العدد 450 - السبت 29 نوفمبر 2003م الموافق 04 شوال 1424هـ

نظرية «الأسود والأبيض» في العمل السياسي

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

اني مؤمن بقاعدة «الدخول في اللعبة خير من الخروج منها»... سواء كان في الصحافة أم في أية مؤسسة.

لماذا نهرب من الواقع؟ السياسة تحتاج إلى مرونة، أما ادارتها بعقلية «الاسود والابيض» فتعني خسارة اللعبة. هناك منطقة فراغ يعطي من خلالها الاسلام المسلم التحكم في اختيار الموقف وما فيه لصالح المجتمع.

فالتاريخ يشهد بأن رسول الله (ص) كان مرنا وكان ينظر إلى الظروف المحيطة به وطبيعة التوازنات ومراكز القوى، والدليل انه امتنع عن الحج إلى مكة بعد ان منعه أهل قريش وتفاوض معهم على ان يحج في السنة التالية. وينقل التاريخ انه عندما وقع صلح الحديبية اراد رسول الله (ص) توقيع الصلح باسم «محمد رسول الله» فرفض المشركون ذلك لعدم ايمانهم بأنه «رسول الله» فقبل الرسول (ص) ذلك فوقعها باسم محمد. هذا لا يعد تنازلا، ولكنها ظروف تحيط بالواقع، إذ رجع الرسول (ص) ولم يحج تلك السنة. فالسياسة لا تحتاج إلى انفعالات... السياسة تحتاج إلى ايمان وذكاء ووعي وواقعية ولذلك الانسحاب ليس حلا.

الشهيد الصدر كان يركز كثيرا على ان الائمة (ع) كانت تتعدد ادوارهم لهدف واحد وهو المصلحة الاسلامية فألّف كتابا اسماه «الأئمة تعدد ادوار ووحدة هدف» وركز كثيرا على نصائح مهمة على ألا نستغرق في ثورة الحسين ونهمل صلح الحسن. وهكذا هي العملية: التاريخ ليس دائما ثورة... فيه ثورة في ظروف خاصة وفيه صلح لظروف خاصة وفيه دعاء في ظروف خاصة وفيه ولاية عهد كما حدث للإمام الرضا (ع) ايضا في ظروف زمانية ومكانية خاصة وحتى في عصر الإمام الصادق (ع) ينقل التاريخ ان مجموعة من أصحابه جاءت إليه طلبا للنهوض المسلح فرفض.

ما اريد قوله ان الزمان والمكان والظروف والمصالح كلها تؤخذ في الحسبان لطبيعة التعاطي في العمل السياسي وان هناك مناطق رمادية ان تركناها سيملؤها أضعف القوم وسنبقى دائما رافضين ومهمشين وخارج اللعبة، ويصبح حالنا كحال العراقيين الذين بقوا «حمسانين» - على حد تعبير السيد محمد رضا الغريفي - طوال التاريخ وبقوا سنين خارج اللعبة وهناك من دفعهم إلى ذلك وأكلوا الطعم الى ان وصلوا إلى الدرس بالدخول في اللعبة، وبعد طول غياب وتغييب دخلوا في لعبة المد والجزر مع الاميركان.

يجب ان ندخل الصحافة، الاعلام، القطاع الخاص، القطاع العام... ونطالب بحقوقنا باعتبارنا مواطنين لهم حق المواطنة وحق السكن وحق الرزق وحق المشاركة السياسية، ولكنا اذا تركنا كل ذلك سنخسر كل شيء، وهناك من يتمنى ان نكون دائما خارج اللعبة. اذن، يجب ان نفكر في المستقبل وكيف نراجع ادبياتنا، وان ندخل في تحالفات جديدة، ونحرك ملفات مهمة وتمس نبض المجتمع وأوجاع الناس، ولذلك ادعو كل شخصية مخلصة إلى العمل من الداخل شريطة ان يكون العمل للمصلحة الاسلامية والوطنية لا للثراء الشخصي، فغياب الكفاءات العلمية جعل غالبية هذه المواقع تملؤها المستويات العادية.

يجب ان نكون في قلب الحدث. فالانسحاب من المقاعد يعني ملأها بضعاف القوم ولا تلومن إلا نفسك.

في البحرين بقينا سنين طويلة مهمشين لا نعلم عن الحدث إلا من وراء جدر... أما اليوم، وفي ظل المتغيرات العالمية، يجب ان نكون في الحدث ويجب ان نبحث عن المعلومة ويجب ان نطالب بحقوقنا... حق العمل، حق التوظيف، حق المشاركة في كل شيء... فهذه الوزارات وهذه المؤسسات من حقوقنا باعتبارنا مواطنين. ومن حقنا ان ننتقد وان نطالب بالحقوق ولكن بأسلوب سلمي قانوني، واذا وجدنا أي خطأ سواء في المعارضة أو الدولة، يجب البوح به وهذه اصول اللعبة الديمقراطية.

يزعل من يزعل وتبقى الشفافية هي الخيار.

الإخلاص لا يكفي، فالسياسة تحتاج إلى إخلاص ووعي وحنكة ومرونة

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 450 - السبت 29 نوفمبر 2003م الموافق 04 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً