تطل القضية الفلسطينية في هذه الأيام على مرحلة هي من أشد المراحل خطورة على الشعب الفلسطيني، حيث بدأت الخطوات العملية لتسوية مذلّة يستجيب فيها عرب الأنظمة للشروط الإسرائيلية التي سيُصار إلى تعديلها في الشكل، لتبقى على ما هي عليه في المضمون، وخصوصا لجهة القدس ويهودية الكيان ومسألة اللاجئين، وصولا إلى مسألة الاستيطان التي تتواصل بكثافة في هذه الأيام، وكان آخرها الإعلان عن البدء ببناء أربع وعشرين وحدة استيطانية في منطقة جبل الزيتون في القدس المحتلة.
وحيث يتواصل الاستيطان الذي جرى تعميم حركته الميدانية بالطريقة التي تجعل من قيام الدولة الفلسطينية حلما مستحيلا، وخصوصا بعد فصل القدس عن محيطها، وتقسيم الضفة الغربية إلى أجزاء متعددة، ومنع التواصل بين هذه الأجزاء... في هذا الجو، يتواصل الحصار الإسرائيلي والدولي لقطاع غزة، والمدعوم عربيا، عبر رفع المزيد من السواتر والجدران، وإقفال شرايين الحياة والمعابر عن القطاع، ووضع كثير من العراقيل أمام القوافل الإنسانية وعدم تسهيلها إيصال المواد الغذائية والطبية الأساسية للمدنيين المحاصَرين، في عمليّة مستمرّة تمثّل خروجا على أبسط قواعد القانون الدولي، فضلا عن القيم الإنسانيّة والأخلاقيّة.
والى جانب ذلك، فإنّنا إذ نلمح حركة عربية نشطة في الآونة الأخيرة، لدفع الفلسطينيين إلى التفاوض مع الصهاينة، نحذّر من الشراكة العربية الجديدة مع واشنطن وتل أبيب، للالتفاف على الفلسطينيين وسَوْقهم مجددّا إلى نفق التفاوض المظلم، الذي سيستفيد منه العدوّ لتقطيع الوقت، وتنفيذ خططه الاستيطانية كاملة، وإجهاض مشروع الدولة المستقلة بالكامل، والتخفف من أعباء الانتقادات الدولية وإن كانت خجولة ومن دون مضمون سياسي حقيقي.
وفي موازاة ذلك، نلحظ تضخيما أمريكيا لبعض الأوضاع لتبرير المزيد من التدخّل في شؤون العالم العربي والإسلامي، وعندما تتحدث وزيرة الخارجية الأميركية بأن الوضع في اليمن يهدد العالم، فهي تشير إلى حجم الطموح الأميركي حيال التدخّل في شؤون اليمن، والانطلاق منه إلى مواقع جديدة في المنطقة العربية والإسلامية، لأننا نعتقد أننا دخلنا ـ مع الإدارة الأميركية الجديدة ـ في طور الاحتلال المقنَّع الذي تقوده المخابرات المركزية، بعدما كانت المسألة مع بوش الابن تتمثل في الاحتلال المباشر.
وإننا في الوقت الذي نؤكد فيه على حرمة التعرّض للمدنيين ولخطوط النقل في العالم، وللطائرات تحديدا، بأي اعتداء أو تهديد، ندعو إلى التدقيق في الروايات الأميركية في هذا الإطار، لأننا لا نستبعد تضخيما أميركيا جديدا لحوادث من هذا النوع، لتكون المبرر لمزيد من الاستباحة الأميركية للأمن العربي والإسلامي... ولذلك، فإننا ندعو المسؤولين العرب والمسلمين والشعوب الإسلامية والعربية للتنبّه والحذر من هذه المسألة الخطيرة، والتي بدأت تطل برأسها في الآونة الأخيرة.
أما في لبنان الذي كانت المحاصصة عنوانا أساسيا من عناوينه في التسميات الوزارية، وحتى في بعض خطوط المسألة الانتخابية، فسوف تكون المحاصصة هي عروس الشعر في التعيينات الإدارية، وإنْ تحركت الاقتراحات من هنا وهناك للإيحاء بأننا تجاوزنا مرحلة المحاصصة المباشرة، إلى مرحلة جديدة يستعير فيها النادي السياسي اللبناني عناوين جديدة، ومقدّمات مختلفة، للوصول إلى النتائج عينها.
لقد تبدّلت الأسماء، وتنوّعت الجهات، وبقينا نلفّ وندور في قلب الدوّامة، لأننا لا نزال في لبنان الساحة التي لا يسمح لها الخارج أن تتحوّل إلى دولة، ولا يبذل الداخل جهودا كبيرة لحماية الوطن والنهوض بمسيرة الدولة الحقيقية، وبين هذا وذاك تُوزَّع الجبنة على آكليها، وتُقسَّم الحصص بين المتنفّذين... وتغيب العناوين والقضايا الكبيرة في متاهات الزوايا الصغيرة.
إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"العدد 2682 - الجمعة 08 يناير 2010م الموافق 22 محرم 1431هـ
بارك الله فيك يا سيدنا
هكذا علماء ، علماء تطرح وعيا ، تطرح فكرا نظيفا ، تطرح موضوعات توحد بين صفوف الأمة ، تعلموا يا أشباه علماء، تعلموا يا أصحاب الفكر الهدام الفكر البائد المنبوذ و تحياتي لكم أبو سيد حسين
العرادي
ايدك الله يا سيد ,, لكن كأنك تأذن في خرابة .. هذي فلسطين من 60 سنه محتلينها والعرب ما قدرو يسوون شي ولا نصروها الا بالإسم فقط !! اي من الدول العربية تجرأت وفتح سفاره لفلسطين على أراضيها ,؟ لا احد غير ايران
كلهم فالحين يطلعو في الشاشات و يقولون نحن مع فلسيطين ويصبغ عليهم ومن يرجع لقصره ضرب تلفون لنتنياهو قاله والله ودنا لو نطبع علاقتنا معاكم طول عمرنا نحبكم ونحترم سيادتكم في الشرق الأوسط ,!
الله يعطيك طولت العمر يا سيد محمد.
ربنا يحفظك من كل سوء وشر .
ابنك احمد يوسف .