العدد 2353 - الجمعة 13 فبراير 2009م الموافق 17 صفر 1430هـ

محطات عربية لا تتخلى عن ثوبها القديم

دخول شاشات التلفاز بيوت المشاهدين العرب في أواسط القرن الماضي، كان أشبه بحدث ثوري أوجد أثرا مميزا وأسهم في إحداث بعض التغيرات في مجتمعاتنا، وتطور هذه الوسيلة الإعلامية خلال السنوات الماضية تواكب مع تغير هذه المجتمعات وتطوراتها وتقدم احتياجاتها، وطرق تعبيرها عن نفسها. ولعل الفضائيات العربية الجديدة التي باتت بشكلها ومضمونها تنافس بعض المحطات العالمية، خير دليل على أن الإعلام العربي لم يتأخر بشكل كبير عن الركب العالمي والتطور السريع الذي يصل إلى كل صغيرة وكبيرة في هذا المجال، وخصوصا أن مجتمعاتنا اليوم تحتاج إلى صوت ينقل حاجاتها وهمومها بشكل يومي ومتواصل وواسع الانتشار، حتى وإن تفاوتت طرق نقل هذا الصوت ودقته.

غير أن هذا التطور الذي شمل كل ما يمكن أن يرتبط بوسيلة إعلامية، سواء من حيث التقنيات الفنية وتقنيات الإنتاج والإعداد والبث، أو من حيث قدرات ومؤهلات العاملين في الكواليس وعلى الشاشات أمام المشاهدين، أو حتى على مستوى الديكورات والأسلوب العام للتقديم... هذا التطور لم يصل بشكل فعلي إلى بعض المحطات العربية المحلية أو الفضائية، وخصوصا المحطات الرسمية التي مازال بعضها يتشبث بأساليب تقديم وإنتاج عفا عليها الزمن ومات، وتكدست الأتربة فوقها منذ زمن بعيد، حتى باتت يثير السخرية لدى أبسط مشاهد يتابعهم.

لعل الملفت للأنظار في هذه المسألة أن التشبث بنمط أضحى الجميع يعرف عدم جدواه في التواصل مع الجمهور، لا يطول فقط ديكورات وتصاميم الاستديوهات، وجودة الإعداد والإنتاج عموما، بل إنه يصل في بعض الأحيان إلى التشبث ببعض العاملين في هذا القطاع على رغم أن بعضهم بلغ به العمر ما بلغ، وباتت مشاهدته على شاشة التلفاز وهو يقدم برنامجا أو نشرة أخبار يوحي لناظره بأنه يشاهد فقرة من برنامج تاريخي، فبعض المقدمين بدأ عملهم في هذه المحطات منذ اليوم الأول لبدء بثها على الشاشات، فعاصروا أجيالا وأجيالا، بل إن بعضهم يظهر على الشاشة منذ ما يفوق الثلاثين سنة.

وعلى رغم أن الجامعات العربية تخرج في كل عام عددا كبيرا من خريجي الإعلام الذين يتميز عدد منهم بالتأكيد بقدرات تؤهلهم لأن يتسلموا أماكن في وسائل الإعلام وخصوصا المرئية منها، فإن البعض مازال يحتفظ بالفريق القديم، الذي بلغ الأمر ببعض أفراده إلى أنهم باتوا غير مؤهلين حتى على مستوى الشكل لأن يظهروا في هذه البرامج أمام المشاهدين، إضافة إلى كونهم لا يمتلكون تلك القدرة المميزة ليكونوا من الوجوه الإعلامية الخالدة بسبب تميز ما قدموه.

ولا نغفل هنا أن الكثيرين من المقدمين أكسبتهم السنون قدرات وتفردا، جعلت من حقهم أن يستمروا في المكان الذي هم فيه على رغم تقدم سنين العمر بهم.

ويرى البعض أن لعبة الإبهار والتفرد في الصورة التي تظهر بها القنوات التلفزيونية باتت تلعب دورا كبيرا في شد المشاهدين إليها، وخصوصا إذا كانت تواكب تطور الصورة من حيث شكلها العام وأسلوبها في الاقتراب من المشاهد، بمضمون يلبي احتياجات هذا المشاهد وتطلعاته... وهذه الفئة هي التي توجهت بالنقد بشكل كبير لبعض المحطات التي لا تستطيع استبدال ثوبها القديم البالي، إلا بثوب يكاد لا يختلف عما سبقه إلا بما يطلق عليه لقب «الإطلالة الجديدة».

في مقابل وجهة النظر هذه، هناك من لا يرى أية أهمية لتكوين الصورة التي تبث للمشاهد، وخصوصا في مقابل الخبرة التي يمتلكها المقدمون الكبار في السن، وأن السن والهيئة لا قيمة لهما مقابل المعلومة والمعرفة، كما أن مبررات هذه المحطات في التخلف قليلا عن ركب الإعلام المعاصر يبرر بتواضع موازناتها أمام قدرات موازنات المحطات الفضائية التي تتألق يوما بعد يوم على شاشات المواطن العربي.

وإذا كان العمر والتقدم في السن جاء في صالح بعض المقدمين الذين يتشبث بعضهم بكرسي الإذاعة كما لو أنه كرسي رئاسة، فإن التقصير في إيجاد تطوير حقيقي لباقي العناصر التي ستخدم الصورة بالتأكيد، مازال محط جدل.

العدد 2353 - الجمعة 13 فبراير 2009م الموافق 17 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً