العدد 2672 - الثلثاء 29 ديسمبر 2009م الموافق 12 محرم 1431هـ

معادلة أس x أس تنتج حكومة توافقية في لبنان (1)

أحمد سلمان النصوح comments [at] alwasatnews.com

الوطن العربي الكبير يضم الكثير من الدول الكبيرة والصغيرة الحجم، بعضها ملكي والآخر جمهوري وعددها حسب تقارير الأمم المتحدة الحالية هو (22 دولة عربية) لها مقاعد معترف بها في الأمم المتحدة، لكن ولا دولة من تلك الدول حظيت بشهرة وبرزت في نشرات الأخبار ردحا من الزمن لأكثر من ثلاثة عقود متعاقبة ومازالت لغاية اليوم بمثل ما تحظى به الجمهورية اللبنانية، التي هي في الواقع تختلف عن معظم قريناتها من الدول العربية.

لبنان هذه الدولة الصغيرة الحجم التي تبلغ مساحتها نحو (10.400 كم مربع) وعدد سكانها نحو (4 ملايين) وهم خليط من الفسيفساء المجتمع أثنيا ودينيا، حيث يوجد داخل هذه الدولة الكثير من الشركس والأرمن والأكراد واليهود والتشناق الدروز والمسيحيون وأصول أخرى عربيه وغيرها.

هذه الدولة لها تاريخ حافل من الهجرات إلى خارج لبنان مثلا إلى أميركا، وكندا، وأميركا الاتينية واستراليا ونيوزيلندا ومناطق أخرى في غرب إفريقيا وإلى سائر البلدان العربية.

أشتهر اللبنانيون بإبداعهم وطيب خلقهم وبمطاعمهم النظيفة التي يقبل عليها الرواد من جميع الجنسيات، لبنان الذي استقل عن فرنسا في العام 1947م بعد أن ثبتت فيه نوعا من العرف الاجتماعي والسياسي المبني على أساس تعداد السكان في تلك الفترة من الزمن، حيث التواجد المسيحي والمسلم السني والمسلم الشيعي، لذلك قررت فرنسا أن يكون رئيس الجمهورية مارونيا، ورئيس الوزراء مسلما سنيا، ورئيس مجلس النواب مسلما شيعيا، هذه المعادلة قادت البلد الصغير إلى ثورات وحروب داخلية طاحنة، ففي العام 1958م وخلال حكم الرئيس (كميل شمعون) طالب بإنزال قوات المرينز لحماية حكومته، كذلك بعد خروج الفلسطينيين من خارج الأراضي الأردنية في أعقاب حرب سبتمبر/ أيلول العام 1971م وبعد اجتماع الجامعة العربية تم الاتفاق على قيام الجمهورية اللبنانية باستقبال المقاتلين الفلسطينيين التابعين لمنظمة الحرير الفلسطينية في الأرضي اللبنانية، حيث أقاموا لهم مواقع قتالية وأخرى مراكز قيادات مما أهلهم لمواجهة العدوان الإسرائيلي المتكرر عليهم وعلى شعبهم المتواجد بكثرة في الملاجئ في أراضي لبنان. لكن في العام 1975م وبعد حادثة باص عين الرمانة التي قيل حينها إن مقاتلين تابعين إلى القوات اللبنانية المسيحية المسماة بقوات (الفلنجه) هاجمت ذلك الباص مما أدى إلى مقتل ركابه من الفلسطينيين، دخلت القوات الفلسطينية المتمركزة في بيروت وبمساندة من القوات الوطنية اللبنانية التي كان يتزعمها آنذاك (كمال جنبلاط) وقوى وطنية أخرى متحالفة معها الحرب ضد القوات اللبنانية مما أشعل فتيل الحرب الأهلية التي قسمت لبنان إلى جزئيين منطقة بيروت الشرقية تحت سيطرة المقاتلين المسيحيين وبيروت الغربية التي سيطر عليها المقاتلون الفلسطينيون والقوات الوطنية اللبنانية المتحالفة معها.

استمر تقسيم بيروت الى شرقية وغربية إلى أن قررت الجامعة العربية إرسال ما سمي في حينه (بقوات الردع العربية) التي تشكلت من الكثير من الدول العربية وغلب على أكثرها القوات السورية، لكن بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان العام 1978م انسحبت معظم قوات الردع العربية وبقي فقط الجنود السوريون.

بعد اجتياح «إسرائيل» لبيروت واحتلالها في العام 1982م بقيادة رئيس الوزراء السابق الذي كان حينها يشغل منصب رئيس الأركان (أرئيل شارون) حيث احتل بيروت واتخذ من فندق (الماريوت) مقرأ لقيادته، في ذلك العام لم تكن هناك حكومة لبنانية وقامت «إسرائيل» بتنصيب (حكومة لبنانية تكون غير معادية لدولة «إسرائيل») بقيادة بشير الجميل الذي اغتيل بعد أسبوع من تسلمه الرئاسة وتم بعدها تنصيب شقيقة (أمين جميل) خلفأ له ومن دون انتخاب، إذ لم يكن الوضع يسمح بإجراء انتخابات والبلد واقعة تحت الاحتلال.

في العام 1982م قرر بعض الشبان اللبنانيين بدء المقاومة المسلحة بالتحالف مع قوات إسلامية لبنانية وبعض القوى الوطنية والقوات الفلسطينية، وبعض القيادات الوطنية الفلسطينية واللبنانية، ففي ذلك العام تشكل «حزب الله اللبناني» الذي رأسه السيد عباس الموسوي وقاد عددا من العمليات ضد الجيش الإسرائيلي المحتل، وفي ذلك العام أيضا قررت «إسرائيل» عدم الانسحاب من بيروت إلا بعد خروج جميع المقاتلين الفلسطينيين وعلى رأسهم رئيس منظمة التحرير الفلسطينية (ياسر عرفات) حيث تمت الموافقة على استقبالهم في تونس واليمن وقامت القوات والبوارج الأميركية والفرنسية بنقل تلك القوات إلى مواقعها الجديدة عبر البحر الأحمر والبحر المتوسط، مما ترك الأهالي من الفلسطينيين من النساء والأطفال والشيوخ في لبنان من دون حماية، حيث لا تواجد للدولة اللبنانية، ولأن الجيش الإسرائيلي كان مازال يحتل بيروت طلب من اللبنانين المتعاونين معه بـ «تنظيف» بعض المخيمات وقتل كل سكان مخيمي صبرا وشاتيلا، وفي هذه اللحظة المؤلمة قامت القوات اللبنانية المتعاونة مع المحتل بقتل كل شيء حي في ذلك المخيم حتى الحيوانات حيث بلغ عدد القتلى أكثر من 4 آلاف ضحية بين امرأة ورجل وطفل... إلخ.

هذه الأعداد مدونة اليوم في سجلات الأمم المتحدة لشئون اللاجئين وسوف يأتي اليوم الذي يكشف الستار عنها ويتم محاسبة مرتكبي تلك الجرائم، بعدها واصل حزب الله اللبناني والمتحالفون معه النضال لإخراج المحتلين وأعوانهم من الجيوش الغربية من بيروت وحتى الشريط الحدودي في جنوب لبنان، للعلم ذلك الشريط كان يبلغ نحو (800 كم متر مربع).

وعندما أتم أمين الجميل رئاسته لم يقم بإجراء انتخابات بل أوكل الراية «راية الرئاسة» إلى قائد الجيش اللبناني في حينها (العماد ميشيل عون) وتواصل الوضع لغاية العام 1990 م.

إقرأ أيضا لـ "أحمد سلمان النصوح "

العدد 2672 - الثلثاء 29 ديسمبر 2009م الموافق 12 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً