العدد 2692 - الإثنين 18 يناير 2010م الموافق 03 صفر 1431هـ

المرشدون الدينيون المسلمون: رجال فقط؟ فكّر مرة أخرى

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

قامت المغرب ومصر وتركيا في السنوات الأخيرة بتدريب وتعيين مجموعة جديدة ضمن صفوف المرشدين الدينيين: من النساء.

تستطيع المرشدات الدينيات من النساء الوصول إلى فئات ديمغرافية قد لا تكون على خلاف ذلك متوافرة أو متقبّلة للأئمة الرجال، مثل النساء والأطفال، وخاصة في الأحياء الأكثر فقرا.

وتشكّل هذه الجهود محاولة من قبل حكومات هذه الدول لإدخال الديمقراطية وكبح التطرف من خلال الوصول إلى المرأة، التي يمكنها أن تشكّل صوتا معتدلا في أسرتها وللشباب الذين يتعرّفون على نوع متسامح من إسلام التيار الرئيس في عمر مبكّر.

انطلقت فكرة المرشدات في المغرب بعد الهجمات الإرهابية في الدار البيضاء في مايو/ أيار 2003، والتي أدّت إلى مقتل 45 شخصا وعشرات الجرحى. قرّرت الحكومة بعد ذلك إصلاح الشئون الدينية وهيكلية القيادة في مساجد الدولة.

يسيطر على إدارة المساجد في كل من هذه الدول وزارة أو مديرية حكومية للشئون الدينية، تقوم كذلك بتعيين هؤلاء النساء المرشدات.

جميع هؤلاء النساء خريجات جامعيات يُجدن اللغة العربية الفصحى ولهن معرفة معمّقة بالقرآن الكريم والحديث الشريف والشريعة الإسلامية.

يكشف التحرك الهادف إلى استيعاب المرأة في الشئون الدينية تغيرا مهما في السياسة وتوجها نحو تحرير النظام الديني وتحديثه، إضافة إلى تحديث هذه الدول وإدخال الديمقراطية إليها على صعيد أوسع.

الحكومات مقتنعة أن بإمكان المرشدات المساهمة في تعزيز حقوق المرأة القانونية والمدنية ومشاركتها النشطة في الحياة العامة.

يشكّل تدريب المرشدات، اللواتي يعطين كذلك دروسا في الإسلام ويقدن مراسم الصلوات ويقمن بدور الإمام في الأقسام النسائية في المساجد، يشكّل حركة استثنائية لهذه الدول ونموذجا مهما للدول الأخرى في المنطقة.

النساء اللواتي يحتجن المشورة هنّ أحيانا أمهات لديهن أسئلة حول التواصل مع أطفالهن، أو زوجات يبغين معرفة كيف يمكنهنّ أن يكنّ جزءا من مؤسسة الزواج دون مخالفة تعاليم ومتطلبات القرآن الكريم. وهن كذلك نساء شابات يسعين للحصول على مشورة المرشدات لأنهن غير متأكدات مما إذا كنّ يرغبن بلبس الحجاب، أو يرغبن بمعرفة كيفية أداء الوضوء بطريقة صحيحة.

إلا أن المرشدات يعملن بالدرجة الأولى مع نساء وأطفال في الأحياء الفقيرة، التي قد يرينها أرضا خصبا لتجنيد المتطرفين. وهنّ مستشارات دينيات واجتماعيات، يؤمنّ أن المجتمع الصحي يبدأ أولا وقبل كل شيء في المنزل، الذي يعزز بدوره التماسك المجتمعي ويساعد على كبح التطرف.

توافر المرشدات دعما معنويا وتقدّمن المشورة للنساء والمدرّسات حول كيفية منع الشباب من الانجراف نحو التطرف، من خلال بحث هذه الأمور بشكل متفتح، وكذلك من خلال تشجيع الشباب على تحدّي الأفكار المتطرفة وتحمّل كامل المسئولية عن أفعالهم. ويقمن كذلك بتشجيع المدارس على مساعدة الطلبة ليصبحوا منتقدين للرسائل الإعلامية ومنعهم من الوصول إلى مواد غير قانونية أو غير مناسبة.

يدعم معظم المجتمع المدني في المغرب هذه المبادرة، التي يُنظر إليها على أنها حركة مهمة نحو بناء التسامح وتشجيع المساواة بين النوعين الاجتماعيين.

وفي مصر، لاقى قرار وزارة الشئون الدينية تدريب النساء كمرشدات دينيات من خلال دورة تستمر أربع سنوات بجامعة الأزهر، أهم جامعة إسلامية في مصر، لاقى ترحيبا من قبل الرجال والنساء على حد سواء. فللمرة الأولى في تاريخ البلاد قامت محافظات مختلفة بتسمية نساء كمرشدات. وقد تم مؤخرا تعيين خمسين مرشدة روحية في تسعين مسجدا في القاهرة والجيزة والإسكندرية، وبالذات في الأحياء الأكثر فقرا في هذه المدن.

كذلك تحدّت تركيا الأدوار الإسلامية التقليدية للنوع الاجتماعي بتعيين مئات النساء كمرشدات دينيات، الأمر الذي يُعتبر خطوة كبيرة نحو التغيير الاجتماعي.

قد يستغرب البعض أنه لم تكن هناك معارضة كبيرة لإشراك النساء في الشئون الدينية للمساجد. واقع الأمر هو أن المجموعات السياسية الإسلامية توافق على الأدوار الدينية المكتشفة حديثا لهؤلاء النساء وتعتبرها تطورات إيجابية، لأنه كان لمصر والمغرب تاريخيا نساء عالمات بارزات في الإسلام. وفي تركيا تتمتع هؤلاء المرشدات الدينيات بالاحترام ويُعتبر عملهن حاسما وأساسيا في التطور الاجتماعي.

وفي الوقت نفسه، تستطيع المرشدات من خلال الجهود والنجاحات المستمرة المساهمة في تشجيع حقوق المرأة ومجتمع صحي متسامح ومستقبل ديمقراطي.

* مؤلّف ومستشار دولي وأستاذ جامعي في الدراسات الثقافية ودراسات النوع الاجتماعي بجامعة سيدي محمد بن عبدالله، ورئيس مركز جنوب - شمال للحوار الثقافي في فاس بالمغرب، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2692 - الإثنين 18 يناير 2010م الموافق 03 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً