العدد 2691 - الأحد 17 يناير 2010م الموافق 02 صفر 1431هـ

رجل السماحة

الشيخ محمد الصفار mohd.alsaffar [at] alwasatnews.com

مساء يوم الأربعاء المنصرم 27/1/1431هـ ، كانت رسائل الهاتف النقال تزف لنا الحزن والحسرة، فهي في تتالٍ وتتابع تحمل الخبر عينه (انتقال رجل السماحة العلامة الشيخ على بن العلامة الشيخ منصور المرهون إلى الرفيق الأعلى عن عمر ناهز الـ 97 عاما)

لتسمح لي أيها القارئ الكريم أن أعود معك سويا إلى مساء 24/9/1425هـ حيث أكثر من ألفين شخص يحتشدون في إحدى ساحات القطيف (الشويكة) لينتظموا في حفل أقيم تحت عنوان «رجل السماحة».

المكرم في هذا الحفل هو رجل السماحة المرهون, الذي ارتأت القطيف له لقبا إنسانيا وأخلاقيا يليق بأخلاقه وتواضعه وعطائه, ومع أن الكثير من الألقاب العلمية لا تعز علىه لكن الفخر للإنسان هي أخلاقه وقيمه ومبادئه، وقد وصف الله سبحانه رسوله بقوله«وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ».

السنوات التي قضاها من عمره في العلم والتعلم, ليتعقل هذا المعنى ويدرك ذلك اللحاظ, ويطلع على دقائق الأمور العلمية وفك طلاسم عباراتها وغوامض أسرارها لم تُنسِه نفسه فعمل على معرفتها وإصلاحها وتأديبها وتزكيتها فحقَّ له أن يكون رجل السماحة ورفيقها وقرينها.

وهنا كلمات قليلة في حقه:


حب الفقراء

لعل أحد الأسباب التي ربطت رجل السماحة بجنوب القطيف، (حي الدبابية وحي الشويكة وغيرهما) وهم فلاحون ومزارعون يسكن أغلبهم الأكواخ يومها، هو كون القادم لهم من قرية أيضا، وهي قرية أم الحمام (إحدى بلدات القطيف) فرأوا فيه كما رأى فيهم الأهل والأحبة والجيرة والأسرة الواحدة، وبدأ الارتباط بينه وبينهم يشتد ويقوى، فأحبهم وكان أبا حانيا على فقرائهم، أنشأ الصندوق الخيري بالدبابية لمساعدة فقراء القطيف، وكان بمثابة القاعدة التي أسست علىها جمعية القطيف الخيرية، وانطلق يتعاطى ويقصد من فقراء المنطقة كلها.


حضوره بين الناس

لم يحبس نفسه في برج عاجٍ، ولا يحتاج لقاؤه إلى عنوة ومزيد مؤنة، بابه مفتوح يوميا لمسائل الناس وحاجاتهم وحل مشاكلهم، ومسجده عامر بحضوره الدائم في كل الصلوات اليومية، ومشاركته للناس حجهم وعمرتهم لبيت الله من الثوابت التي لم تغيرها إلا ضرورات الكبر والمرض.

هو مع الناس في أتراحهم وأفراحهم، وهو معهم في مجلسه وفي بيوتهم، ولعل البكاء والوجوم الذي خيم على وجوه مشيعيه أكبر دليل على ذلك الحضور.


عفة اللسان

لم يشتم أحدا، ولم يعادِ أحدا، ولم يتقوّل على أحد، لا بالمباشرة ولا باللمز والغمز في مجالسه أو على منبره، أو في محاضراته أو في خطبه، لقد كان عفيف اللسان، وطاهر السمع فقد نقل الكثير من الآباء الذين عاشروه من قرب أنه كان يرفض غِيبة أي أحد من الناس ومن أهل العلم على وجه الخصوص في أي مكان أو مجلس يكون فيه، ويقول اذكروا الناس بخير أو اسكتوا، وكان يطرد من يغتاب قائلا: أخرج ولا تحرقني بالنار.


الهم الوطني

حين رأى رجل السماحة حاجة الناس إلى العلماء، حاول أن يوجد أجواء تساعد على طلب العلم ودراسة المسائل التي يحتاجها الناس، وسعى سعيه لذلك، لكن الظرف في بلده لم يساعده على إنجاز مهمته.

كما شارك رجل السماحة في الوفد الذي ذهب للملك سعود معزيا بوفاة المرحوم الملك عبد العزيز آل سعود.


موقف لا أنساه

كتب لي والدي (رحمه الله) قصيدة تأبينية لأحد العلماء وطلب مني إلقاءها في حفل سيقام بالمناسبة في المسجد الذي يصلي فيه رجل السماحة (بحي المسعودية)، كان عمري 8 سنوات، جلست على الكرسي وكنت مرتبكا وأنا أمسك الورقة التي كان اهتزازها يهز كل بدني، وكان الشيخ يجلس على الأرض على يميني، لم أصدق أنني سأنهي المهمة لارتباكي، لكنه بادرني بكلمات تشجيعية جميلة أتمها بخمسة ريالات وضعها في جيبي. ليت كل الناس في التشجيع والتحفيز والأخلاق مثلك.

إقرأ أيضا لـ "الشيخ محمد الصفار"

العدد 2691 - الأحد 17 يناير 2010م الموافق 02 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 6:38 ص

      هنيئا لك الجنه ايها الشيخ الجليل

      الى رحمه الله وهذا الصفات اللتي وصفتها لشيخ الجليل هي فعلا صفات رجل السماحه والشهامه

    • زائر 4 | 3:41 ص

      مهدي

      رحمة الله عليك يا شيخ السماحة والاخلاق ..

    • زائر 3 | 3:38 ص

      بحراني

      " إذا مات العالم ثُلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء " .. فرحمك الله يا سماحة الشيخ المرهون .. والى جنان الخلد ومع محمد وآل محمد

    • مقابية | 1:34 ص

      اللهم ارحمه برحمتك وأسكنه فسيح جناتك

      هذا هو المثال الحق لعلماء الدين الأجلاء فهم المثال الحي للعلم والأخلاق والتسامح فهم بجد خير من يمثلنا حفظ الله علمائنا ورعاهم ووفق الله الجميع لخدمة حوائج الإمام الحجة المنتظر عجل الله له الفرج وصلى الله على محمد وآله الأطهار. رحم الله من قرأ سورة الفاتحة وأهدى ثوابها لروح شيخنا وأرواح المؤمنين والمؤمنات

    • نسرينة | 12:38 ص

      في رحمة الله

      الله يرحمة ويدخله فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان ويخلي عماؤنا الباقون (معكم معكم يا علماء ما حيينا )

    • زائر 2 | 12:01 ص

      مراقب...

      في ذمة الله ... ورحم الله الشيخ ورزق هذه الأمة من أمثاله وجعل مثواه الجنة .... تحياتي

    • زائر 1 | 9:42 م

      رحمك با أيها الشيخ الجليل

      رحمة الله عليك يا شيخنا الجليل وأسكنك واسع رحمته وأطال في عمر أخيك سماحة الشيخ عبدالحميد المرهون.
      انا لله وانا اليه راجعون

اقرأ ايضاً