العدد 2681 - الخميس 07 يناير 2010م الموافق 21 محرم 1431هـ

العراق يسير على الدرب الصحيح

آيفن لويس comments [at] alwasatnews.com

من الواضح أن العراق يسير بالاتجاه الصحيح. فقد شاهدت ذلك بنفسي خلال زيارتي للبصرة وبغداد وإربيل في نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول. كما شاهدت وسمعت من المواطنين العراقيين كيف أن حياتهم باتت تعود تدريجيا وبثبات إلى طبيعتها، وكيف أن الوضع الأمني بات يتحسن يوما بعد يوم.

وذلك التحسن اتضح مباشرة بعد عودتي من زيارتي، حين تم الإفراج عن الرهينة البريطاني بيتر مور بعد قضائه عامين ونصف العام مأسورا. ليس هناك من شك لديّ بأن أساس قرار الإفراج عن السيد مور يعود إلى التقدم الحاصل في عملية المصالحة التي تمضي بها الحكومة العراقية مع الجماعات المسلحة التي على استعداد لنبذ العنف. لكننا نستمر بمواساتنا لجميع عائلات من تم اختطافهم وقتلهم، وخصوصا ألان مكمينيمي وعائلته. وإنني أناشد من اختطفوه رهينة توضيح مصيره في أقرب وقت ممكن.

بالطبع مازال هناك بعض التحديات. والإرهابيون مستمرون بتعمد استهداف المدنيين الأبرياء، ما يكشف أكاذيبهم القائلة بأنهم يريدون إخراج القوات الأجنبية من العراق. إلا أن محاولات الإرهابيين الرامية لإثارة الأعمال الانتقامية الطائفية أو لأن يحيد العراق عن طريقه قد باءت بالفشل. ورغم فظائع هذه الهجمات، فإن أعدادها بانخفاض مستمر. وعلى الرغم من أن آخر هجوم كبير في بغداد قد وقع بعد بضعة أيام من اتفاق الساسة العراقيين على قانون جديد للانتخابات، فإن ذلك لم يؤدِّ لتأجيل الانتخابات المزمع إجراؤها في شهر مارس/ آذار.

وفي غضون ذلك، هناك تطورات إيجابية على الأرض: فاقتصاد العراق بنمو مستمر، وعوائد النفط تتدفق باستمرار، والديموقراطية تقوي جذورها. وقد استمتعت بالحديث عن هذه الانتخابات مع بعض أعضاء البرلمان خلال مأدبة عشاء أثناء زيارتي، وانتابني شعور جميل بالحديث عن الديموقراطية الانتخابية في أنحاء الشرق الأوسط. إن الديموقراطية الانتخابية في العراق في نمو مستمر. فقد مرت الانتخابات بسلام في شهر يناير/ كانون الثاني ويوليو/ تموز من العام الماضي. وسيتوجه الناخبون العراقيون في غضون شهرين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الوطنية لانتخاب برلمان جديد وحكومة جديدة. وسيكون 25 بالمئة من الأعضاء الجدد في البرلمان العراقي من النساء. وبشكل عام فإن النقاش في البرلمان نقاش حر وصريح وشمولي، على النقيض مما كان عليه منذ سنوات عديدة عندما كان العكس هو الصحيح. النظام الذي شهدته ربما لا يكون مكتملا كما يجب - حيث بعض الأنظمة تعتبر مكتملة - لكنه نظام اختاره وصممه ويديره العراقيون أنفسهم.

وقد استطعت أن أستشفّ من خلال حديثي مع مجموعة من الساسة والمسؤولين العراقيين، خلال تجوالي في بعض مناطق بغداد والبصرة وإربيل، بعض الأفكار حول القضايا التي ستكون موضوع الانتخابات القادمة. يولي العراقيون اهتماما كبيرا للتحسينات الأمنية، لكن سيكون الحكم على الساسة في مقابل ما إذا كان الناخبون يعتقدون بأنهم سيقدمون خدمات عامة أفضل للمواطنين. أي منهم سيجعل المستشفيات تقدم خدمات أفضل للمرضى، أو سيصلح الطرقات أو يوفر المزيد من فرص التوظيف؟ وسوف يصوّت بعض الناخبين على أساس طائفي، لكنهم يريدون كذلك انتخاب المرشحين الذين يمكنهم إدخال تحسينات على ظروفهم المعيشية. ولم يكن أي ممن تحدثت إليهم على استعداد للتنبؤ بنتائج الانتخابات. إن عدم اليقين ذلك والإحساس بأن ذلك هو ما يتنافس عليه المرشحون في الانتخابات هو ما يضفي على الديموقراطية العراقية صدقيتها.

لكن مهما كانت نتيجة الانتخابات، فإن الإجماع العام في العراق يدور حول أن هناك بالفعل تقدم حاصل بالبلاد. وإنني على ثقة بأنه بغض النظر عن القيادة السياسية التي ستنجم عن هذه الانتخابات، فإن المملكة المتحدة ستتعاون بشكل وثيق معها للمساعدة في تحقيق ذلك التقدم.

ذلك لأن المباحثات بيننا تتناول، وبشكل متزايد، المواضيع التي تتعلق بالعلاقات الثنائية العادية: الروابط التجارية والثقافية والتعليمية. وعلى الرغم من انشراح صدري لما شاهدت وسمعت، فإننا غادرت العراق وأنا أشعر بالتواضع. فليس هناك من شك بأن الحكومة العراقية التالية ستواجه تحديات أمنية واجتماعية واقتصادية كبيرة.

وعلى الرغم من كل التقدم الذي تم إحرازه في مجال الأمن، مازالت أعمال العنف كثيرة جدا. وخفض درجة العنف يتطلب جهود مستمرة وعازمة من قبل قوات الأمن العراقية. وقد أبدت مختلف الطوائف في العراق أن باستطاعتها الجلوس لمناقشة القضايا والتوصل لاتفاقيات - من قبيل قانون الانتخابات الجديد. يوفر الدستور العراقي إطارا جيدا لذلك، لكن مازال هنالك حاجة لمصالحة أكثر عمقا بين مختلف طوائف العراق. وقد بدأ الساسة العراقيون بداية جيدة، لكن مازال أمامهم بذل الكثير قبل أن يتمكن العراق من الشعور بالثقة بنفسه.

وفي غضون ذلك، بات الاقتصاد العراقي أفضل حاليا، ويعود الفضل في ذلك لحد كبير إلى أسعار النفط المرتفعة. لكن على العراق استغلال عائداته المتزايدة لتحسين الحياة اليومية لمواطنيه. وبينما تساعد شركتا شِل وبريتيش بتروليوم في تحديث صناعة النفط العراقية، يتعين على العراق كذلك أن يتطلع نحو بناء قاعدة اقتصادية أوسع لا تعتمد كليا على قطاعي النفط والغاز.

وعنصر من العناصر الأساسية في مستقبل العراق يستند على وجود علاقات أفضل مع جيرانه. وهذه عملية تسير بكلا الاتجاهين. فقد انقطع العراق عن جيرانه إبان حكم صدام. وبينما تتجه العلاقات حاليا نحو التطبيع، فإننا نريد أن نرى العراق يستفيد من معاودة اندماجه في المنطقة، وأن تستفيد المنطقة من العراق الجديد. وبالتالي فإنني أناشد كلا من العراق وجيرانه مضاعفة الجهود الرامية لتنمية الروابط بينهم - بتبادل السفراء، وبناء روابط تجارية أقوى، ومناقشة مواضيع الاختلاف بينهم بكل صدق وصراحة - لكي تتمكن دول المنطقة ككل من التقدم مجتمعة مع بعضها البعض.

العراق اليوم مختلف تماما عما كان عليه قبل ست سنوات. أعلم بأن هناك الكثيرين ممن يعارضون الإجراء الذي اتخذته المملكة المتحدة في العراق، لكن مهمتي هي التركيز على العراق كما هو اليوم.

وإنني على قناعة، من واقع ما شهدته بنفسي، بأنه على الرغم من التحديات التي مازالت كامنة أمام العراق، فإن مستقبله مستقبل باهر. ويبدي الشعب العراقي أملا وتفاؤلا كبيرين. والتحدي الأساس حاليا هو أن تكسب الحكومة العراقية القادمة إيمان الشعب العراقي بها، وأن تنفذ التحسينات الحقيقية التي يستحقها شعبها.

إقرأ أيضا لـ "آيفن لويس"

العدد 2681 - الخميس 07 يناير 2010م الموافق 21 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 9:10 ص

      الغيداق

      you must be kidding sir or you must been some somewhere else try and look at you flight ticket thank you sir

    • زائر 1 | 2:37 ص

      لقد اصبت

      نعم سيبقى اعراق العظيم وستبقي ارضك طاهرة من دنس الارهابيين المجرمين الخونه

اقرأ ايضاً