العدد 447 - الأربعاء 26 نوفمبر 2003م الموافق 01 شوال 1424هـ

إدارة صدئة... سياسة «شيلني وأشيلك»

إحدى الشركات الكبرى: أزمة قيادة...

ماذا يجري في إحدى الشركات الوطنية الكبرى؟ هناك الكثير من التقارير عن الاختلاسات والاستقالات والإقالات أيضا والتي كان آخرها استقالة أو بالأحرى إقالة مدير التدقيق الأجنبي الجنسية، لأنه اكتشف تلاعبا في بعض الأمور المحاسبية في إحدى دوائر الشركة، وعندما قرر المدير المضي في كشف كل الحقائق حتى النهاية، خُيّر بين أمرين: إما أن يقفل الموضوع برمته وإما أن تُحجز له تذكرة على أول طائرة إلى بلده، فاختار الثاني. (حتى الآن لم يصدر توضيح رسمي عن سبب الإقالة، ما يدل على انعدام الشفافية التي تصل عدواها إلى إدارة الشركة).

ولكن الأهم والأخطر من السرقات والإقالات هو ما رُشح أخيرا عن «لعبة الكراسي» أو توزيع المراكز الإدارية للسنوات المقبلة على الإداريين من الصفين الثاني والثالث، ليملأوا المراكز العليا بعد تقاعد المديرين الحاليين عند وصولهم إلى سن التقاعد وهو 60 سنة، (ظهرت شائعة حديثا بتمديد سن التقاعد للمديرين التنفيذيين لمدة 5 سنوات، وإذا صح هذا الخبر، فهذا والله ثالثة الأثافي وقمة المآسي، إذ إنهم مكثوا في هذه المناصب لمدة تزيد على عشرين عاما واستنفدوا كل ما لديهم وليس لديهم أي جديد ليقدموه).

العجيب - ولكن غير المستغرب في «لعبة الكراسي» التي تجري من خلف الستار وهي امتداد لنمط مستمر منذ عدة أعوام ولكن بدرجة أقل حدة - أن معظم المناصب وزعت على فئات معينة أهم مؤهلاتها «صلة القرابة» للمديرين التنفيذيين. فهذا ابن عم، وذاك نسيب، وهذا ابن أخت، وذاك عضو زميل أو عامل في الجمعية أو النادي الذي ينتمي إليه أحد من المديرين التنفيذيين.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: كيف يحدث هذا في الشركة؟ والتي تخرج منها أجيال متعاقبة من الحرفيين والمهنيين وغيرهم، إلى شركة «إقطاعية فئوية» يتم فيها توزيع المناصب على أساس نسبة القرابة وما شابه ذلك. قد يقول قائل إن هذا الأسلوب ليس جديدا بل هو سلك البلد المتبع أينما وليت وجهك في أرض الوطن، ولكن طبيعة العمل في الشركة التي تتطلب مستوى على قدر عال من الحرفنة والسلامة المهنية لا تفسح مجالا للمقارنة مع القطاعات الأخرى.

أين نظام الترقية العادل والمثل الأخلاقية التي تتشدق بها الشركة على الملأ في جميع وسائل الإعلام؟ هل تحولت الشركة إلى شركة مختطفة في الوقت الحاضر؟

إن سؤال المليون دينار الذي ينتظر الجواب عنه هو «هل حصلت لعبة الكراسي على الضوء الأخضر مقدما أم ماذا؟».

ولكن من المؤهل للإجابة؟ (للأسف لا توجد هنا 3 اختيارات، كالاتصال بصديق أو حذف إجابتين أو الاستعانة بالجمهور! والرد على علامات الاستفهام الكبيرة بخصوص اللعبة وسياسة «شيلني وأشيلك»؟

هل هو:

- مجلس الإدارة المعين؟ لا نظن ذلك، لأن أعضاء المجلس، باستثناء الرئيس ونائبه يتغيرون كل 3 أعوام، وجُلّ دورهم الموافقة على ما يقدم إليهم من تقارير مستقبلية، قد تم التصديق عليها من قبل رئيس مجلس الإدارة، وربما لا يدخل توزيع المناصب الإدارية ضمن صلاحياتهم.

- نقابة العاملين في الشركة؟ هي الأخرى لا تملك نفعا ولا ضرا في هذه الأمور، كما ان النقابة وصلت إلى درجة من التهميش الكلي، كما لو أنها مجمدة.

إذا، ما الحل؟ الجواب في نظر الكثيرين من الموظفين هو تبني الموضوع من قبل مجلس النواب الوطني، ألا وهو «كيف تدار الشركة على أسس سليمة؟» (للتذكير فقط كما كان يحدث في الأيام الخوالي)، وليس على أسس إقطاعية فئوية و«شيلني وأشيلك» كما حدث حديثا ورشحت مجموعة الأسماء من ذوي القربى.

نذكر الأخوة أعضاء مجلس النواب أن هناك ما مجموعه 2000 موظف بحريني يعملون في تلك الشركة ويعيشون في مختلف مناطق البحرين، أي أن أحد هؤلاء الموظفين أو أحد أفراد عائلاتهم صوتوا لأعضاء مجلس النواب في الانتخابات الأخيرة، وعليه فالمسئولية الأدبية والقانونية والدستورية يجب أن تكون من أولويات اهتمامات أعضاء المجلس في هذا الموضوع.

لذلك، نتعشم أن تتبنى إحدى لجان مجلس النواب ذات العلاقة بهذا الشأن إدراج بند «الإدارة السليمة أو غير المتحيزة في الشركة» على جدول أعمالها في أقرب فرصة ممكنة، إذ إن ما يجري على أرض الواقع يعتبر غير مقبول البتة، علاوة على أنه غير صحي إذا أخذنا في الاعتبار السمعة الحسنة التي اكتسبتها الشركة سابقا وحتى الآن، وان ما يحدث هو ضد الشفافية مئة في المئة من دون شك.

حبذا لو أن اللجنة (فيما لو قرر المجلس تشكيلها) تبدأ باكورة أعمالها بإعلان فتح خط هاتف ساخن لتلقي المكالمات بهذا الخصوص، وذلك أضعف الإيمان.

فهل هناك من قارئ لهذه السطور قبل فوات الأوان؟ وصدق القائل: «إذا فات الفوت، ما ينفع الصوت!».

كمال علي حسن

العدد 447 - الأربعاء 26 نوفمبر 2003م الموافق 01 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً