إن جودة وحسن بناء أية مؤسسة يرتكزان بشكل كبير على جودة بناء أفرادها المؤسسين لها والعاملين فيها. ولا يمكن قيام مؤسسة تعتمد مفاهيم وآليات الجودة والتطور والإتقان من دون ترسيخ مفاهيم الجودة في سلوكيات أفرادها وتطبع شخصياتهم بها، ونستحضر الآية الكريمة «إِنَّ اللّه لا يُغيّر مَا بِقْومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بأنْفُسِهِمْ» (الرعد 11) التي ترشدنا إلى ارتباط حسن وجودة المؤسسة أيا كانت طبيعتها وحجمها بجودة أفرادها سلوكا وتنظيما وإشرافا.

وبنظرة فاحصة لواقعنا يتضح لنا ضمور مفاهيم الجودة والإتقان في مؤسساتنا سواء أكانت تعليمية أم صحية أم سياسية أم أسرية أم أخرى، وذلك بقياس مؤشرات تحقق الأهداف والغايات التي أنشئت من أجلها هذه المؤسسات.

مفهوم الجودة في إطار المؤسسة

على مستوى المؤسسة تتحدد الجودة في مجموع المواصفات والمميزات لمنتج (سلعة استهلاكية - صحيفة - كتاب) أو خدمة (صحية - استشارية) أنشئت من أجلها المؤسسة وتصبو إلى أن تتميز هذه المنتجات أو الخدمات بالنوعية والجودة.

والمؤسسة هي: كل تجمع وكيان بشري تأسس لخدمة وتحقيق أهداف بالاعتماد على وسائل وإمكانات محددة، فقد تكون المؤسسة جمعية ثقافية - مؤسسة تعليمية - حزبا سياسيا - نقابة عمالية - مؤسسة إعلامية - شركة اقتصادية - أسرة.

وتنقسم مفاهيم الجودة وآلياتها في طور بناء المؤسسة إلى مراحل ثلاث:

1- قبل البناء Input

2- أثناء البناء Process

3- بعد البناء Outcome

الجودة قبل بناء المؤسسة

قبل قيام أية مؤسسة لابد من الإجابة عن سؤال جوهري وهو: ما الغاية من بناء المؤسسة؟ كما ينبغي تحديد الأهداف التي ستسعى إلى إنجازها مع وضع مؤشرات لقياس الأداء وإنجاز الأهداف بالنظر إلى واقع قبل البناء ومثله بعد قيام المؤسسة لتبيين حسن سير المؤسسة وفق أهدافها وغاياتها.

الجودة أثناء بناء المؤسسة

في هذه المرحلة تجب مراعاة قواعد أساسية:

- حسن ودقة اختيار الموارد والوسائل سواء كانت موارد بشرية أو مادية.

- وضع برنامج دقيق وتقسيم أطوار إنشاء المؤسسة إلى مراحل وخطوات مرحلية ومتدرجة وأهداف قصيرة المدى يمكن إنجازها.

- إشراك جميع أعضاء وأفراد المؤسسة منذ بدايات العمل في البناء ما يؤدي إلى حفزهم للأداء وأيضا ترسيخ مبادئ الجودة في جميع أنشطتهم ووظائفهم.

- وجود هيكل تنظيمي قوي للمؤسسة على جميع المستويات.

الجودة بعد بناء المؤسسة

تتحدد الجودة بعد بناء المؤسسة في المتابعة الدقيقة لمؤشرات تحقق الأهداف المرسومة. وترمي هذه المتابعة إلى تحديد الفروق بين الحصيلة المنجزة والهدف المخطط له، ويحتاج ذلك إلى وضع مخطط للتقويم والاستدراك والتطوير.

بعض آليات الجودة في المؤسسات

هناك الكثير من التقنيات والوسائل المعتمدة لتوفير الجودة على مستوى المؤسسات الاقتصادية بالإمكان الاستفادة منها في أية مؤسسة، ونذكر منها:

1- تحديد المسئوليات وذلك بوضع مواثيق عمل مكتوبة تبين المسئوليات المتعلقة بكل لجنة أو عضو (من يعمل ماذا؟).

2- وسائل اتخاذ القرار وذلك باتباع تقنيات معتمدة لاختيار طريقة أو أسلوب عمل تساعد في حسن اتخاذ القرار وتصويبه.

3- توضيح الأسباب - النتيجة، وذلك برصد كل الأسباب الممكنة وراء تحصيل النتيجة وتقسيمها إلى أسباب بشرية وأخرى تقنية.

4- خلايا الجودة، وتشكل هذه الخلايا من جميع الأطراف المعنية وذلك بهدف دراسة مشكلة أو قضية لأجل إيجاد الحلول الناجعة.

5- العصف الذهني، وذلك بطرح أسئلة أو قضايا في الاجتماعات وترك المجال الحر لكل فرد لإبداء رأيه ومقترحاته بشأنها للحصول على عدد أكبر من الآراء والحلول ثم جردها واختيار أنسبها بالتوافق بين الأفراد