العدد 2668 - الجمعة 25 ديسمبر 2009م الموافق 08 محرم 1431هـ

حي السيدة بالشام يصرخ... صبركِ يا زينب

أن تزور في هذه الأيام حي السيدة زينب (ع) بالشام ستراه شيئا مختلفا، وينتابك شعورا «مغايرا»، فما إن تحط برحلك في هذا الحي حتى تحسّ بالحزن يخيم على المكان وسط ظلام لياليه الموحشة والقارسة البرودة.

السواد يلف المكان كله، تتقدم نحو الحرم الشريف ويقابلك على جداره لوحات سوداء تعزي بالفاجعة وإعلانات لإقامة مجالس العزاء في أماكن متعددة منها حسينية أبو الفضل العباس، الحسينية الحيدرية، مؤسسة أهل البيت، والحوزة العلمية الزينبية وغيرها من المجالس، لكن ما أن تدخل الصحن الزينبي حتى تأخذك صيحات مواكب العزاء الباكستانية والعراقية والإيرانية بلغات مختلفة، لكنها جميعا تتوحد في الحزن والألم وكلها تصرخ بحال واحد يا زينب.

تقدمنا رويدا نحو القبر الشريف، وأنا أتساءل في نفسي ما الذي سأقوله لزينب (ع)؟ وأي الكلمات سأختارها؟ ومن أين ابدأ؟ خطواتي ثقيلة استحياء ورهبة من اللقاء، كنت دائما أقول لمن حولي حين نزور النبي (ص)، وأهل البيت (ع) لا تبكون حين اللقاء حزنا، بل ابكوا فرحا لأنه لقاء الأحبة حيث الفرح يسبق الحزن، لكن عند السيدة الأمر بات مختلفا جدا، فالحزن كاد يقتلنا، والدموع لا تفارقنا، وتزداد كلما اقتربنا أكثر، مما ضاعت معها الكلمات، لم نقدر على رفع رأسنا طويلا خاصة عندما رأينا تلك القطعة السوداء الملتفة حول الشباك كتب عليها بخط ذهبي عريض «السلام عليك يا أم المصائب».

حي السيدة زينب (ع) الذي يقع في الجهة الشرقية الجنوبية وعلى بعد سبعة كيلومترات من دمشق ينطق هذه الأيام بالمصيبة، هذا الحي الذي وفقا لما تشير إليه بعض الروايات إلى أنه عبارة عن ضيعة كان يمتلكها زوج السيدة زينب (ع) عبد الله بن جعفر الطيار قرب دمشق في قرية يقال لها (راوية)، وقد توفيت السيدة زينب (ع) في هذه القرية ودفنت في المرقد المعروف باسمها، والمقام يشتمل على ضريح فضي وقبة مذهبة ومئذنتين شامختين وأروقة مزخرفة بالزخارف الإسلامية والآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وجمل مقتطعة من خطبة السيدة في الشام.

هذا الحي أصبح حيا عراقيا بامتياز، إذ أغلب قاطنيه من العراقيين المهجرين إبان حكم صدام حسين والحرب العراقية الإيرانية، في طريقنا إلى حضور مجلس حسيني يقام في حسينية أبي الفضل العباس كانت المضايف تصطف على طول الطريق من الجانبين لتقديم الضيافة من الشاي والحلوى العراقية إلى المعزين، وكانت تحمل أسماء مختلفة منها هيئة الإمام علي (ع)، الهيئة الزينبية، هيئة الإمام علي بن موسى الرضا (ع)، هيئة أنصار الإمام الحجة (ع)، وغيرها الكثير، عند كل مضيف تعيش حالة من الحالات التي عاشتها زينب سواء في أرض المعركة أو في الأسر، لان تلك المضايف اعتادت على وضع أشرطة عزاء عراقية كلها على لسان زينب (ع)، فتقف عند إحداها لتسمع «ناديت، يا حسين من صغري وشاب الرأس» وتظل تعيش حالة هذا النداء وحين يختفي يكون صوتا آخر يصلك ويحكي موقف آخر «عباس أنت اللي جبتني قوم ردني للوطن»، في حين يطل عليك صوت طفل الصغير يحكي قصة زينب ليلة العاشر في رثاء حزين «لا يجي باجر».

مقام السيدة بالشام شاهد على المعاناة، فلم تكن مرحلة الشام بأقل ضراوة وشدة وقسوة على زينب من كربلاء، فها هو الإمام زين العابدين (ع) طوال العشرين سنة المتبقية من حياته بعد استشهاد والده الإمام الحسين (ع) يبكي على زينب وهذا يتضح جليا في الحوار الذي دار بينه وبين أبي حمزة الثمالي عندما سأله عن سر بكائه الطويل رغم قوله «القتل لنا عادة، وكرامتنا من الله الشهادة»، فرد عليه الإمام إنما بكائه على «دخول عمتي زينب الشام».

هي زينب تجدها حاضرة في كل تفاصيل كربلاء، وفي كل مواقف الأسر بإيمانها وصبرها وثباتها وشجاعتها وقوتها وكبريائها وحنانها وحكمتها، هي امرأة مختلفة في كل المقاييس وعلى مختلف الأصعدة، فزينب التي ولدت في الخامس من الهجرة النبوية فقدت جدها العظيم (ص) وهي بنت خمس سنوات، ثم فقدت أمها الزهراء (عليها السلام) بعد ذلك بشهور قليلة لا تتجاوز الستة، فكان عليها تحمل المسئولية في تلك السن المبكرة، حتى أصبحت أنضج إدراكا وأرهف حسا، فبدت في بيت أبيها الإمام علي (ع) ذات مكانة أكبر من سنها الكثير، زينب صاحبة قرار ولم تكن يوما خاضعة للصدف والاستدراج، بل هي من تقرر، فقد روى المؤرخون أن السيدة زينب (ع) اعترضت على نصيحة ابن عباس للإمام الحسين (ع) بأن لا يحمل معه النساء وردت من ورائه قائلة: «يا ابن عباس تشير على شيخنا وسيدنا أن يخلفنا هنا ويمضي وحده، لا والله بل نحيا معه ونموت معه»، لم يكن ذلك فحسب بل هي من تحسن إدارة الأزمات فهي من أدارت المواقف بعد الحسين (ع) في مرحلة السبي فها هي تحفظ الإمام زين العابدين من القتل، حين تعلقت به وقالت: «يا ابن زياد حسبك من دمائنا ما ارتويت وسفكت، وهل أبقيت أحدا غير هذا؟ والله لا أفارقه، فان قتلته فاقتلني معه»، هي صاحبة موقف لا ينحني أبدا حين خاطب يزيد «أمن العدل يا ابن الطلقاء».

لكن هذا الجبل الشامخ وهذا الصبر لم يطق الصبر في العيش بعد الحسين، حيث فارقت الحياة بعد عام واحد من معركة الطف، هكذا يروي لنا هذا الحي قصة السيدة زينب (ع) حين اتخذ شعاره هذا العام السلام عليك يا أم المصائب، فأي صبر كابدته يا زينب.

العدد 2668 - الجمعة 25 ديسمبر 2009م الموافق 08 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 32 | 2:15 ص

      رضي الله عن صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم

      يا الله. مالنا غيرك يالله.

    • زائر 31 | 7:09 م

      لاحياه لسورويون بدون السيده زينب

      احلى مافي دمشق السيده زينب

    • زائر 30 | 10:24 ص

      في كل شي

      مادا اقول عن السيده زينب هي التي يوم قتل الامام الحسين عليه السلام منو لل يعدل ناقة السيده زينب كان يو ابو الفضل عليه السلام موجود يوم دهبوا الى الشام كل مره ينزل من الناقه لكي يعدل ناقه السيده زينب والان ليس عندها من يعدلها غير المريض العلييل وزينب وما ادراكي ما زينب انها صبرت في يوم قتل الحسين يا ليت الفاظميات يصبحو ياخدوا عظه وعبره من صبر السيده زينب

    • زائر 29 | 8:04 م

      السلام عليك ياأم المصائب

      السيدة زينب سلام الله عليهاااا جبل في الصبر والعطاء والتفاني ...جبل في مواجهة يزيد ومعاوية وحكومتهم اللعينة ...جبل من الحزن والبلاء ..أي قلب يحمل كل هذا ؟!!!
      الا نعلة الله على الظالمين

    • زائر 25 | 8:31 ص

      حسين مني وانا من حسين

      تعلمت من الحسين ع ان اكون مظلوما فانتصر

    • زائر 24 | 8:30 ص

      مرحباً بالزينبيات

      السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى زينب أخت الحسين بوركت أقلامكم الولائية وتقبل الله منكم أعمالكم

    • زائر 23 | 8:18 ص

      مصير بنوا اميه

      عظم الله اجرك يا ام المصائب في مصائبك بالحسين واهل بيته فقد فزتوا في الدنيا والاخره اما حكام بنوا اميه وبنوا اميه فهم في مزبلة التاريخ في الدنيا ولاخره

    • زائر 22 | 7:47 ص

      العاشقه لام المصائب

      السلام عليك با ام المصائب

    • زائر 21 | 7:31 ص

      الى سوري من بني أمية

      منذ قليل شكرناك على تعليقك فقمت بسبنا وشتمنا ولن نرد عليك بمثل ردك فنحن أرفع من هذه الردود ( وكلُ إناءٍ بالذي فيه ينضحُ) ولكن أقول الله يهديك ويحفظ لك أهلك وأحبتك ويوفقك لكل خير وصلاح إنه مجيب الدعاء

    • زائر 20 | 7:12 ص

      سوري من بني امية

      اللهم ارضى عن اهل بيتك الطاهرين وعن الصحابة اجمعين وعن ال خليفة الكرام الميامين وعن اهل الشام الامويين
      والعن الخميني وكل من يحب الخميني

    • زائر 19 | 5:39 ص

      السلام على القلب الصبور وعلى لسانها الشكور

      السلام عليك يا بنت سيد الانبياء السلام عليك يا بنت صاحب الحوض واللواء السلام عليك يا بنت من عرج الى السماء ووصل الى مقام قاب قوسين او ادنى السلام عليك يابنت نبي الهدى وسيد الورى ومنقذ العباد من الردى السلام عليك يابنت المظلل بالغمام سيد الكونين ومولى الثقلين وشفيع الامة يوم المحشر السلام عليك يابنت يعسوب الدين السلام عليك يابنت سيد الوصيين السلام عليك يابنت قامع الكفرة والفجرة السلام عليك يا جبل الصبر يازينب وعلى جدك وابيك وامك واخوانك وجعلنا معكم في الدنيا والآخرة تعازيّ للجميع ونسألكم الدعا

    • زائر 18 | 5:14 ص

      السلام عليكِ يا عقيلة الطالبيين

      اخذني الشوق لأكون وسط صحنها الشريف لأعزيها بما حل عليها من مصائب الدهر :(
      السلام عليكم سادتي اهل البيت ، يا ذخري وذخيرتي في آخرتي ودنياي ورحمة الله وبركاته

    • زائر 17 | 5:13 ص

      لعنة الله على بنو أمية

      السلام عليك يا ام المصائب السلام عليك يا سيدتي ومولاتي وعظم الله لك يا صاحب العصر الزمان ( ياريتنا كنا معكم فنفوز والله فوزا عظيما )وابد والله يازهراء ما ننسى حسيناه

    • زائر 16 | 4:52 ص

      لعنة الله على بني أمية

      سلام الله على آل بيت نبوة محمد صلى الله عليه و آله سلم ولعن الله ظالميهم .مأجورين

    • زائر 15 | 4:51 ص

      شكرا للزائر 2 على تعليقه ولو أن عندي طلبين منه

      أولا أتمنى أن تكون كتاباتك دائما هكذا داعية للوحدة وعدم التفرقة، وثانيا لا أرى من داعي أن يكتب ويفتخر أنه من بني أمية ثم يترحم على الحسين الذي قتله بني أمية!!! عموما أتمنى أن تصل رسالتي له وأشكره مرة أخرى على تعليقه الطيب ودمتم أيها الأحبة على حب أهل البيت فحبهم يجمعنا ولا يفرقنا

    • زائر 14 | 4:28 ص

      سيدة المصائب

      السلام على سيدة المصائب تحملت الظلم والمصائب وشهدت ابشبع الجرائم امامها بقتل اهل بيتها وهم احفاد الرسول (ص) , الله يلعن ظالميكم يا اهل بيت رسول الله

    • زائر 13 | 4:19 ص

      عظم الله أجوركم

      .. فأي صبر كابدته يا زينب.. السلام عليك ياسيدتي ومولاتي يا كعبة المصائب وحشرنا الله معكم ورزقنا شفاعتكم.

    • زائر 12 | 3:15 ص

      السلام على الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين

      السلام على ام المصائب زينب ومن ينسى زينب وماجرى عليها في واقعة الطف وموقفها الاعلامي في نشر مظلمة ابى عبدالله الحسين وفضح المخطط الظالم لبني اميه المتمثل في الزنديق الفاجر يزيد ابن معاويه فلنتسأئل اين الحسين؟ واين يزيد؟
      الحسين في قلب كل مؤمن ومؤمنه وهو سيد شباب اهل الجنه ومخلداٍ فيها فلنرى عدد الافواج التي تزور ضريح الحسين، اما يزيد فانه مخلد في النار ولا يذكر له قبر انما هو مزبلة التاريخ الهم العن بني أميه قاطبه.
      ولاننسى خطبة عقيلة الطالبين في مجلس الدعي يزيد حيث ابهرت من كان في المجلس

    • زائر 11 | 3:12 ص

      ياام المصائب

      عظم الله لك الاجر ياجامعة الرزايا ياام المصائب ساسيدتي ومولاتي يازينب

    • زائر 10 | 2:38 ص

      عظم الله اجوركم

      السلام على قلب زينب الصبور ولسانها الشكور
      السلام عليكي يا ام المصائب يا زينب وعظم الله لك الاجر
      وكتب الله لنا زيارتك ان شاء الله قريبا

    • زائر 9 | 2:10 ص

      اللعنة على الظالمين الى أبد الآبدين

      السلام عليك يا بنت سيد الانبياء السلام عليك يا بنت صاحب الحوض واللواء السلام عليك يا بنت من عرج الى السماء ووصل الى مقام قاب قوسين او ادنى السلام عليك يابنت نبي الهدى وسيد الورى ومنقذ العباد من الردى السلام عليك يابنت المظلل بالغمام سيد الكونين ومولى الثقلين وشفيع الامة يوم المحشر السلام عليك يابنت يعسوب الدين السلام عليك يابنت سيد الوصيين السلام عليك يابنت قامع الكفرة والفجرة السلام عليك يا جبل الصبر يازينب وعلى جدك وابيك وامك واخوانك وجعلنا معكم في الدنيا والآخرة تعازيّ للجميع ونسألكم الدعا

    • زائر 7 | 1:19 ص

      سوري من يني امية

      رحم الله السيدة زينب ورضي الله عنها وضي الله عن سيدنا الحسين واسكنهم فسيح جناته ورضي الله عن اهل البيت الطاهرين واصحب محمد وجميع المسلمين

    • زائر 6 | 1:12 ص

      سلام الله عليك يا زينب يا أم المصائب

      عظم الله أجورنا وأجوركم في مصائب آل بيت رسول الله ، الله يكتبنا أن شاء الله ونكون عند السيدة عليه السلام في الأربعين وهنيئا لزوارها

    • زائر 5 | 12:36 ص

      000

      السلام على الصديقة الصغرى زينب الكبرى بنت على بن أبي طالب وعظم الله لك الاجر بمصاب أخيك الحسين بن علي (ع) . عظم الله لك الاجر يا صاحب الزمان وللعلماء والمؤمنين وكل محب لأهل البيت.

    • زائر 4 | 12:12 ص

      عظم الله اجوركم يا مسلمون

      السلام على الحسين على اصحاب الحسين اللذين بذلو مهجهم دون الحسين السلام عليك يا زينب ام المصائب ورحمة الله وبركاته،،،
      ليت الطغاة وظلام زماننا هذا يعون او يتعلمون من مدرسة عاشوراء العدل والايثار والشجاعة وحب الاخرة وترك الدنيا ولكن حب الدنيا يسري في عروقهم والملك عقيم مع علمهم ان هذه الدنيا فانية... ثورة سيدنا الحسين رضي الله عنه ثورة تزلزل عروش الطغاة والمتكبرين ليت كل مسؤول وكل حاكم يتعلم من هذه الثورة وليتنا نحن الناس البسطاء نعلم ابنائنا من هو الحسين ولم خرج وما هي اهدااف ثورته ليتنا...

    • زائر 3 | 11:39 م

      درب الزلق

      وجميع انحاء العالم بكرة وبعد صلاة الظهر سوف يصرخ عشر مرات يــــــا حــــــــــسين واتمنى ان تكزنو من ضمن هؤلاء الناس ليظاعف الله حسناتكم مأجورين ومثابين

    • زائر 2 | 10:59 م

      يا زينب

      السلام عليك يا ام الرزايا يا سيدتي و مو لا تي يا زينب بنت امير المؤمنبن علي بن ابي طالب عليك و عليه السلام

    • زائر 1 | 10:15 م

      وازينباه

      وا سيدتاه

اقرأ ايضاً