أتحدى الجميع أن يكون هناك خيال لدى الشعوب العربية أخصب من خيال المواطن البحريني! لقد دفعه حبه للحرية أن يختلق حكايات غريبة للغاية، ومن بين هذه الحكايات تلك الأسباب التي دعت الشعبين البحريني والكويتي على لبس هذا النوع من العقال الذي ليس به كركوش، فالحكمة في هذا الكركوش هي أن يظل مخبأ تحت الثوب أو (الكوت) الذي يلبسه حتى لا يقع من رأسه إذا انحنى. ويقال إن المؤرخ العربي (الجبرتي) ذكر في مشاهداته - كما يقول أحد الأصدقاء - ما لم أطلع عليه شخصيا بل أشك في صحته وهو أنه حين مر ببلدين في منطقة الخليج هما الكويت والبحرين (النص كما أورده لنا الصديق): «مررت بمجموعة من البلدان الواقعة على بحر واسع يسمى الخليج ورأيتهم يلبسون ما يشبه الحبل بعضه أبيض وبعضه أسود، وكان يلتف حول رأسهم وكأنه ثعبان وتحته قماش في الغالب أبيض اللون لكن بعضه مطرز على حاشيته، وكانت شعوب هذه البلدان ملابسها متشابهة لكن الاختلاف كان في الحبل المaلفوف حول رؤوسهم بشكل مختلف عن الآخر، إذ تتدلى حبال أقل سمكا بشكل رأسي من الحبل الملفوف بينما لم أجد على بعض آخر منهم وهم الذين يقطنون جنوب العراق وجزر اسمها البحرين وجود تلك الحبال العمودية، ولما تقصيت عن السبب في هذا الاختلاف قيل لي: إن هذين الشعبين قبائل عربية متماثلة، وكانت شعوب معروفة بميلها للقتال والحرية وأنهم يرفضون أن ينحنوا لأحد باعتباره نوعا من العزة الخاصة بطبيعتهم، لذلك ليس لذلك الحبل أو الثعبان حبال متدلاة منها ولهذا لم يكونوا يحتاجون إلى الحبال الأفقية التي تحمي الحبل الملفوف من السقوط لأنهم لا ينحنون لأحد». انتهى كلام الجبرتي، وفي اعتقادي أنه كان يقصد بهذين الشعبين الشعب البحريني والكويتي. هذا النص مشكوك فيه، فهل يعقل أن الإحساس بالأنفة والعزة كان وراء قطع الكركوش الذي سماه الحبل الأضعف الذي يتدلى أفقيا؟!
ويؤكد الصديق أحمد سند أنه اطلع على هذا النص وعندما اختلف معه أحد الأكاديميين الذين ضمنا معهم أحد المجلس على صدقية الرواية اتفقا على غداء فاخر يقيمه المهزوم لكل الحضور فقد تكفل (ابن سند) بذلك لو لم يبرز لنا هذا النص
العدد 507 - الأحد 25 يناير 2004م الموافق 02 ذي الحجة 1424هـ
