العدد 2719 - الإثنين 15 فبراير 2010م الموافق 01 ربيع الاول 1431هـ

ملفا «الصين والنفط» في جولة هيلاري الخليجية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في طريقها إلى الدوحة من أجل الالتقاء بقائمة مختارة من الدول المشاركة في منظمة المؤتمر الإسلامي، الذي خاطبه الرئيس الأميركي باراك أوباما عبر الفيديو، وعين له رشاد حسين كمبعوث خاص، ستحرص وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على الالتقاء بمسئولين في دولتين خليجيتين، اختارتهما الإدارة الأميركية، بشكل مميز، لبحث موضوع خاص هو الملف النووي الإيراني، لكن من قناة مختلفة هذه المرة، يتداخل فيها النفط بالسياسة.

فكل الشواهد تشير إلى أن واشنطن تحاول أن تهاجم إيران عن طريق خلخلة جبهة التحالفات التي نسجتها طهران لمواجهة الضغوط الأميركية، وفي المقدمة منها تلك المعتمدة على قيام إيران بتزويد من يقف معها في مواجهة تلك الضغوط بما يحتاجه من مصادر الطاقة، وفي المقدمة منها النفط الخام.

وعلى هذا المستوى رشحت أنباء عن احتمال مطالبة واشنطن، أثناء لقاء هيلاري مع المسئولين في العاصمة السعودية، الرياض لزيادة صادراتها النفطية إلى الصين، وعلى نحو مماثل زيادة كميات الغاز القطري المصدر إلى بكين، من أجل دعم هذه الأخيرة كي تأخذ موقفا أكثر تشددا تجاه «العقوبات التي تسعى واشنطن لاستمرار فرضها على إيران».

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الصين هي الدولة الوحيدة، بين الأعضاء دائمي العضوية في مجلس الأمن، التي لا تزال تعارض تشديد تلك العقوبات، بعد أن شددت موسكو من موقفها تجاه إيران مؤخرا. ولم تخفِ واشنطن نواياها تلك من الملف النفطي الصيني - الخليجي، ففي معرض رده عن هذا الموضوع، وفيما إذا كانت كلينتون ستتوجه إلى السعودية بهذا الطلب، قال مسئول كبير في وزارة الخارجية الأميركية «إنه لا يستبعد ذلك».

وتلمح صحيفة «الشرق الوسط» اللندنية إلى هذا الموضوع في مقال لها حمل عنوان «إيران تعتبر فشل اجتماع نيويورك أمرا طبيعيا وتطالب بالاعتراف بحقوقها النووية»، نشرته في عددها الصادر بتاريخ 18 يناير/ كانون الثاني 2010، بأن «العلاقات النفطية بين الصين وإيران، من الأسباب الرئيسية وراء عدم حماس بكين لتشديد العقوبات على طهران. ولاحظوا أن الحكومة الإيرانية أصدرت، في يوم الاجتماع نفسه، تقريرا يقول إن صادرات إيران إلى الصين زادت بنسبة 40 في المئة خلال الأشهر التسعة الماضية. وحسب أرقام التقرير، فإن حجم صادرات إيران إلى الصين في الربيع الماضي بلغ مليارا ونصف مليار دولار، وارتفع مع نهاية السنة إلى أكثر من مليارين. وخلال الفترة نفسها، زادت صادرات الصين إلى إيران بنسبة 35 في المئة.

وقبل أسبوع، نقلت وكالة «فارس» الإيرانية أن «إيران والصين وقعتا في وقت سابق اتفاقية نفطية قيمتها مئة وعشرون مليار دولار، لمدة خمس سنوات». ونقلت الصحيفة عن صحيفة «نيويورك تايمز»، قولها بأن «الصين تحرص على تقوية علاقاتها ذات الصبغة النووية مع إيران، على الرغم من قرارات مجلس الأمن التي منعت ذلك منذ سنوات».

ولمعرفة أهمية الطاقة، وعلى وجه التحديد النفط السعودي والغاز القطري، يكفي أن نعرف أن الصين باتت اليوم ثاني أكبر دول العالم بعد الولايات المتحدة، حيث تنامت وارداتها من النفط الخام «فارتفع إجمالي واردات الصين من النفط الخام بنسبة 24.2 في المئة على أساس شهري 47.9 في المئة مقارنة بالعام 2009 ليصل إلى 21.26 مليون طن (50.3 مليون برميل يوميا) في ديسمبر/ كانون الأول 2009». ويتوقع تقرير نشرته صحيفة «تشاينا ديلي» «أن اعتماد الصين على النفط الخام بلغ مستويات خطيرة في العام 2009 لاسيما وأن أكثر من 50 في المئة من إجمالي استهلاك النفط قادم من الخارج».

وإن كانت السعودية قد نجحت في أن تتبوأ قائمة الدول المصدرة للنفط إلى الصين «من خلال تصدير 4.99 مليون طن (1.18 مليون برميل يومي، تليها أنغولا بتصدير 4.08 مليون طن (965 ألف برميل يوميا)»، فإن إيران لاتزال تحتل المركز الثالث بعد أنغولا، حيث تقوم بتصدير 1.47 مليون طن (347 ألف برميل يوميا)، إلى الصين.

أما على صعيد الغاز فمن المقرر أن تقوم شركة «قطر للغاز» المملوكة للدولة بتزويد شركة البترول البحري الوطنية الصينية بكميات إضافية «قدرها ثلاثة ملايين طن من الغاز المسال سنويا ابتداء من العام 2013، وأن تزيد مبيعاتها إلى «بتروتشاينا»، وهي وحدة تابعة لشركة البترول الوطنية الصينية (سي.إن. بي.سي)، بمقدار مليوني طن في النصف الأول من العقد القادم».

وفي العام 2009، «وقعت قطر اتفاقات طويلة الأجل مع الشركتين الصينيتين لتوريد ما مجموعه خمسة ملايين طن، وبدأت منذ ذلك الحين تحويل شحنات الغاز المسال إلى الصين في مواجهة ركود الطلب على الغاز المستورد في الولايات المتحدة».

وكما تقول المصادر الرسمية الصينية فقد «كانت شركة البترول البحري الوطنية الصينية وافقت في العام 2008 على شراء مليوني طن سنويا من قطر للغاز لمدة 25 عاما وتسلمت الشحنة الأولى الشهر الماضي».

وبالإضافة إلى تلك الكميات، أكدت شركة قطر للغاز أنه إلى جانب «الثلاثة ملايين طن الإضافية سنويا التي اتفقت شركة البترول البحري الصينية على شرائها من العام 2013 فإن الشركتين تدرسان توريد كمية إضافية قدرها مليونا طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال لتصل مشتريات الشركة الصينية من قطر للغاز إلى سبعة ملايين طن سنويا». رغم ذلك ما تزال بكين تستورد الصين 13.6 بالمائة من احتياجاتها النفطية من إيران. كما «وقعت الصين عقدا بقيمة 1 مليون دولار مع إيران لاستيراد 1 مليون طن من الغاز الطبيعي المذوب على فترة تمتد إلى 25 سنة».

هذا يعني أن هيلاري ستحاول أن تقنع كل من الدوحة والرياض كي تزيدا من اعتماد بكين على مصادرها من الطاقة عليهما، الأمر الذي يمكن، كما تسعى واشنطن، إلى تقليص اعتماد بكين على مصادر الطاقة المستوردة من إيران، نفطا خاما كان أم غازا مسالا، وهذا بدوره يمكن أن يقود إلى تفتيت الجبهة غير المعادية لإيران التي بنتها هذه الأخيرة على امتداد العقدين الماضين، ومن ثم يمكن أن يزحزح الصين، ولو قيد أنملة لصالح واشنطن في حربها التي تقودها ضد طهران.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2719 - الإثنين 15 فبراير 2010م الموافق 01 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً