العدد 2741 - الإثنين 08 مارس 2010م الموافق 22 ربيع الاول 1431هـ

خصخصة «طيران الخليج» (1)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تناقلت وكالات الأنباء، ما نشرته صحيفة «الاقتصادية» السعودية حول احتمالات خصخصة الخطوط الجوية السعودية، كما جاء على لسان مدير عام «السعودية» خالد الملحم، الذي توقع «أن يتم طرح تخصيص الخطوط السعودية للاكتتاب العام (وحدة الطيران الأساسي) خلال 18 إلى 24 شهرا بعد اتخاذ القرارات السيادية بأمور التخصيص».

جاء ذلك في أعقاب توقيع «السعودية اتفاقية مع كل من «الأهلي كابيتال» و»مورغان ستانلي» في جدة مؤخرا، ملمحا إلى ان «الخطوط السعودية شركة تدار بطريقة تجارية في كل ما يتعلق بحساباتها الختامية»، متوقعا أن «تتم الخصخصة خلال 18 إلى 24 شهرا».

يترافق ذلك مع إصدار لجنة التحقيق البرلمانية بيانا قبل يومين بشأن شركة طيران الخليج أعلنت فيه أنها «عقدت اجتماعها يوم أمس (الأحد) برئاسة النائب عبدالحليم مراد وناقشت رد الحكومة الأخير بشأن التعاون مع اللجنة، وتبين من خلال الرد رفض الحكومة بشكل دبلوماسي التعاون مع اللجنة في الأمور التي تخص الوزير المساءل»، مؤكدة حرصها على «دعم الشركة لأهميتها كناقلة وطنية تساهم في الاقتصاد الوطني، فاللجنة معها لا ضدها، وقد أعطى المجلس الشركة المدة الكافية لتحسين وضعها، إلا أنه لم يظهر أي تحسن وخاصة أن الأموال التي تديرها هي أموال الخزينة العامة للدولة والمجلس مسئول في بسط الرقابة عليها».

يثير هذان التصريحان في ذهن المواطن البحريني الكثير من الألم والتساؤلات، إذ يربط بشكل تلقائي بين ما يزمع الإقدام عليه بشأن «السعودية»، وبين واقع ومستقبل شركة «طيران الخليج» التي انتقلت ملكيتها، قبل عدة أعوام، بالكامل لحكومة البحرين، بعد بيع كل من قطر والإمارات واخيرا سلطنة عمان أسهمها التي تملكها فيها. ومنذ إعادة تأسيسها، أثارت الشركة الكثير من «اللغط» بشأن الخسائر التي تتكبدها، وكفاءة إدارتها، الذي أخذ يرتفع بشكل تدريجي كي يصل إلى مستوى التشكيك فيما يتجاوز الشئون الإدارية والمهنية المحضة.

ليس الغرض هنا إضافة عدد إلى رقم الأصوات التي انبرت لانتقاد شركة «طيران الخليج»، والتي أوردت الكثير من الحقائق الملموسة التي تدعو إلى ضرورة الوقوف جديا أمام واقع هذه الشركة ومستقبلها، بعد أن باتت تعاني، وباعتراف الجميع، بمن فيهم من تولى، أو لا يزال يمارس، دورا قياديا في توجيهها أو إدارتها، على طريقة «وقع الجمل فكثر من قاموا بسن سكاكينهم»، بقدر ما هو الحرص على لفت نظر من يهمهم الأمر من اجل المسارعة لانتشال الشركة مما هي فيه، التي تبقى في نهاية المطاف شركة وطنية تملكها حكومة البحرين، وتعيل مئات، إن لم يكن آلاف، الأسر البحرينية، وتساهم، وبشكل مباشر، في توليد فرص استثمارية في السوق المحلية.

سيجد من يحاول تناول موضوع مستقبل «طيران الخليج»، محكوما بمجموعة من الحقائق المرة التي تفرض نفسها عليه، شاء ذلك أم أباه: الأولى أن الشركة، بالحالة التي هي عليه اليوم، إنما هي تركة سابقة مثقلة بتاريخ الفترة التي كانت تعود فيها ملكيتها لأكثر من دولة خليجية، قبل ان تستقر وتصبح ملكيتها كاملة لحكومة البحرين، وهي تركة تداخلت فيها المشكلات الإدارية مع المهنية، ثم تكاملت مع تلك السياسية.

محصلة كل ذلك كانت ظروف معقدة لا تزال تفرض ذيولها المالية والإدارية السلبية التي تضاعف من عدم قدرة الشركة على النهوض من كبوتها.

الثانية، أنه ترافق مع بيع تلك الدول الخليجية لحصصها التي تملكها في الشركة، إطلاق شركات طيرانها الخاصة بها مثل «القطرية» و»الاتحاد»، وسبقتهما إلى ذلك طيران «الإمارات»، وجميعها ترتكز على إمكانات مالية تفوق تلك التي بحوزة طيران الخليج، سواء عند فك الشراكة أو في الوقت الحاضر.

يضاف إلى ذلك انطلاق مجموعة أخرى من شركات الطيران المحلية الصغيرة، مثل «العربية» و»الجزيرة»، و»طيران البحرين»، مما ساهم بشكل غير مباشر في تحديد مسارات قرارات إعادة تركيب هيكلية سوق الطيران المحلية والعالمية ذات العلاقة بالمنطقة، التي جاء الكثير منها بما لا يتناسب ومصالح طيران الخليج، ولا يوفر البيئة الأفضل لإعادة هيكلتها.

الثالثة، نه بات ما يشبه المسلمات في صناعة النقل الجوي، وجود شركة طيران وطنية تعود ملكيتها للبلد المعني، قطاعا خاصا ام ملكية عامة، بغض النظر عن إمكانات هذا البلد المالية او المهنية، الأمر الذي يستبعد خيار إغلاق الشركة أو بيعها لجهات غير محلية.

الرابعة، هي أن صناعة الطيران، كما هي عليه اليوم، والحديث هنا لا يقتصر على صناعة تسيير خطوط الطيران فحسب، وشبكات الأسواق التي ينبغي ان تبنيها فقط، بل يمتد أيضا كي يشمل صناعة الطائرات ذاتها، وتشغيل المطارات التي تستخدمها خطوط الطيران أيضا، تعتبر من أكثر الصناعات تعقيدا في العالم.

وينعكس ذلك بشكل مباشر على هيكلية إدارة شركات خطوط الطيران بشكل مباشر، وهو ما وجدت طيران الخليج نفسها، دون أن تكون مستعدة، مجبرة على التعامل معه، وفي فترة قصيرة نسبيا.

الخامسة والأخيرة، هي علاقات التأثير المتبادل المباشرة السلبية او الإيجابية بين شركة الخطوط الوطنية والشركات العاملة في إدارة المطار الوطني الذي تنطلق منه، او تستخدمه كمنصة متكاملة لإدارة عملياتها من صيانة، وخدمات ضيافة... الخ، والتي تقدمها لها الشركات التي تسير الخدمات في ذلك المطار.

ولو أخذنا بعين الاعتبار كل تلك العوامل، فلربما نستطيع ان نتلمس بعض الأسباب التي قادت شركة طيران الخليج إلى ما هي عليه اليوم، دون ان يكون ذلك دعوة لتبرير هذا المآل، او الدفاع عن هذا الواقع، أو حتى تبرئة ذمة كل من ساهم، بوعي او بدون وعي في وصول الشركة إلى الحالة التي هي عليها الآن، التي لم تعد تسر العدو قبل الصديق.

لا يعني ذلك أن الطرق باتت مسدودة، ومن ثم فليس هناك من خيار سوى القبول بالأمر الواقع، وترك الأمور على ما هي عليه، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2741 - الإثنين 08 مارس 2010م الموافق 22 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:25 ص

      ابو محمد

      اقترح غلق الشركة وانريح البلد من الاعباء والديون الثقيلة التي خلفتها نتيجة النهب المنظم من اطراف اجنبية استغلت هذه الشركة لعقد من الزمان.

    • زائر 1 | 10:21 م

      ويبقى السؤال أين المحافظة على حقوق المواطنين

      ويبقى السؤال أين المحافظة على حقوق المواطنين ... الشاهد بأن المؤسسات التي تم إدارتها من قبل أجانب أو من قبل وافدين كانت الغلبة لإنتمائتهم العرقية مع تحيات ( ندى أحمد)

اقرأ ايضاً