترا الذي لا يستحق النصر، واشار بعض المتشائمين الى ان الهجوم المضاد قاده اللاعب الجنوب افريقي مايك كات بشكل ساحق.

في جميع الدول الأخرى تبرز أجنبية اللاعب فقط اذ فشل، اما في انجلترا فاننا نذكر انفسنا انه ليس منا في الواقع فقط لانه نجح! بالمثل نحن نجتهد لتبني بطل العالم لملاكمة الوزن الثقيل لينوكس لويكس لانه يتحدث اللهجة الكندية ومن غير المحتمل ان يجيد نطق تلك الحروف المتحركة ولكن لمجرد انه يضرب بقوة قليلا مثل فرانك برونو فان ذلك يكفي.

في هذه الاثناء تم ابعاد اللاعب السريع الشاب، جوني ويلكينسبون الذي وصف قبل دورة الرجبي هذه بمصطلحات ايجابية مقدسة على رغم انه احرز جميع نقاط منتخب انجلترا تقريبا يوم الاحد - وترك كممثل ساذج يبحث عن اخراج. استنتج الكاتب الرياضي المخضرم في هذه الصحيفة «الاندبندنت»، كريس هيوت قائلا «الى هذا الحد تمت معاملة جوني عملاق كأس العالم».

ما يظهره هذا التصرف ليس تقلب الانجليز فحسب ولكن ايضا عجزهم المرضي عن الرضا بالامور، ففي الاسبوع الماضي، كسب تيم هينمان أخيرا دورة تنس كبرى بشكل جاد - «أبطال باريس» - ولكن لم يتم الاهتمام بها كدورة كبرى الى حد كاف. وذكر ان ويمبلدون فقط يمكن ان يحرز مسابقة كبرى حتى وان فاز هينمان هناك سنظل نندب قلة اللاعبين الانجليز الشباب الممتازين الذين يحذون حذوه.

وكأمة رياضية نحن نعيش في طيف الانتصار الذي حققناه قبل 40 عاما! وذلك عندما رفع لاعبو الفريق الانجليزي لكرة القدم كأس العالم وكانت تلك الصورة مناسبة لكي تتكرر لا ان تتلاشى.

كل النجاح اللاحق في كرة القدم مثل الوصول الى ما قبل نهائيات كأس العالم العام 1990 تم قياس بما تحقق من نجاح في العام 1966 فوجد ناقصا والنجاح الذي تحقق في الميادين الرياضية الأخرى قورن بكرة القدم فوجد ضعيفا.

ونتيجة للأسباب آنفة الذكر احتقر الانجليز الاسكتلنديين والويلزيين والايرلنديين الذين وصل مشجعوهم للرجبي الى أرض الوطن من استراليا أخيرا ليجدونا مازلنا نلطم انفسنا على الطريقة التي وصل بها منتخبنا للدور قبل النهائي لكأس العالم.

في الصفحات الرياضية للاندبندنت تأسفت لنزعة الاسكتلنديين في التشجيع ضد انجلترا في المناسبات الرياضية الكبرى. ومن ضمن الرسائل الالكترونية التي تلقيتها احداها من قارئ ويلزي اشار الى ان كثيرا من السلتيين يدعون فقط هذه النزعة المعادية للانجليز وقال «حقيقة نأمل ان تكسب انجلترا فان لدي اصدقاء اسكتلنديين يعترفون بقضية اجرامية افضل من ان يهتفوا لتشجيع انجلترا في لعبة الركبي أو مباراة كرة قدم دولية.

مهما يكن تنتقل قافلة كأس العالم الانجليزية الآن الى سيدني اذ يقابل يوم الاحد منتخب وودورد المنتخب الفرنسي الديناميكي، وكبعد لذلك الفصام في الشخصية البريطانية ومجاراة لمراسلي الويلزي، فان نصف الاسكتلنديين سيشجعون من دون شك فرنسا، يدمدمون بشيء عن «التحالف القديم».

ينشر المقال بالاتفاق مع صحيفة «الاندبندنت» البريطانية

العدد 434 - الخميس 13 نوفمبر 2003م الموافق 18 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً