من المؤلم أن يتحول الانترنت من الغرض الذي تم اكتشافه وصناعته له بتقديم خدمات للناس وتقريب البعيد وتوسيع مدارك المثقفين إلى أداة للابتزاز والسرقة والقذف والشتم، هناك من يستغل شطارته لتحويل حسابات الآخرين إلى حسابه، هناك من يخترق وزارات الدفاع لجعلها تدرك أن هناك من هو أشطر منها، أشطر ممن يتآمرون على الشعوب الصغيرة التي لا حول لها ولا قوة.. كل ذلك على رغم عدم مشروعيته لكنه لا يصل إلى ما بلغه المثقفون والسياسيون في بلادنا فقد صاروا يحولون هذا الجهاز البريء إلى أداة للإساءة إلى الآخرين. ليت هذا الجهاز وحده الذي صار لدى مثقفينا أداة شتم وقذف فحسب بل تعداه إلى نشراتهم ومجلاتهم التي تصدرها جمعياتهم إلى درجة الإسفاف، لقد صرنا (علكا) في لسان مثقفي دول الخليج وصرنا أضحوكة مجالسهم. كنا نتوقع أن يصبحوا قدوة للآخرين وينشروا أفكارهم وعطاءاتهم الثقافية ليقولوا عن المواطن البحريني وقياداته الفكرية أنه نعم السلوك ونعم المفكر ونعم السياسي كما كانوا واجهة مشرّفة للوطن، وإنسانا صلبا في مواجهة المستعمر البريطاني الذي أذل أبناء المنطقة وحكامهم ولم يتوان يوما عن محاربته بكل أشكال النضال، فماذا حدث ليتم هذا التحول في أخلاقياته وفي سلوكه؟ فبدل أن يكونوا سندا لبعض، وعضدا ليواصلوا درب نضالهم في المرحلة التي تلت خروج الإنجليز وكانوا فعلا كذلك خلال مرحلة طويلة خصوصا عندما كانوا جميعا ضحايا قانون أمن الدولة يجترون آلام الغربة، فإذا بهم بعد عودتهم من منافيهم انقلبوا إلى عناصر تحارب بعضها بعضا مؤكدين ما قاله بعض عرابي القيادات التقليدية إننا نعرفهم جيدا فهم عرب سواء كانوا معارضة أو موالين، ففي دمهم يجري الصراع مثلما كانوا في الجاهلية.

إن ما يكتبه بعض المثقفين ضد زملائهم في النضال من أسلوب رخيص ليندى له الجبين لقد أضاف إلى آلامي أحد الأصدقاء هاتفيا ليذكرني بما لم أتابعه إذ قال إن إحدى مجلات الرفاق أساءت إلى ماضي أحدهم الذي فك ارتباطه بهم بسبب بعض الخلافات الفكرية فحاولوا جرحه بتذكيره بأيام عصبيته وحالته النفسية السيئة عندما كان يتعامل مع زوجته بقسوة... ترى هل يجوز ذلك؟ وهل يحق لأحد مهما بلغ خلافه أن يشوه صورة رفيقه بمثل هذا الأسلوب؟ الجواب لكم