العدد 476 - الخميس 25 ديسمبر 2003م الموافق 01 ذي القعدة 1424هـ

نوايا لتعديل لائحة المخالفات المسلكية

فيما طالب 87% من طلبة الجامعة بإلغائها

كشف عميد شئون الطلبة عبدالحميد المحادين عن حدوث «تعديلات إجرائية على لائحة المخالفات المسلكية». ويبين استطلاع أجرته «الوسط» شمل عشرات الطلبة من مختلف التخصصات ان 87 في المئة منهم يرغبون في تعديل اللائحة، بينما نفى 47 في المئة ان يكون لديهم اطلاع كامل على بنودها.

وعلى رغم الانتقادات التي وجهت الى اللائحة التي تحظر «التجمع» و«التجمهر» وتنظيم المسيرات «من دون ترخيص من قبل إدارة الجامعة»، فإن رئيس قسم القانون الخاص محمد عبدالعال أكد في حديث خاص إلى «الوسط» «انها تنظيمية وليست تقييدية، ولا تنتهك الحقوق»


«اللائحة المسلكية» في الجامعة بين زمنين...

الطلبة: هل ستواكب اللائحة الجديدة عصر الإصلاحات؟

الوسط - حيدر محمد

ربما يكون للإدارات الجامعية السابقة ما يبرر تطبيقها اللائحة المسلكية - ذات التوجس الأمني - باعتبار أن بنود هذه اللائحة نابعة أساسا من قانون أمن الدولة الذي كان يحكم المجتمع بقوة السيف والنار وكل القوانين التي تأتي تباعا تتماشى وهذا القانون، إلا أن الأمر قد تغير كثيرا الآن مع العهد الإصلاحي الجديد الذي دشنه جلالة الملك، وبالتالي فإن بنود هذه اللائحة من وجهة نظر الكثيرين آن الأوان لتغييرها...

الحقوق المدنية والسياسية التي كفلها الدستور للطالب الجامعي - باعتباره مواطنا في الأساس - هي الأخرى قد تم تغييبها في هذه اللائحة بحجج تدحضها معطيات كثيرة، ولكن السؤال الذي يطرحه الطلبة بقوة عند سماعهم عن سن لائحة مسلكية جديدة في أروقة الجامعة وهو: هل ستواكب اللائحة الجديدة عهد الحريات، كما واكبت سابقاتها عصر الكبت والاحتقان؟! ومن هو المخوّل بتغيير هذه اللائحة ؟ هذا هو محورنا الحقوقي لهذا الأسبوع...

الانطلاقة كانت مع عميد شئون الطلبة بجامعة البحرين عبد الحميد المحادين الذي أكد 'للوسط' خبر اللائحة المسلكية الجديدة، لكنه ينفي في الوقت ذاته حدوث تغيير ملموس سيطرأ عليها مكتفيا بالقول «التعديلات القادمة ستكون إجرائية فقط». وعن الجهة المخولة بتغيير القانون: هل هي مجلسا الشورى والنواب، أم إدارة الجامعة؟ يجيب المحادين «مجلس الجامعة وحده المخول بتغيير هذه اللائحة».

أما رئيس قسم القانون الخاص بجامعة البحرين محمد عبدالعال فقد تحدث عن أهمية وجود هذه اللوائح قائلا: «إن عدم وجود لائحة لا ينم عن وضع صحيح، وهذه اللائحة وضعت لطلاب في سن المراهقة وفي بداية التحاقهم بالجامعة وارتكاب الأخطاء في هذه المرحلة وارد بشكل كبير، وايجابيات اللائحة تكمن في محاسبة الطالب داخل الحرم الجامعي، ويكون في المسألة القانونية جانب تربوي».

وعما إذا كانت اللائحة لها جانب تقييدي أكثر مما هو تقويمي؟ يجيب عبدالعال بالقول: «نريد أن نكفل حرية التعبير مع الحرص على انتظام الدراسة وهو الهدف الذي شكلت الجامعة من أجله وانشغال الطلبة بالأنشطة الثقافية والسياسية بعيدا عن الأنشطة العلمية يسهم في تعطيل الجو الدراسي في الجامعة».

ويتحدث عبدالعال بإسهاب عن أهمية هذه اللائحة في إقرار النظام داخل الجامعة «الجامعة مؤسسة مزدحمة وتعد شعلة نشاط وتضم عددا كبيرا من الموظفين يعملون بهدف معين والقانون يوظف لخدمة هذا الهدف وإذا ابتعد القانون عن الجامعة فإنه يبتعد عن الهدف الأساس في الجامعة».

غير أن أحد النشطاء الحقوقيين يبدي وجهة نظر مغايرة بشأن هذا الموضوع، ويرى أن الجامعة هي وليدة من مجتمعها الأكبر «لابد أن نفهم الدور الحقيقي للجامعة فهي جزء من المجتمع وستقوم بتخريج جيل سيقود المجتمع مستقبلا، فلماذا يطلب من الطالب أن يعزف عن ممارسة حقوقه داخل الجامعة؟ لماذا لا يحق له مناقشة القضايا السياسية؟». ويتساءل: «هل يا ترى القصد هو عزل الطالب الجامعي عن هويته السياسية والاجتماعية؟!».

ويذّكر هذا الناشط الحقوقي بوقت إصدار تلك اللائحة التي واكبت قانون أمن الدولة، ومدى تأثير ذلك القانون على بنودها التي قيدت الحريات: «لقد تم صوغ اللائحة أيام قانون أمن الدولة وبعض البنود فيها تحال إلى قانون العقوبات وفيها تقييد كبير للحريات، وحتى الهيئة الأكاديمية يطالها هذا التقييد فبعضهم لا يتنقل إلا بإذن ولا يصرح إلى الصحافة إلا بإذن مسبق». وفي الوقت الذي أكد فيه عبدالعال ضرورة احترام القانون مبينا وجوب تطبيق ما في اللائحة إذ لا يحق لشخص أن يكتسب حقوقا لا يقرها القانون، يرى الناشط الحقوقي أن: «اللائحة المسلكية لا يتم تطبيقها بشكل كامل فأية عقوبة لابد أن تقر من قبل لجنة التحقيق إلا أن بعض الطلاب قررت عليهم العقوبة سواء كان بلفت نظر كتابي أو شفوي من دون لجنة تحقيق».

مجحفة بحق الطلبة

الطالب الجامعي والناشط في القضايا الطلابية حمد الزيرة سلك منحى أكثر تفصيلا إذ قال: «بالنسبة إلى لائحة المخالفات المسلكية بشكل عام، من غير الممكن أن نحكم عليها جيدة أو سيئة في الوقت ذاته. فمثلا، هناك مواد ضرورية يجب أن توجد في الحرم الجامعي من أجل ضبط سلوك الطلبة بالجامعة وعن طريقها تنظم العلاقات ما بين الطلبة أنفسهم وما بين الطلبة والجامعة من أعضاء الهيئتين الأكاديمية أو الإدارية وباقي الموظفين بالجامعة. ولكن وللأسف الشديد، هناك بعض المواد، التي قد نقول عنها، غير مواكبة للمشروع الإصلاحي، قد تعود إلى الحقبة السوداء لنظام أمن الدولة وهي مخالفة لبعض مواد دستور البلاد، في حين الكل يجب أن يعلم أن لا شيء يعلو على الدستور».

كما تطرق الزيرة إلى «المادة رقم (2)، الفقرة ط: تنص: أي توزيع لنشرات، أو إصدار لمجلات حائط بالكليات، أو جمع لتوقيعات، أو تبرعات دون الحصول على ترخيص مسبق من الجهات المختصة في الجامعة تعتبر مخالفة تأديبية. وهذه المادة تخالف مادة الدستور رقم (23) التي تنص: حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما وأيضا تخالف مادة رقم (29) من الدستور التي تعطي لكل فرد الحق أن يخاطب السلطات العامة كتابة وبتوقيعه».

وأيضا، هناك الفقرة ك من المادة 2 من لائحة المخالفات تعتبر الدعوة إلى أي تنظيم داخل الجامعة، أو المشاركة فيها من غير ترخيص مسبق من الجهات المختصة في الجامعة مخالفة تأديبية. وهي تناقض المادة رقم (28) من الدستور، بحيث يعطى الأفراد حق الاجتماع الخاص دون الحاجة إلى إذن أو إخطار سابق وان الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة».

وعن المادة رقم 10 من لائحة المخالفات يرى الزيرة أنها تجحف حقوق الطالب الجامعي «فهي مجحفة بحق الطالب، إذ إنها لا تعطي الحق للطالب أن يستأنف بعض القرارات التأديبية التي وُقّعت عليه من قبل الجامعة مثل لفت النظر وغيرها، فتعتبر نهائية ولا يحق للطالب مناقشتها».

وفي ختام حديثه اقترح الزيرة «إدراج بعض المواد القانونية في لائحة المخالفات المسلكية تكون تعزيزية لقانون الحشمة داخل الجامعة، بحيث تعتبر مخالفة تأديبية لأي طالب أو طالبة يلبس أو تلبس لباسا مخالفا للأعراف والقيم والمبادئ الإسلامية و الاجتماعية».

في الوقت الذي لم يختلف رأي العضو السابق بمجلس الطلبة سيد محمد شرف كثيرا، والذي تسبب فصله من مجلس الطلبة في إثارة إعلامية كبرى، إذ وصم هذه اللائحة التي طبقت عليه بالسيئة وغير الدستورية «انها لائحة سيئة تم صوغها في حقبة «أمن الدولة » التي أسدل عليها الستار، ونحن نعلم أن الأصل في كل القوانين والتشريعات هو مبدأ الإباحة، ويكون التقييد هو الاستثناء، وهو نقيض ما تتضمنه هذه اللائحة التي تخالف الدستور روحا وقانونا».

ويستتبع شرف قائلا: «تشير المادة الثالثة من اللائحة والمتعلقة بـ «الجزاءات التأديبية» إذ إن طريقة عرضها وتسلسلها يخالف آراء فقهاء القانون، وعلى سبيل المثال لا الحصر فمن حق أي عضو هيئة تدريس - وفقا لهذه المادة - أن يعاقب أي طالب بالعقوبات الجزائية الثلاث الأولى من دون إخضاعه للجنة التحقيق، كما يمكن للجنة التحقيق التي يمثل فيها الطالب أن تقوم بنسف أقواله أو تحريفها». ويعزو شرف ذلك إلى أمور عدة «فالطالب لا يستطيع التوقيع على أقواله (...) فمن حق الطالب الكويتي أن يطلب حضور ممثل للاتحاد الطلابي الكويتي لجلسات التحقيق، وهذا ما نطالب به».

ويرى شرف أن الحل الواقعي يتمثل في «إشراك الطالب الجامعي في صوغ القرارات واللوائح التي تطبق عليه»، متسائلا: « فيا ترى أي مستقبل ينتظر طلبة لا تثق بهم الجامعة؟!».

تغييرات جذرية وجوهرية

عضوة اللجنة العليا للانتخابات الطلابية السابقة الطالبة مياّدة معراج لم توافق زملاءها؛ إذ نفت أن تكون اللائحة مقيدة للحريات «في الحقيقة هي لا تقيد الحريات، بل تساعد على سير العملية التنظيمية في الجامعة».

غير أن المفاجأة الكبرى التي كشفتها ميادة وهي وجود ما أسمته «تغييرات جوهرية» في اللائحة القادمة «من خلال موقعي كعضوة في اللجنة العليا للانتخابات الطلابية السابقة، لذلك فإنني أؤكد وجود تغييرات جوهرية وجذرية ستطرأ على اللائحة المسلكية القادمة التي سيتم العمل بها في فبراير/ شباط من العام المقبل 2004م». وهو الأمر الذي يتناقض مع التصريح الذي أدلى به عميد شئون الطلبة في حديثه لـ «الوسط» عن هذه القضية!

كما تمنت ميَّادة أن تقوم إدارة الجامعة بتطبيق اللائحة المسلكية، ولكن بأسلوب أكثر دبلوماسية في التعامل مع الطلبة عموما، والطالبات بوجه الخصوص «إذ إن بعض الطالبات تنحرج بسبب معاملة المرشدات الاجتماعيات معهن في مسألة اللباس وفقا للائحة المسلكية التي لم يتم توزيعها على طالبات الدفعات السابقة».

تتعارض مع الدستور

رئيس اللجنة الإعلامية في مجلس طلبة جامعة البحرين إبراهيم رضي أدلى بوجهة نظره في هذا الموضوع قائلا: «إن لائحة المخالفات المسلكية هي لائحة قديمة، وتتعامل مع الطلبة من منطلق أمني بحت لا من منطلق تربوي، بينما المفترض من اللوائح المسلكية أن تكون مصوغة بصيغة تتناسب مع الجو الجامعي التربوي، وبشكل يرتقي إلى مستوى الطالب الجامعي لكونها لوائح إرشادية في الأساس، لا أن تكون مصدر قلق وخوف لطلبة الجامعة».

ويضيف رضي: «كما أن بعض بنود اللائحة تتعارض مع مواد الدستور؛ لان حاكمية الدستور ملزمة لكل القوانين داخل الجامعة أو خارجها، وبالتالي فإن المجلس الطلابي سيدرس تعديل هذه اللوائح، وسيحاول تقديم لوائح جديدة إلى إدارة الجامعة بالتشاور مع بعض الحقوقيين وأصحاب الاختصاص».

قانون الجامعة أمام «النيابي»

رئيس لجنة الشئون التشريعية والقانونية بمجلس النواب النائب فريد غازي علق بدوره على تغيير اللوائح المسلكية بالقول: «إن من حق مجلس النواب أن يطلب إجراء تغيير في القانون الأساسي في الجامعة، وهذا الاقتراح مطروح الآن على طاولة البحث في المجلس النيابي لدراسة مقترح لقانون الجامعات تقدمت به الحكومة إلى المجلس، لكن الأمر يبدو مختلفا بالنسبة إلى اللوائح الداخلية في الجامعة؛ إذ إن هذه اللوائح خاضعة لقانون الجامعة». وعلى رغم أن حديث الأطراف المعنية هنا انتهى بهذا التحقيق، فإن تفاعلات هذه القضية لم تنتهِ بعد!


في استطلاع للرأي أجرته «الوسط»

87% من طلبة الجامعة يطالبون بتغيير اللائحة

الوسط - المحرر الحقوقي

كشف استطلاع للرأي أجرته «الوسط» أن 87 في المئة من طلبة الجامعة الذين شملهم الاستطلاع يرغبون في تغيير اللائحة المسلكية لتتواكب مع وتيرة الإصلاحات السياسية التي تشهدها المملكة، بينما نفى 47 في المئة من الطلبة أن يكون لديهم اطلاع كامل على بنود هذه اللائحة، في وقت لا يعتقد فيه 13 في المئة من الطلبة أن تكون بنود اللائحة واضحة بالمقدار الكافي، بينما أكد 93 في المئة من المجموعة ذاتها أنهم لم يتعرضوا لأي من العقوبات الجزائية التي نصت عليها اللائحة. يذكر أن ثلثي المجموعة كانت أعمارها متراوحة ما بين 19و25 عاما، فيما توزع من شملهم الاستطلاع على كليات الجامعة الست: الآداب وإدارة الأعمال والحقوق والتربية والهندسة وتقنية المعلومات

العدد 476 - الخميس 25 ديسمبر 2003م الموافق 01 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً