العدد 549 - الأحد 07 مارس 2004م الموافق 15 محرم 1425هـ

كسر الصورة النمطية لتعزيز التمييز الإيجابي للمرأة

فاطمة الجاسم comments [at] alwasatnews.com

يحمل اليوم العالمي للمرأة شجون إشكالية النساء في كل المجتمعات وعلى مختلف الأزمنة. فعلى رغم كل التقدم الذي فرضته النساء في حياتهن فإن النظرة التقليدية لنمطية عمل المرأة هي السائدة في الذهن الإنساني. وإن تخصيص يوم عالمي لتقدير الجهود اللامحدودة التي تبذلها المرأة ما هو إلا اعتراف من قبل العالم بالتقصير والانتهاك المفروض على النساء في العالم بأسره.

ومع التغيرات التي طرأت على أدوار المرأة، فمازال المخيال الإنساني يحمل صورة المرأة الجسد، مثيرة الشهوات، وحاملة الخطايا والذنوب. وهذا التكريس أصبح جزءا من الصورة الاجتماعية التي تتميز بها المرأة سلبا في مجتمعاتها.

فالحركات النسائية - في دعواتها إلى تحسين صورة المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في جميع المجالات وإدخال مفهوم «الجندر» في الاستراتيجيات الوطنية، وتأكيد التمييز الإيجابي الذي يضمن مزيدا من المشاركة للمرأة في الحياة العامة وفي صنع القرار - كانت تطمح أن تتخلق ممارسات إيجابية لتمكين المرأة في مختلف مجالات الحياة، مثل تخصيص مقاعد معينة للمرأة في المناصب الحكومية وفي المجالس المنتخبة، أو سن قوانين تقلل التمييز الموجود بين النساء والرجال.

فسعي النساء إلى توجيه الأنظار نحو تمييز النساء عن الرجال لضمان إعطاء المرأة فرصة للظهور والبروز باستعداداتها وقدراتها ومواهبها التي ينظر إليها نظرة دونية عن الرجال. ولم يقصد بحملة التمييز الإيجابي التركيز على المرأة كأنثى/ رمز للإثارة، لكن أصحاب وسائل الإعلام والمتنفذين في الوسائط الإعلامية، حصروا المرأة في الصورة النمطية بين المطبخ وأدوات التجميل وبين شهوة جسدها.

فلو أخذنا التلفزيون مثالا، فالإعلانات المقدمة عن مساحيق الغسيل أو المواد الغذائية أو الاحتياجات المنزلية الأخرى تتوجه إلى المرأة وتصورها بشكل ساذج كمتلقية ومقنعة بالسلعة، ولا يتم التوجه للرجال في المستحضرات المنزلية. وما يخص باقي السلع مثل المشروبات الغازية فتصور امرأة تسحر وتفتن الرجال، أو رجل يسحر النساء فهذه الصور بتكرارها تعمق الصورة الدونية للمرأة كمتلقية وهامشية في الحياة.

وإذا استعرضنا أغاني الفيديو كليب فإننا نجد صورة للمرأة الرخيصة التي تستعرض جمالها وأنوثتها كسلعة، فنجد تركيزا متعمدا على تصوير مفاتن النساء في الرقص وعلى إظهار المرأة شبه عارية لضمان نجاح الفيديو كليب، والمحزن أن الكثير من الفنانات - حتى الخليجيات منهن - يقعن تحت طائلة قوانين شروط المنتجين، فأصبحنا لا نسمع صوتا بل نرى تركيزا على الجسد وعلى الإثارة من خلال الملابس.

ومن المؤكد أن مجتمعا قائما على المساواة بين الجنسين وعلى نشر مبادئ الديمقراطية، من العار أن تمتهن فيه صورة احدى الجنسين في أكثر الوسائل الإعلامية تأثيرا على المواطنين، وأن يحدث تمييز صارخ في استغلال أجساد النساء وصورتهن.

ووعت الكثير من المؤسسات المهتمة بشئون المرأة لهذا الموضوع وطالبت بسن قوانين وأنظمة للحد من هذا التمييز الواقع عليها بتغيير النموذج النمطي والاستهلاكي الموجود في الإعلانات ووسائل الإعلام، ووضع صور للنساء والرجال أكثر تعددية وتنوعا وواقعية. فتتركز المطالبات بالكف عن تقديم النساء كبضائع استهلاكية، أو أهداف للإثارة الجنسية الرخيصة أو تقديمهن كمسلوبات وذليلات وساذجات. فالضرر الواقع لا يطال النساء فقط، بل يمتد لكل بنية المجتمع وقيمه وثقافته ورؤاه السياسية

العدد 549 - الأحد 07 مارس 2004م الموافق 15 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً