انتقد ناشطون اجتماعيون القرار الصادر عن وزارة العمل والشئون الاجتماعية بشأن رقابة الأنشطة المالية للمؤسسات الخاصة، ووصفه القائمون على المؤسسات بأنه «مقيد للعمل الاجتماعي» و«محاولة لإثبات طهارة العمل الخيري في البحرين من أية أعمال تتعلق بالإرهاب».
وأكد البعض «ضرورة وضع آلية خاصة بالصناديق الخيرية في الجوانب المالية قبل وضع مثل هذه الشروط التي تضمنها القرار».
فيما اعتبر آخرون «أن الشفافية يجب ألا تكون عذرا لفرض الرقابة المشددة من قبل الحكومة بطريقة «الأخ الأكبر» المسيطر الذي ربما يسيء الاستفادة من صلاحياته الرقابية بغرض السيطرة والتحكم بالمؤسسات الخاصة».
جاء ذلك في إشارة إلى قرار صدر عن الوزارة اعتبره البعض «صارما» ويعمل على إضعاف العمل الاجتماعي.
الوسط - أماني المسقطي
انتقد ناشطون اجتماعيون القرار رقم 3 لسنة 2004 الصادر عن وزارة العمل والشئون الاجتماعية بشأن رقابة الأنشطة المالية للمؤسسات الخاصة الذي نصت المادة الثانية منه على أن «تحتفظ المؤسسة الخاصة في مقرها الرئيسي بدفتر لقيد إيراداتها ومصروفاتها، على أن يتضمن اسم كل متبرع وكل مستفيد من أية دفعة مالية أو تبرع، ودفتر لحسابات المصرف. كما يجب على المؤسسة الخاصة تدوين تفاصيل حساباتها كل ثلاثة أشهر على شبكة المعلومات الالكترونية التي تنشئها الوزارة لهذا الغرض لتسهيل الاطلاع على هذه الحسابات والوقوف على حقيقة الوضع المالي للمؤسسة في أي وقت».
أما المادة الثالثة فنصت على أن «تعد كل مؤسسة خاصة موازنة وحسابا ختاميا طبقا للمعايير التي تحددها الوزارة، ويجب تقديمها إلى الإدارة الخاصة مشفوعين بالمستندات المؤيدة لهما وما تطلبه هذه الإدارة من معلومات أو بيانات أو مستندات أخرى».
والمادة الرابعة نصت على أنه «يجب على كل مؤسسة خاصة أن تعين مدققا للحسابات مرخصا له من ذوي الكفاءة والخبرة لمراجعة حساباتها وذلك إذا جاوزت مصروفاتها أو إيرداتها عشرة آلاف دينار بحريني في السنة»، والمادة الخامسة من القانون تمنح الإدارة المختصة «إجراء تفتيش على الأنشطة المالية للمؤسسات الخاصة للتحقق من التزامها بأحكام القانون ونظامها الأساسي وتقدم بذلك تقريرا إلى الوزير خلال خمسة عشر يوما من تاريخ اجراء التفتيش. وعلى كل مدير مؤسسة ومجلس أمنائها أن يقدم إلى الموظفين الذين يندبهم الوزير للقيام بأعمال التفتيش ما يطلبونه من معلومات أو بيانات أو مستندات تتعلق بأنشطة هذه المؤسسة». فيما لا يسمح لأية مؤسسة خاصة بحسب ما جاء في المادة السادسة «بجمع المال من أي شخص داخل أو خارج اقليم الدولة بأية وسيلة إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الوزارة. ولا يسمح للمؤسسة الخاصة بجمع المال داخل دور العبادة أو المآتم أو أية مؤسسة دينية أو جهة اخرى إلا بعد تسليم القائمين على هذه الجهات صورة طبق الأصل من الترخيص المشار إليه».
وأكدت المادة السابعة أنه «لا يجوز لأية مؤسسة خاصة أن تدفع أو تتبرع لأي شخص بمبلغ يزيد على ألف دينار بحريني إلا عن طريق مؤسسة مالية»، والمادة الثامنة «تحظر على المؤسسات الخاصة تحويل أية مبالغ إلى شخص في الخارج إلا بإذن من الوزارة، وذلك فيما عدا المبالغ الخاصة بثمن الكتب والنشرات والسجلات العلمية والفنية. ويشترط لمنح هذا الإذن أن يكون المستفيد صاحب حق مشروع، وإذا كان شخصا اعتباريا فيجب أن يكون مؤسسا ومرخصا له بمزاولة النشاط من قبل الدولة التي ينتمي إليها. وعلى المؤسسات الخاصة التي ترغب في تحويل أية مبالغ إلى شخص في الخارج أن تقدم إلى المؤسسة المالية التي يتم التحويل من خلالها ما يفيد صدور الإذن المشار إليه محددا به المبالغ واسم الشخص المحول إليه».
وقال عضو صندوق المنامة الخيري تقي الزيرة معلقا على ما تضمنه القانون من مواد «إن خطوة اصدار القانون هي محاولة لإثبات طهارة العمل الخيري في البحرين من أية اعمال تتعلق بالإرهاب»، مشيرا «إلى أن الصناديق الخيرية بالكاد تغطي الاحتياجات الموجودة على قوائمها من فقراء ومحتاجين، كما أن الصناديق ليست لها أية علاقات بجهات أجنبية، ونحن نرفض أن نكون طرفا في حالات مشبوهة للتمويل». مضيفا «أن الجهات الأجنبية التي عادة ما تطلب العون تتمثل في الفقراء الآسيويين الذين يلجأون للصندوق حاملين رسائل طلب المساعدات لعلاج أو بناء مسجد أو ما شابه، وأمثال هؤلاء لا تتم مساعدتهم إلا بناء على تزكية من امام المسجد».
وأكد أن الصناديق «ليست لها علاقة بأية مؤسسات أو مشروعات خارج البحرين إلا في تلك المشروعات التي تبنتها الدولة»، مؤكدا «ضرورة دعم الصناديق الخيرية للقانون لأنه من شأنه أن يزيد من درجات الإفصاح والشفافية لدى المؤسسات التي يطبق عليها، وهذه فرصة لهذه المؤسسات لتثبت للعالم الخارجي إدارتها المحترفة والكفؤة للأعمال الخيرية من دون الدخول في مسائل مثيرة للشك».
وقال مسئول العلاقات العامة بصندوق السنابس الخيري أحمد الخباز: «إنه كان من المفترض وضع آلية خاصة بالصناديق الخيرية في الجوانب المالية قبل وضع مثل هذه الشروط التي تضمنها القرار، وخصوصا أن الكثير من الصناديق تعاني قلة الإيرادات المالية، وفي ظل القوانين التي صدرت عنها اخيرا فإن حاجة المؤسسات الخاصة إلى كوادر وظيفية باتت ملحة لضبط الأمور المالية والإيرادات والتبرعات الخاصة بالصندوق»، مشيرا إلى «أن الصناديق ومنذ بداية عملها في التسعينات من القرن الماضي ساهمت بشكل كبير في تحمل عبء الشئون الإجتماعية عن وزارة العمل، اضافة إلى تحملها الكثير من المهمات الاهلية والثقافية المختلفة»، مؤكدا «لسنا ضد التقنين والتنظيم ولكننا في المقابل نحتاج من الوزارة إلى أن توفر لنا الكوادر والإيرادات».
أما رئيس صندوق سار الخيري سيدصالح تقي فأبدى عدم تأكده من أن يشمل هذا القرار الصناديق الخيرية على اعتبار أنه مازال لا يوجد قانون منصوص خاص بالصناديق، بينما يبدو من خلال الاطلاع على مواد هذا القانون أنه يقصد به بالدرجة الأولى الصناديق الخيرية.
وقال «من الصعب الرجوع إلى الوزارة حتى في أبسط الأمور المتعلقة بتوزيع الأموال، وخصوصا أن الفعاليات الثقافية والاجتماعية التي تقوم بها المؤسسات تمثل جزءا من التمويل الخاص لهذه الفعالية، ومن الصعب اعطاء الوزارة مثل هذه الأمور الدقيقة وخصوصا أن التبرعات تأتي من مؤسسات خاصة»، مشيرا إلى «أن تطبيق مثل هذا القانون سيدخلنا في بيروقراطية أكثر من اللازم، كما أن الوزارة بحاجة إلى جهاز إداري كبير للقيام بهذه المهمة»، معتبرا القانون «تقييدا لعمل المؤسسات الخاصة، وبدلا من وضع العراقيل أمام هذه المؤسسات كان من المفترض ابداء المزيد من التعاون معها».
وأكد نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان عبدالهادي الخواجة أن «الشفافية امر اساسي ومطلوب في المؤسسات الخاصة وخصوصا فيما يتعلق بالمعاملات المالية، إلا أنه يجب ألا يكون عذرا لفرض الرقابة المشددة من قبل الحكومة بطريقة الاخ الاكبر المسيطر الذي ربما يسيء الاستفادة من صلاحياته الرقابية بغرض السيطرة والتحكم بالمؤسسات الخاصة. فالقيود المبالغ فيها في جمع التبرعات، وفرض الحصول على ترخيص في جمعها من داخل البحرين أو خارجها، تقييد لحرية المؤسسات الخاصة، بل يمكن ان يعطي الحكومة سلاحا فعالا للتضييق المالي على تلك المؤسسات لاغراض سياسية». مشيرا إلى «امكان تحاشي ذلك في حال اكتفاء القانون بفرض التزام الشفافية، وان تلتزم المؤسسات الخاصة باطلاع الجهات المختصة على المعلومات المتعلقة بالمعاملات المالية، وليس فرض أخذ الترخيص من الادارة المختصة في كل مرة. وفي حال وجود اية مخالفات يكون القضاء هو الحكم. وفي جميع الاحوال فمن المفترض ان تصدر القوانين المتعلقة بالحريات العامة من الجهة التشريعية المستقلة وليس من الادارة التنفيذية، أما بالنسبة إلى المؤسسات والجمعيات غير الربحية والتي تعتمد على الدعم للقيام بنشاطاتها التي تخدم المجتمع، فيلزم ان تكون هناك موازنة يتم اقرارها بقانون لدعم هذه الجمعيات ضمن مواصفات محددة ودون النيل من استقلاليتها، بدل ان يكون التوجه للتضييق عليها والتحكم في مصادر الدعم التي تحصل عليها»، موضحا «نخشى ان تكون هذه القيود المشددة استجابة لضغوط خارجية، وليست نابعة من المصلحة العامة الداخلية».
رئيس جمعية التوعية الإسلامية سعيد النوري قال «إن القانون من شأنه أن يجعل العمل الاجتماعي صعبا ومستحيلا ومقيدا، وبالنتيجة فإن جميع المؤسسات التي يطبق عليها القانون مرخصة ومراقبة من قبل الوزارة. والمطلوب تسهيل ودعم وتشجيع مثل هذا العمل الاجتماعي وعدم فرض هذا النوع من القيود عليه لأن ذلك من شأنه اضعاف العمل الاجتماعي»
العدد 547 - الجمعة 05 مارس 2004م الموافق 13 محرم 1425هـ