العدد 489 - الأربعاء 07 يناير 2004م الموافق 14 ذي القعدة 1424هـ

اقتصاد «المعرفة» بدلا من الـ «فري فيزا»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لدينا نوعان من الاقتصاد، نوع متطور ومعرفي يتمثل في القطاع المصرفي والالمنيوم، ونوع متخلف وعالم ثالثي وفي بعض جوانبه استعبادي (كما هي الحال مع العمالة السائبة «فريق فيزا»).

الاقتصاد كان ولمدة آلاف السنين يعتمد على عاملين اساسيين وهما الأرض والعامل. وعندما بدأت الثورة الصناعية في منتصف القرن الثامن عشر في اوروبا نهض الاقتصاد المتطور على اساس عاملين آخرين وهما رأس المال والعامل. اما عصرنا الحاضر فان هناك عاملين اساسيين آخرين وهما المعرفة والانسان (سواء كان عاملا ام موظفا ام صاحب عمل... الخ).

التطورات التكنولوجية في القرن العشرين حولت الانشطة التي تحرك الاقتصاد من اليد العاملة الى الخبرة والمعرفة والمعلومات. ولذلك فإن الانسان (الخبير) الذي يستطيع تحريك وتطوير التكنولوجيا هو الذي يقود الاقتصاد المعرفي.

ومع ازدياد سرعة المواصلات والتطور المتسارع في تكنولوجيا الاتصالات والانترنت فان المعرفة تستطيع الانتقال بسرعة فائقة لم تشهدها الانسانية من قبل. الكمبيوتر والانترنت ليسا هما المعرفة، وانما هما مخازن لبعض المعرفة. اما المعرفة الاهم فهي التي يختزنها الانسان - الخبير الذي يطور كل المعلومات من خلال تجاربه الحياتية وتطبيقاته العملية، ويقود بذلك الحركة الاقتصادية على أساس فهمه الذي لا يمكن نقله عبر الكمبيوتر او الانترنت، وانما يحتاج الى الشخص الذي يختزن تلك المعلومات ويعرف كيف ينفذها في المشروعات التي يمسك بها.

الانسان المعرفي قد يكون المعماري والمصرفي ومصمم الازياء والصيدلي والاستاذ والاستشاري... الخ. الفرق بين المعرفة من جانب والعوامل الاخرى (الارض، رأس المال) انها تزداد مع اقتسامها بعكس الارض ورأس المال اللذين يقلان فيما لو حاول اكثر من شخص واحد امتلاكهما. وفي الوقت الذي يتمكن اصحاب رأس المال واصحاب الأراضي من منع الآخرين (عبر القوة او القانون) من الوصول اليها فان المعرفة لا يمكن منعها بأي من تلك الوسائل.

دول عدة نجحت في تحويل اقتصادها بنجاح فائق الى اقتصاد معرفي، ومنها على سبيل المثال فنلندا. فهي بلاد قليلة السكان مقارنة بأراضيها وغاباتها التي لا تمثل سوى 3 في المئة من ناتجها القومي، ونزل معدل الدخل من الزراعة خلال العقود الماضية من 70 إلى 6 في المئة. والبديل لكل ذلك هو ازدياد الدخل بشكل كبير واساسي من الاقتصاد المعرفي، وازدياد الناتج القومي خمسة اضعاف خلال التسعينات. إذ اصبحت شركة «نوكيا» للهواتف النقالة اهم الشركات في هذا الاقتصاد المعرفي، وأصبحت الآن احدى كبريات الشركات في تقنية المعلومات عالميا (وليس فقط في الهواتف النقالة).

البداية الفنلندية كانت في مطلع التسعينات عندما قررت الحكومة رسم استراتيجية متكاملة لنقل البلاد من الاقتصاد القديم إلى الاقتصاد المعرفي. وفي العام 1994 اصدرت وزارة المالية هناك خطتها تحت عنوان «الطريق لتحويل فنلندا الى مجتمع معلوماتي». وتبعت ذلك بخصخصة الاتصالات، ودشنت مشروعات عدة تصب في اتجاه الاقتصاد المعرفي... وآثار ذلك امام اعيننا الآن.

ما نريده هو ان نقضي على اقتصاد الـ «فري فيزا» وان نوضح الاستراتيجية التي ستنقلنا إلى الاقتصاد المعرفي، وان نعقد العزم ونتوكل

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 489 - الأربعاء 07 يناير 2004م الموافق 14 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً