العدد 478 - السبت 27 ديسمبر 2003م الموافق 03 ذي القعدة 1424هـ

يجب التأكد من نوايا القذافي قبل الصفح عنه

الصحف الأميركية والعبرية:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

تناولت الصحف الأميركية والعبرية، الحدث الليبي غداة إعلان طرابلس الغرب التخلي عن برامج تطوير أسلحة الدمار الشامل واستعدادها لقبول عمليات التفتيش المفاجئة... في وقت تحدثت أنباء صحافية عن احتمال عقد لقاء ثلاثي يضم الرئيس الأميركي جورج بوش والليبي معمر القذافي ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير.

وبعد حملة انتقادات طالت الإدارة الأميركية، أشادت الصحف الأميركية بسلسلة الانجازات التي حققتها السياسة الخارجية لبوش التي توجت بإعلان ليبيا الجمعة تخليها عن جهودها لتطوير أسلحة دمار شامل. وأجمعت الصحف الأميركية والإسرائيلية على ان للحرب على العراق دورا في خطوة ليبيا المفاجئة التي كرّست الولايات المتحدة الأميركية مرجعية لملفات أسلحة الدمار الشامل على حساب دور الأمم المتحدة ومنظماتها المعنيّة الأمر الذي عبرت عنه «واشنطن بوست» بالقول ان التقارير الأولية التي كشفت عنها ليبيا عن برامج التسلح على أراضيها، خير دليل على فشل الأمم المتحدة، في مراقبة استيراد وتصدير المواد التي تستخدم في إنتاج الأسلحة المحظورة.

ارتياح «اسرائيلي»

واعتبرت «نيويورك تايمز»، أن مصير صدام حسين الذي أطاح به الجيش الأميركي من السلطة بتأييد من بريطانيا بعد مراوغة طويلة فيما يتعلق ببرامج الأسلحة العراقية، كان عاملا مهما في قرار ليبيا. أما الجانب الآخر من الصورة فهو على جاري العادة الاستخدام الإسرائيلي السريع للحدث في المنطقة، فلم تخف «إسرائيل» ارتياحها للقرار الليبي واعتبر وزير الدفاع شاَؤول موفاز انه «بعد الإطاحة بنظام صدام حسين العراقي، حقق التحالف البريطاني الأميركي انتصارا جديدا بحمل القذافي على التخلي عن أسلحة الدمار الشامل».

وتطرق المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية جوناثان بيليد إلى مسألة احتمال إقامة علاقات دبلوماسية بين تل أبيب وطرابلس. فيما أظهرت خريطة لـ «الشرق الأوسط» نشرتها «يديعوت أحرونوت»، ان سورية وإيران أصبحتا الوحيدتين من الدول المعادية لـ «إسرائيل» في جوارها القريب أو البعيد التي تملك، طبعا بحسب الزعم الإسرائيلي، أسلحة غير تقليدية.

ورأت «واشنطن بوست» في افتتاحيتها أن المبادرة الليبية لتفكيك برامجها النووية جاءت بعد أن أثبتت الولايات المتحدة وبريطانيا بالبرهان في العراق أن رفض التخلي عن برامج التسلح يستلزم تدخلا عسكريا. وأوضحت ان أولى بوادر الالتزام الليبي بالتخلي عن أسلحة الدمار الشامل ظهرت في شهر مارس/آذار الماضي حين تبين للزعيم الليبي معمر القذافي، أن محاولات صدام حسين، الحصول على الأسلحة النووية لم تعد مسموحا بها لدى الولايات المتحدة.

وفي المقابل، وجدت الصحيفة الأميركية مناسبا توجيه السهام إلى المنظمة الدولية إذ أشارت إلى ان التقارير الأولية التي كشفت عنها ليبيا عن برامج التسلح على أراضيها، خير دليل على فشل الأمم المتحدة، في مراقبة استيراد وتصدير المواد التي تستخدم في إنتاج الأسلحة المحظورة. وذكرت «نيويورك تايمز» ان رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، تحدث مع الرئيس الليبي معمر القذافي، عبر مترجم خاص وحثه على الاستجابة لمطالب لندن وواشنطن.

وذكرت ان مستشار بلير للأمن القومي السير نايجل شينولد، ومستشارة الرئيس الأميركي للأمن القومي غونداليزا رايس انهمكا في مفاوضات مركزة طوال الأيام التي سبقت إعلان التنازل الليبي عن الأسلحة مع فريق ليبي برئاسة مسئول الاستخبارات موسى كوسا وآخرين. فيما كان وزير الخارجية الأميركي كولن باول خلال فترة وجوده الأسبوع الماضي في المستشفى على اتصال مستمر مع نظيره البريطاني جاك سترو في هذا الشأن.

ونقلت عن مصادر مطلعة، ان أطرافا دبلوماسية دولية وعربية أخرى ساهمت في هذه المفاوضات بينها السفير السعودي لدى واشنطن الأمير بندر بن سلطان ورئيس جنوب افريقيا السابق نيلسون مانديلا اللذان لعبا في الماضي دورا رئيسيا في إنهاء «أزمة لوكربي».

جائزة ليبية للتفاوض!

ونقلت عن دبلوماسيين أن واشنطن ولندن لاحظتا أن القذافي، أبدى رغبة جدية في التفاوض لدرجة انه عرض جوائز مالية تصل إلى مئة مليون دولار لمن يقنع بوش بإنهاء العقوبات المفروضة على ليبيا. ونقلت عن مسئول أميركي قوله ان فريق المفتشين الذي زار ليبيا تمكن من دخول عشرة مواقع من ضمنها موقع لتخصيب اليورانيوم. وأوضح المسئول ذاته ان ليبيا لم تشتر معدات لإنتاج أسلحة نووية لكنها كانت على وشك أن تنتج هي بنفسها هذه المعدات.

وأشارت «نيويورك تايمز»، إلى ان المسئولين في واشنطن ولندن يحاولون الحصول على إجابة على سؤال عن هوية البلد الذي زوّد ليبيا بالأجهزة التي تستعمل في تخصيب اليورانيوم. لافتة إلى ان الخبراء البريطانيين عثروا في المواقع التي زاروها في ليبيا على كميات كبيرة من العناصر الكيماوية والقنابل التي أعدت لملئها بها. ونقلت «نيويورك تايمز»، عن مسئولين أميركيين أن مخاوف تنتاب إدارة بوش وحكومة بلير من تراجع القذافي عن إعلان التنازل عن الأسلحة وخصوصا أنه فعل ذلك في الماضي بعدما أوفد العام 2001 مبعوثين خاصين إلى أوروبا واعدا بالتنازل عن أسلحته الكيماوية والسماح للمفتشين الدوليين بزيارة ليبيا.

ولاحظ وليام سافير في «نيويورك تايمز» انه مع ورود أول التقارير عن اقتراب سقوط نظام الرئيس صدام حسين، على أيدي القوات الأميركية، وردت إلى ذهن الزعيم الليبي معمر القذافي، الخطوط الرئيسية لاستراتيجيا تهدف إلى تفادي احتمال أن تكون ليبيا، الدولة التالية بعد العراق، على لائحة الأنظمة التي ستستهدفها آلة الحرب الاستباقية الأميركية. ونفى سافير، أن يكون قرار ليبيا، بالتخلي عن برامجها النووية، نتيجة السنوات الطويلة من العقوبات.

مشددا على ان رئيس جهاز الاستخبارات الليبي موسى كوسا، لم يختر فرنسا أو ألمانيا، بل اختار بريطانيا، الحليف الأول للولايات المتحدة، للتفاوض بشأن إزالة اسم ليبيا من لائحة الدول التي قد تستهدفها الولايات المتحدة عسكريا. غير ان سافير، أكد في ختام مقالته ضرورة التأكد أولا من نوايا القذافي، قبل الوثوق به والصفح عنه.

وأشارت «نيويورك تايمز» في تقرير خاص، إلى ان تحقيقا أجرته وكالات استخبارات أميركية وأوروبية ومفتشون دوليون مع «أبوالقنبلة النووية» الباكستانية عبدالقادر خان، دفع المسئولين الباكستانيين، إلى التحقيق مع مساعدي خان، والتوصل إلى ان باكستان، كانت مصدر تصدير تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم إلى إيران وكوريا الشمالية، واحتمال أن تكون قامت بتصديرها إلى دول أخرى.

متابعة طهران

ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أنها تجري تحقيقات منذ شهرين في واشنطن وأوروبا وباكستان، وأنها توصلت إلى ان المحققين الأميركيين والأوروبيين أثاروا مسألة شراء طهران، مراكز الدفع المركزي النووية من باكستان منذ حوالي 16 عاما، خلال تحقيقاتهم مع خان، من أجل دفع الدولة الباكستانية إلى مواجهة عمليات البيع السرية التي تجرى على يد مهندسيها النوويين لجهات أجنبية، وإجراء تحقيقات أوسع عن هذه المسألة. وتضيف الصحيفة ان عمليات البيع تلك تتضمن نقل كميات من المواد المشعة إلى كوريا الشمالية في أواخر التسعينات. وتابعت الصحيفة أن أسئلة جديدة بدأت تطرح عن دور باكستان في تصدير التكنولوجيا النووية، أثيرت بعد قرار ليبيا بالكشف عن أسلحتها النووية بما في ذلك مراكز الدفع المركزي. ونقلت في هذا السياق عن مسئول دبلوماسي أوروبي مطلع ان البرنامج النووي الليبي لديه بعض الخصائص المشتركة مع البرنامج الإيراني والتكنولوجيا التي صدرتها إسلام أباد إلى طهران.

ماذا في الصحف العبرية، نقلت «هآرتس» في خبر افتتاحي عن مصادر سياسية رفيعة المستوى في «إسرائيل»، ان الولايات المتحدة، لم تسمح للدولة العبرية بالاطلاع على مجريات المحادثات السرية التي كانت تجرى مع ليبيا، خلال الأشهر الماضية، التي أدت إلى الإعلان الليبي. وأافت المصادر أن «إسرائيل» تلقت منذ عشرة أيام، معلومات إستخبارية عن بعض الحوادث التي تجرى في ليبيا، غير أن تلك المعلومات لم تتضمن شيئا عن المحادثات الأميركية مع الزعيم الليبي.

لقاءات مع «اسرائيليين»

وتابعت المصادر أنه حين أثار المسئولون الإسرائيليون مسألة التهديد الليبي مع نظرائهم الأميركيين، قيل لهم إن الولايات المتحدة، تهتم بالموضوع وانه يجدر بالدولة العبرية أن تبقى بعيدا عن المسألة الليبية. وتساءل عكيفا إلدار في «هآرتس» على هامش الحدث الليبي، عن سبب عدم التطرق إلى اسم ليبيا في خطابات المسئولين الإسرائيليين في مؤتمر هرتزليا، على رغم ان القذافي كان من بين الزعماء العرب الذين دعموا مبادرة ولي العهد السعودي للسلام في قمة بيروت، وعلى رغم ان ابنه سيف الإسلام لم تكن لديه أية مشكلة في لقاء أعضاء من الكنيست الإسرائيلي ومسئولين وأكاديميين من الدولة العبرية. وانطلاقا من المثل الليبي رأى إلدار، ان المسئولين الإسرائيليين ينظرون «بعين واحدة» عندما يتعلق الأمر بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأوضح ان هؤلاء المسئولين لا يأبهون سوى بوجهات نظر طرف واحد معتبرين ان فيها حكمة فريدة بينما يرون ان وجهات نظر الطرف الآخر غير ذات صلة. ولم يكتفِ إلدار، بانتقاد المسئولين الإسرائيليين على «قصر نظرهم» بل انه رأى ان المسئولين في السلطة الفلسطينية لا يتطرقون في تصريحاتهم سوى إلى المستوطنات الإسرائيلية ومصادرة الأراضي والحواجز والاغتيالات ولا يذكرون الانتفاضة ولا العمليات «الانتحارية» ولا التحريض. وختم مقاله بالقول ان الذين لا يأبهون بما يقوله المسئولون السياسيون (فلسطينيين وإسرائيليين)، يمكنهم أن يلاحظوا ان معظم أعضاء الجامعة العربية من ليبيا إلى ا السعودية يرغبون في الاعتراف بحقوق الفلسطينيين والإسرائيليين في تقرير مصيرهم وفي الحصول على الأمن والسلام.

وفي سياق متصل بالحدث الليبي وخصوصا بعد أن باشرت الدولة العبرية التحريض على إيران، لفتت «هآرتس» في افتتاحيتها إلى ما صرح به وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز، للإذاعة الإسرائيلية الناطقة بالفارسية الأسبوع الماضي من ان «إسرائيل» ستحرص في حال قررت الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية على عدم إلحاق الأذى بالمدنيين الأبرياء. ورأت الصحيفة العبرية ان تصريح موفاز، هذا من أخطر التصريحات الإسرائيلية عن مسألة التهديد الإيراني للدولة العبرية منذ أكثر من عشر سنوات. مضيفة أن هذا التصريح هو دليل واضح على ان وزارة الدفاع الإسرائيلية مشغولة بوضع خطط لشن عملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. وتابعت ان تصريح موفاز، هو بحد ذاته تصعيد في التهديدات الإسرائيلية فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني

العدد 478 - السبت 27 ديسمبر 2003م الموافق 03 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً