العدد 567 - الخميس 25 مارس 2004م الموافق 03 صفر 1425هـ

كلمة البحرين أمام الدورة الستين للجنة حقوق الإنسان

قال المندوب الدائم لمملكة البحرين بجنيف سعيد محمد الفيحاني أمام الدورة الستين للجنة حقوق الإنسان في جنيف: «إن السلم والأمن الدوليين، والتقدم الاجتماعي والإنماء الاقتصادي أمور وثيقة الترابط ومتبادلة التأثير. وفي منطقتنا تزداد الأمور سوءا وتعقيدا وتؤثر سلبا على النواحي الاقتصادية والاجتماعية، والتنمية بشكل عام، وذلك بسبب الأوضاع السائدة في فلسطين والعراق وعدم حصول الشعبين الفلسطيني والعراقي على حقوقهما في التنمية. إن إعلان الألفية جعل التصدي للفقر من أولويات جدول الأعمال العام، وإن الحد من الفقر هو الهدف الإنمائي الشامل. ولكننا نرى أن الفقر يزداد في بقاع كثيرة من العالم وخصوصا في الدول النامية، إذ أوصل الفقر الأطفال إلى التسول وأصبح التسول مهنة لكثير من أطفال الدول النامية. ولا يفوتنا هنا أن نذكر ما يعانيه الطفل الفلسطيني إذ إنه الأدنى فقرا في العالم وفقا لمعايير الإعلان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2542 في دورتها 24 بتاريخ 11 ديسمبر/ كانون الأول 1969».

وأضاف: «أن متطلبات تحقيق التنمية الشاملة تبدأ بالتثقيف بمبادئ حقوق الإنسان كمادة أساسية في مناهج التعليم في مراحله المتدرجة، وهذه مسئولية الدول تجاه مواطنيها بالدرجة الأولى، إلا أن دعم المجتمع الدولي لتنفيذ ذلك يبقى ضروريا للدول النامية والأقل نموا في إطار الدعم المادي والفني، ولأجل إحراز التنمية يتعين على المجتمع الدولي تأييد الخطوات التي تبذلها الدول سواء النامية أو المتقدمة التي من شأنها محاربة الفساد وتعزيز المساءلة والشفافية وانتهاج الديمقراطية والحكم الرشيد. وفي الوقت ذاته لابد من إتاحة الدول المتقدمة للدول النامية فرصة الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة وفتح الأسواق وزيادة الاستثمارات فيها مع مراعاة المبادئ والأسس الرئيسية لحقوق الإنسان».

وبين «أن إتاحة الحريات السياسية والعمل بالنهج الديمقراطي مبادئ لا غنى عنها لتحقيق التنمية، وإيمانا من حضرة صاحب الجلالة ملك البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة بهذه المبادئ فقد دشّن مشروع التحديث والديمقراطية الذي أدى إلى تفعيل مؤسسات المجتمع المدني وزيادة الانتاجية في المؤسسات الحكومية وتحسين الخدمات في مجالات عدة أهمها التعليم والصحة وتحقيق الرفاه الاجتماعي».

وواصل «فمن ناحية التعليم فإن حكومة المملكة تؤمن بأن تقدم الأمم والشعوب يرتبط باستمرار بتقدمها العلمي والتكنولوجي وبمدى قدرتها على مواكبة التطورات وإن تأخرها يرتبط بالضرورة بتجاهلها هذا الجانب، لذلك فإن حكومة المملكة أولت أهمية كبيرة للتحدي المعلوماتي في ظل العولمة ونظم الاتصال الحديثة التي حولت العالم إلى قرية عالمية متصلة، وقامت بتأمين التعليم المجاني للجميع وحرصت على تجويده بشكل مستمر إذ تم تزويد المدارس بالحواسيب وتوصيلها بشبكة الانترنت، ودعما لهذا التوجه قامت بتدريب آلاف المعلمين والإداريين لاستخدام تكنولوجيا المعلومات على نحو فعال لجعل هذه الممارسة المتطورة ممكنة تحت إشراف تربوي رشيد».

ومن ناحية الصحة، فإن القطاع الصحي يعد علامة بارزة من انجازات التنمية البشرية في البحرين، فحكومة المملكة تعتبر الحق في الرعاية الصحية الشاملة والمجانية حق من حقوق الإنسان الأساسية، وهذه الرعاية لا تقدم للمواطنين البحرينيين فقط، بل لجميع من يعيش على أرض البحرين كما أن الخدمات الصحية متاحة لغير مواطني البحرين مجانا، وأثنى تقرير التنمية البشرية على هذا الاتجاه.

وبين أنه «إيمانا من حكومة المملكة بالمبادئ والأسس لتحقيق التنمية الاجتماعية، فقد أولت هذا الجانب اهتماما بالغا لتحقيق الغايات التي تتوخاها في سياستها العامة الهادفة إلى النمو الاقتصادي وتحقيق الإنصاف الاجتماعي مع زيادة التركيز على النهج التنموي وتوسيع قدرات الأفراد وحرياتهم، مرتكزة في ذلك على دستور المملكة القائم على المساواة والعدل على اعتبار أن الأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع، كما تعمل المملكة على دعم حقوق المرأة وسن التشريعات الخاصة بحماية الأسرة وحماية أفرادها، وتعنى الدولة خصوصا بنمو الشباب البدني والخلقي والعقلي وتكفل تحقيق الضمان الاجتماعي للمواطنين في حال الشيخوخة أو العجز عن العمل أو اليتم أو الترمل أو البطالة».

وأشار «أخذنا في الاعتبار النسب العالية لمستويات التعليم والصحة والإنفاق الحكومي على الرعاية والتنمية الاجتماعية، وذلك كله يفسر احتلال البحرين مركزا متقدما في مجال التنمية البشرية، إذ إن مملكة البحرين تركز تركيزا أساسيا على التنمية البشرية بمختلف جوانبها وإن الإنسان يعد الثروة والهدف الحقيقي للتنمية. وقد تمخض عن ذلك حصول البحرين على مركز متقدم في ميدان التنمية البشرية لسنوات عدة كان آخرها العام 2003 كما جاء في تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتنمية البشرية».

وكانت هناك كلمة للسفير المندوب الدائم لمملكة البحرين في جنيف محمد الفيحاني قال فيها: «من المؤسف حقا ان نرى وضع حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة يتدهور عاما بعد عام. فوضع حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية لم يتحسن منذ انعقاد دورتنا الأخيرة. ونتوقع ان يستمر الوضع ذاته خلال الفترة المقبلة ما لم يحدث تطور غير متوقع، ولكن ما نخشاه هو زيادة التدهور في وضع الشعب الفلسطيني في ظل السياسات والممارسات اللاإنسانية التي يتعرض لها يوميا على أيدي قوات الاحتلال».

وتقدم الفيحاني بالشكر الى المقرر الخاص جون دوغار لتقريره الذي قدمه، فالتقرير يصور بجلاء معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، ويتناول تقرير المقرر الخاص في طياته أوضاع حقوق الانسان المتدهورة والمعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني بسبب سياسات سلطات الاحتلال واستمرارها في بناء وتوسعة المستوطنات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية، فتبريرات سلطات الاحتلال لممارستها غير مقنعة ولا تتسم بالواقعية بل تعكس منهجا سياسيا وعسكريا لا يتناسب مع التوجهات السلمية في المنطقة. لهذا فان المقرر الخاص قد أعرب عن أسفه في التقرير لمواصلة «إسرائيل» امتناعها عن التعاون معه. وهذا التوجه يجب رفضه من قبل اللجنة نظرا لكونه سيشجع دولا أخرى على عدم التعاون مع الآليات الدولية لحقوق الانسان. كما ان استمرار تجاهل «إسرائيل» لتوصيات اللجنة وقراراتها من شأنه ان يؤثر على هيبتها وصدقيتها أمام الرأي العام العالمي.

لقد تطرق المقرر الخاص في تقريره باسهاب الى الجدار الفاصل بين «إسرائيل» والضفة الغربية. وقد أوضح المقرر أن هذا الجدار لا يتبع الخط الأخضر الذي يشكل حدود الأمر الواقع بين «إسرائيل» وفلسطين. وأشار الى ان التأثيرات «تشمل الحاق مساحات ضخمة من الضفة الغربية بـ «إسرائيل» وسيتأثر من جرائه ما يزيد على مئتين وعشرة آلاف فلسطيني وسينقطع الفلسطينيون عن أراضيهم الزراعية وأماكن عملهم وعياداتهم الصحية وغير ذلك من الخدمات الاجتماعية وسيؤدي ذلك الى ظهور جيل جديد من اللاجئين والمشردين داخليا».

لقد أوضح التقرير كذلك «أن الغرض من بناء الجدار هو زيادة تعزيز موقف المستوطنين، كما يذكر التقرير كذلك بأن «إسرائيل» عازمة على ايجاد حقائق على الأرض هي بمثابة الضم الفعلي، ويرى التقرير أن هذا النوع من الضم يعرف بالغزو في القانون الدولي، وهو محظور في ميثاق الأمم المتحدة واتفاق جنيف الرابعة. ويطلب المقرر الخاص ادانة الجدار باعتباره فعلا غير مشروع من أفعال الضم مثلما أدين ضم «إسرائيل» القدس الشرقية وهضبة الجولان باعتباره فعلا غير مشروع. كما يطالب المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بسيطرة «إسرائيل» على الأرض الفلسطينية التي يحتويها الجدار في نطاقه. اضف الى ذلك ان الجدار ينتهك أبسط حقوق المواطنين الفلسطينيين الذين يعيشون على أرضهم».

وقال الفيحاني «ان تعزيز حقوق الشعب الفلسطيني لا يتأتي الا بانسحاب «إسرائيل» من جميع الاراضي الفلسطينية كما ان الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة الى حدود الرابع من يونيو/ حزيران العام 1967 بما في ذلك الجولان العربي السوري والأراضي اللبنانية سيؤدي الى تعزيز حقوق الانسان. كما ان الانسحاب مقترنا بانشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس يمكن ان يساهم في انهاء الصراع بمنطقة الشرق الأوسط وإنشاء علاقات طبيعية بين جميع دول المنطقة».

وأضاف: «ان الهدف الأسمى في المنطقة يتمثل في انقاذ شعوب المنطقة من ويلات الحروب واحلال السلام في المنطقة من خلال تعزيز حقوق الانسان والحريات الاساسية واننا على قناعة من ان السلام لا يتأتى الا من خلال تمكين الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأخرى الواقعة تحت السيطرة والاحتلال الاسرائيلي، من ممارسة حقوقها الاساسية هذه بعيدا عن الممارسات والسياسات الحالية التي تنهجها قوات الاحتلال.

ونحن واثقون من انه اذا احترمت حقوق المواطنين العرب في الأراضي العربية المحتلة وتم التوصل الى سلام شامل وعادل في الشرق الأوسط فإن ذلك سيؤدي الى الاستقرار والأمن وانهاء حلقة الصراع والعنف واستبدال ذلك بحلقة تعاون مثمر»

العدد 567 - الخميس 25 مارس 2004م الموافق 03 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً