قتل أكثر من 1000 مدني أوجرحوا بواسطة قنابل عنقودية استخدمتها القوات الاميركية والبريطانية اثناء غزو العراق، ومازال العراقيون يتعرضون للقتل والتشويه نتيجة تلك الذخائر بعد شهور من اسقاطها.
وفي شهري مارس/ آذار وابريل/ نيسان الماضيين، كان استخدام القنابل العنقودية في المناطق المكتظة بالسكان اكثر أسباب سقوط القتلى المدنيين، وفقا لتقرير نشر يوم الجمعة الماضي. ففي يوم واحد، هو اليوم الحادي والثلاثين من مارس، قتل 33 مدنيا وجرح 109 آخرين نتيجة إسقاط قنابل عنقودية على مدينة الحلة (60 ميلا جنوب بغداد). وأشار التقرير الصادر عن منظمة حقوق الانسان (هيومان ووتش) أن القوات الاميركية والبريطانية اسقطت حوالي 13000 قنبلة عنقودية غالبيتها على مناطق سكانية. وهذه الاسلحة التي تحتوي على كثير من القذائف الصغيرة يمكن أن تبقى على الأرض لعدة أشهر حتى تنفجر عن مرور أحد المارة أو المركبات.
وأظهرت تجارب الحروب الأخرى، ومن بينها الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في افغانستان، أن هذه القنابل الصفراء اللون غير المنفجرة تعتبر جذابة وتثير حب الاستطلاع لدى الاطفال.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة حقوق الانسان (هيومان ووتش)، كنيث روث: «إن قتل أي مدني في وقت الحرب يعتبر كارثة مرعبة، ولكن التركيز على عدد القتلى بالضبط يفقد الحوادث مضمونها. إذ إن المضمون هو أن الجيش الاميركي يجب ألا يستخدم أساليب الحرب هذه».
وأضاف روث قائلا: «تمثل الطريقة التي استخدمت بها القنابل العنقودية في العراق خطوة كبيرة إلى الوراء بالنسبة إلى الجيش الاميركي. وتحتاج القوات الاميركية البرية أن تتعلم الدرس القائل بأن القوات الجوية تبدو أنها تتبنى مسألة أن الذخائر العنقودية لا يمكن أن تستخدم في المناطق المأهولة بالسكان من دون وقوع خسائر كبيرة في أرواح المدنيين».
لقد أصبحت القنابل العنقودية لفترة طويلة جزءا مثيرا للجدل في ترسانة الاسلحة الاميركية والبريطانية. وأشار النقاد أن هذه القنابل لا تفرّق بين الأهداف العسكرية والمدنية. ففي ابريل الماضي، قالت وزارة الدفاع البريطانية إنها اسقطت 50 قنبلة عنقودية في العراق، مخلّفة وراءها 800 قذيفة صغيرة غير منفجرة.
ولكن الأرقام المستقلة تشير إلى أن القوات البريطانية استخدمت فعليا 70 قنبلة عنقودية ألقيت من الجو و2100 قنبلة استخدمت من الأرض. وفي تلك الفترة دافع وزير الدفاع البريطاني جيف هون عن استخدام هذه القنابل بقوله إنها اسلحة «قانونية تماما» وذات «دور عسكري مشروع بالكامل». وأضاف أن استخدامها وفّر حماية للقوات البريطانية من مخاطر غير ضرورية. ولكن يقول النقاد إن هذه الاسلحة استخدمت روتينيا اثناء غزو العراق في مناطق سكانية بدلا من استخامها ضد قوات معادية، وهو الاستخدام الأولي المصممة لأجله.
وأشار تقرير «هيومان ووتش» إلى أنه عندما زار فريق باحثيها عشر مدن عراقية ما بين نهاية ابريل و مطلع يونيو/ حزيران، قدر أن 13 الف قنبلة عنقودية اسقطت، وهذه الكمية تحتوي على مليونين من القذائف الصغيرة.
وفي زيارة باحثي منظمة حقوق الانسان الى مستشفى في الحلة، أخبر أحد الأطباء أن حوالي 90 في المئة من الحوادث التي تعامل معها اثناء الحرب كانت نتيجة الاصابة بالقنابل العنقودية. وقالت المتحدثة باسم هيومان ووتش في واشنطن، بوناي دوتشرتي إن الذخائر غير المنفجرة مازالت تقتل المدنيين. وأضافت: «مشكلة القنابل الفاشلة تعتبر خطيرة خصوصا اذا أخذنا في الاعتبار ان الذخيرة تستخدم في مناطق مأهولة بالسكان».
وهناك عدة توجهات لمحاولة تنظيم استخدام الذخائر العنقودية. واخبرت عضوة البرلمان العمالية، جليندا جاكسون صحيفة «الاندبندنت» أنها طلبت معلومات من وزارة الدفاع عمّا اذا كانت تعلم اين تقع القنابل العنقودية غير المنفجرة وما الاجراء الذي اتخد لمنع تسببها باصابة المدنيين، فـ «كان الرد غامضا» كما قالت جاكسون.
وأصدر اجتماع بين هيئات في الامم المتحدة ومنظمات غير حكومية بيانا جاء فيه: «اننا قلقون بشدة في أن قليلا من العمل اتخذ لتنظيم استخدام هذه الاسلحة المرعبة . وتقدر نسبة الذخائر العنقودية التي لم تنفجر بما بين 5 إلى 30 في المئة، سواء تلك التي اخترقت الأرض أو ظلت على سطحها. والقنابل التي كمنت تحت الأرض يمكن أن تعيق بشكل خطير تطوير البنية التحتية والزراعة الآمنة للأرض. هذه هي الحال في لاوس، كامبوديا وفيتنام إذ مازالت تمثل تهديدا مرعبا حتى بعد 30 عاما من انتهاء تلك الحروب».
اثناء الحرب في افغانستان في العام 2001، كان لزاما على القوات الاميركية أن توزع منشورات للمدنيين الافغان لكيلا يخطئوا في تمييز القنابل الصفراء اللامعة من طرود المساعدات الانسانية التي تأتي بالحجم واللون نفسه.
ينشر المقال بالاتفاق مع صحيفة «الاندبندنت» البريطانية
العدد 464 - السبت 13 ديسمبر 2003م الموافق 18 شوال 1424هـ