العدد 446 - الثلثاء 25 نوفمبر 2003م الموافق 30 رمضان 1424هـ

«تنمية السياحة» بحاجة إلى سياسة واضحة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الدعوة التي وجهها رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين خالد كانو بشأن إعطاء دفعة قوية لمسيرة التنمية السياحية في بلادنا لا يبدو أنها حصلت على استجابة المسئولين. فالسياحة حاليا شأن مهمل ومتروك لوزارة الإعلام التي تركز اهتماماتها على شئون أخرى، وإذا كانت لديها توجيهات للسياحة فهي مشوبة بالارتجالية والآنية وانعدام بعد النظر.

رئيس الغرفة دعا إلى تشكيل «هيئة عليا» أو «وزارة» تعنى بالشأن السياحي لإنشاء البنية التحتية وتوجيه الجهود إلى مختلف أنواع السياحات التي بالإمكان تطويرها في البحرين. فالسياحة أنواع، والنظيف منها هو الذي يحرك الاقتصاد، وهذا ينطبق على جميع البلدان. فحتى بلد مثل تايلند اكتشف حقيقة هذا الأمر ونظف السياحة ولم تعد بانكوك ترتبط بما كان يتبادر إلى الأذهان عند ذكر الاسم.

السياحة النظيفة متعددة ومتنوعة وتشمل السياحة العائلية، والسياحة البيئية، والسياحة الدينية (زيارة المواقع الدينية)، والسياحة الأثرية، والسياحة الصحية، والسياحة السياسية - الثقافية (كما هو الحال بالنسبة إلى من يذهب إلى لندن مثلا لزيارة ركن المتحدثين في «الهايد بارك» وقراءة مختلف الكتب والاطلاع على المكتبات)، وهناك السياحة الرياضية (كما نحاول الآن تطوير جانب منها من خلال فورمولا 1)، إلخ...

الشيء الجميل في السياحة النظيفة أنها تشغل الأيدي العاملة بكثرة من مواصلات وسكن وأسواق وغيرها، وبالتالي فإن مردودها أكبر بكثير من السياحة غير النظيفة التي يحرّمها الدين وتجلب العار ولا تنفع إلا بعض المحترفين في بعض النشاطات التي تقترب من الإجرام بكل صنوفه.

البحرين مؤهلة لمختلف أنواع السياحات النظيفة، وهناك حاليا من الخليجيين من يأتي إلى البحرين لقراءة الكتب المتوافرة في مكتباتها والمشاركة في المنتديات الثقافية والسياسية، وهذا عامل إيجابي يؤكد أن الحيوية السياسية والانفتاح يجلب رأس المال ولا يبعده. وهذا هو فعلا سرُّ ذهاب الكثير من الناس إلى عواصم معينة للاطلاع على ما يجري في هذه الدنيا بانطلاق ومن دون خوف من رقيب. ولو كانت لوزارة الإعلام حكمة لأفسحت المجال أمام دور النشر بدلا من التضييق عليها وفرض الرقابة المسبقة على ما تحاول طبعه ونشره.

وليس مستغربا أن الحركة الثقافية في البحرين أكثر نشاطا بالنسبة إلى الكتب والإصدارات باللغة الإنجليزية، ربما لأن الرقيب ليست له مدارك لغوية تمكّنه من إحكام الخناق كما هو الحال مع الإصدارات العربية. ففي معرض الكتاب الذي أقيم حديثا تمّت مصادرة نحو ثلاثين كتابا صادرا باللغة العربية، وهذا الحال من المرجح استمراره حتى بعد صدور قانون جديد، لأن وزارة الإعلام مازالت تصر على الرقابة المسبقة على النشر.

السياحة البيئية بالإمكان أن تنتعش كثيرا. ففي تصريح سابق لسمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة قال إنه يهدف إلى تحويل كل جنوب البحرين إلى محمية مفتوحة للمواطنين. وهذا - لو تحقق - سيفتح المجال أمام السياحة البيئية بشكل لم تشهده البلاد من قبل، وسيتمتع المواطن والزائر بطبيعة جميلة محروم من التمتع بها حاليا. فالبحرينيون يسمعون عن «رأس البّر»، ويسمعون عن وجود أكثر من 33 جزيرة في البحرين، ولكنهم لم يستطيعوا التمتع برؤية أي شيء منها. وهذا من غرائب الأمور، لأن الذين استطاعوا الوصول إلى رأس البّر وإلى الجزر المتناثرة يصفون جمالا ساحرا وإمكانات هائلة. فلماذا تبقى هذه الخيرات والنعم بعيدة عن المواطن وبعيدة عن التنمية السياحية؟

جميع أنواع السياحة توجد لها ظروف حسنة في البحرين، ومطلوب هو الاستجابة الصادقة من قبل الجهات المعنية وفتح المجال أمام القطاع الخاص قبل أن تتوجه أموال البحرينيين إلى الاستثمار في برامج سياحية أخرى في الدول المجاورة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 446 - الثلثاء 25 نوفمبر 2003م الموافق 30 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً