العدد 474 - الثلثاء 23 ديسمبر 2003م الموافق 28 شوال 1424هـ

حركة أحرار البحرين ... انطلاقات متعددة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يسألني الكثير عن تاريخي مع «حركة أحرار البحرين الإسلامية» وخصوصا أني كنت المتحدث باسمها ما بين الأعوام 1994 و2001، ولكني كنت أحبذ عدم الخوض في ذلك. وعدم الخوض ليس خوفا من ماضٍ أو حاضر وإنما سعيا للحفاظ على تراث الحركة السياسية من دون تشويه بسبب خلافات لابد أن تحدث مع الزمن في أية حركة من الحركات. غير أن السؤال مازال يتردد، وإجاباتي مقتضبة على رغم أنه بإمكاني تسطير مذكرات واسعة عن كثير من الأمور.

حركة أحرار البحرين لها عدة انطلاقات، وكل انطلاقة تختلف عن سابقتها. ففي مطلع الأمر (الانطلاقة الاولى) كانت فرعا لحزب الدعوة الإسلامية (تنظيم البحرين)، واستمر هذا الأمر ما بين 1981 و1984. حزب الدعوة كان سريّا للغاية وكانت تدور داخله حوارات لم تحسم بين أطرافه عن النهج الفكري والاستراتيجية، وكان فرع لندن يود التحرك بشيء من الحرية فانطلق باسم مختلف. تلك الفترة انتهت مع مطلع العام 1984 عندما ألقت المخابرات القبض على قادة التنظيم داخل البحرين وفككت الحزب، وتم حله بصورة فعلية.

ما بين 1984 و1986 كانت هناك انطلاقة ثانية تبناها عدد من الإخوة لإعادة بناء تنظيم حزب الدعوة الذي تم تفكيكه ولكن باسم مختلف وهو «أحرار البحرين». هذه المحاولة فشلت لأسباب كثيرة، وواحد من تلك الأسباب انتشار ثقافة في الوسط الإسلامي الشيعي تقول إن التنظيم الحزبي الهرمي «حرام»، وإن العمل السياسي يجب أن ينطلق من المساجد والمآتم ويجب أن يتصدره عالم الدين او الخطيب الحسيني بصورة جماهيرية مفتوحة لا تحتاج إلى أي تنظيم حزبي.

ما بين 1986 و1994 كانت هناك انطلاقة ثالثة وأكثر واقعية، ودوري انتقل في العام 1986 من الصف الثاني الى الصف الأول. وفي هذه المرحلة تركز العمل على عدد قليل وتوجهت الجهود إلى العمل الحقوقي والسياسي والإعلامي مع ا لحفاظ على ارتباطات مع مجموعات ناشطة داخل البحرين.

في نهاية العام 1994 انفجرت حوادث الانتفاضة التي صاحبت حركة النخبة التي وقّعت عريضتين وطرحت واحدة منها للتوقيع العام. حركة الأحرار كانت جاهزة لتلعب دورا تاريخيا في صوغ الأجندة وترشيدها وربط الناشطين من مختلف التوجهات بما يتم الاتفاق عليه وتمثيل وجهة نظر شعبية على المستويات الدولية وفي المحافل المهمة مثل مؤسسات حقوق الإنسان والبرلمانات وغيرها من الأنشطة التي ساهمت بشكل كبير في عقلنة أهداف التحرك السياسي ورشدت التوجه على أساس دستوري يعتمد «الإجماع الوطني» مبررا لوجوده وشرعيته واستمراريته.

مع حلول العام 2001 كانت الحركة لعبت دورا مميزا وأثرت كثيرا في الحوادث نظرا إلى موقعها (في لندن) وموقع الناشطين فيها داخل صفوف الحركة السياسية. ولكن التصويت على الميثاق في فبراير/ شباط 2001 وعودة الناشطين السياسيين والإفراج عن المعتقلين والسماح بتكوين جمعيات سياسية علنية ومنتخبة دفع إلى طرح أسئلة عن استراتيجية حركة الأحرار. فالحركة كانت تستمد شرعيتها إما من كونها عضوا في تنظيم أكبر قائم على الأرض، وإما لأن هناك مطالبة مباشرة من الداخل بتمثيل وجهة نظرهم لعدم استطاعتهم القيام بذلك. ولكن بعد تشكيل الجمعيات السياسية المنتخبة طرح السؤال: ما شرعية استمرارنا؟

الشارع الذي اعتمدت عليه الحركة هو الشارع نفسه الذي انتظم ناشطوه في «جمعية الوفاق»، فهل «الأحرار» وجه آخر لـ «الوفاق»؟ أم انها تعتمد على جمهور آخر يختلف عن «الوفاق»؟ وهنا حدث الاختلاف، لأنني (وغيري أيضا) من الذين يؤمنون بضرورة وضوح الصلاحية وضرورة انعدام الازدواجية في المواقف والآراء.

وهكذا بدأت الانطلاقة الرابعة (الأخيرة) في العام 2002 بعد اختلاف بين القائمين على شأن الحركة. وكنت من الذين اعترضوا على وجود وجهين للشارع نفسه، واحد منتخب ويعمل من الداخل (الوفاق)، وآخر يعمل بأسلوب يختلف ويتبع أجندة أكثر تشددا حتى من فترة التسعينات العصيبة.

على أنني لست من الذين سيحاولون تغيير التاريخ لأن وجهة نظري اختلفت مع غيري، وأنا أكنُّ كل احترام لمن يعمل بحسب أفكاره ووجهات نظره، لأنني أؤمن بالتعددية وأؤمن بالديمقراطية، وفي الوقت ذاته أؤمن بضرورة الحصول على شرعية واضحة لكل عمل أقوم به

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 474 - الثلثاء 23 ديسمبر 2003م الموافق 28 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً