العدد 482 - الأربعاء 31 ديسمبر 2003م الموافق 07 ذي القعدة 1424هـ

الاستراتيجية الحكومية بعيدا عن النظرية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الورشة التي رعاها سمو ولي العهد واستعرضت خلالها الدراسة التي اعدتها مؤسسة «ماكينزي» اشارت إلى سبعة اسباب أدت إلى تفاقم مشكلات السوق البحرينية وازدياد البطالة الوطنية. وكانت أهم تلك الاسباب غياب الخطة الاستراتيجية والرؤية التي يسعى إليها الجميع ضمن نسق عام وضوابط تحفظ المسيرة التنموية.

غير ان هناك دولا لديها خطط استراتيجية ولكنها غير ذات فائدة. والحديث ليس عن الخطط النظرية التي لا يصدقها حتى من وضعها وانما عن الاستراتيجية التي تمتلك «انظمة» للإدارة الاستراتيجية، وإدارة الأداء التي تقيس اداء الحكومة بنتائج النجاح والفشل، وانظمة تخلق حالا من التنافس الشريف في السوق، وانظمة تدريب وتطوير للخبرات وتحسين الاداء بصورة مستمرة.

المطلوب ليس انشاء وزارة تخطيط أو هيئة تخطيط، ولو ان ذلك قد ينفع، ولكن المطلوب هو انظمة تنفيذية تساعد في عملية التخطيط وتقوم هي ايضا بتنفيذ الخطة وتسيير اعمال الحكومة. فالعمل الاستراتيجي ليس عملا منفصلا أونظريا، وانما عملا متلازما وضروريا لكل الانظمة التنفيذية.

والانظمة الحكومية الاستراتيجية تتسم بالمبادرة وبتوقع المشكلات لمنع حدوثها بدلا من الاكتفاء برد الفعل بعد حدوث المشكلات وبعد الوصول الى مرحلة الأزمة.

والورشة ذاتها مثال على العمل الاداري الاستراتيجي، إذ حددت الدراسة حجم مشكلة البطالة مستقبلا وقالت إنه إذا استمر الوضع كما هو فإن مئة ألف مواطن سيدخلون السوق خلال السنوات العشر المقبلة (حتى العام 2013) وإن ستين ألفا من هؤلاء سيكونون بلا عمل.

العمل الإداري الاستراتيجي ينظر إلى النتائج والمخرجات المتوقعة من استمرار الحياة ضمن نسق معيّن، ومن ثم تراجع المعطيات وتحدد هدفا آخر تبتغي الوصول إليه وعلى أساسه تعيد توجيه الإمكانات وتطرح الرؤية والثقافة المطلوبة للوصول الى الهدف الذي تم تعريفه.

هذا النوع من العمل الاداري هو النقيض للبيروقراطية التي تخنق طاقات الحكومات. فالبيروقراطية تتوجه دائما لإرضاء متطلبات الإجراءات الورقية، ويعشعش الفساد في تخليص المعاملات الورقية لأن الموظف الحكومي هو «السيد» والمواطن ما هو إلا «محتاج» و«ذليل» لتوقيع ذلك «السيد» على أوراقه. اما العمل الإداري الاستراتيجي فيضع نصب عينيه تحقيق الهدف الأسمى الذي يقوم على خدمة المواطن. والمواطن يصبح هو «السيد»، وهو الذي يجب ارضاؤه عبر اثبات ان المعاملة تمت بأسرع ما يمكن وبصورة شفافة ومن دون الحاجة لدفع رشوة أو الاتصال بشخص صاحب نفوذ للتوسط من أجل تخليص المعاملة. ولكي تتحقق الشفافية فإن الإدارة الاستراتيجية تطرح مقاييس وتنشرها على الرأي العام لتثبت أن مدة الانتظار لم تزدد على الفترة المعقولة والمقبولة، بالإضافة الى عشرات المؤشرات القياسية التي تستخدم للتأكد من ان الإدارة تعمل ضمن الاستراتيجية المعلنة التي اقنعت بها الهيئات التنفيذية وتمارسها على اساس مهني رفيع المستوى. وهذا هو المقصود بالاستراتيجية غير النظرية التي نأمل تدشينها لإنقاذ البحرين من كارثة البطالة المستقبلية التي لن ترحم أحدا إذا تُركت من دون حل

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 482 - الأربعاء 31 ديسمبر 2003م الموافق 07 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً