العدد 2744 - الخميس 11 مارس 2010م الموافق 25 ربيع الاول 1431هـ

النسيان... غفلة أم ظاهرة مرضية

يتكون مخ الإنسان من عدد هائل من الخلايا يصل عددها ما بين 10-15 مليار و الخلية الواحدة )نيورون( هي عبارة عن جسم وكيبل يصل طوله من متر إلى متر ونصف تحيط بهذا الكيبل ملايين الزوائد مع46ملياروصلة وظيفتها الاستشعار ورصد المستجدات في أجهزة الجسم يقول الدكتورمصطفى محمود فى مجمل حديثه (كل خلية عصبية فى الدماغ تعاونها خليات عصبية أخرى بالغة الدقة هى التى تقوم بعملية إبلاغ الخلية الأصلية بالأفعال الواقعة أى أنها تعمل كمديرة للنشاط وكل خلية من تلك الخليات تبعث بتقرير مختلف عن شقيقتها فمثلا إذا مد الانسان يدة الى قدر ساخن تبعث الخليات تقارير مختلفه كل منها تعالج امرا مختلفا، فالتقرير الاول يكون لمدى خطورة واثر القدر الساخن على الكف والتقرير الثانى يرسل وضع الانسان خلال الاصابة والتقرير الثالث يرسل نصائح التصرف  المناسبة وهكذا تتجمع كل التقارير لتعطى الصورة الكاملة قبل إتخاد القرار كل ذلك فى جزء من مليون جزء من الثانية بشكل شديد التعقيد !

وعليه تقاس قدره كل واحده  من هذه الخلايا على ألإتصال

بـ ( 10 ) 28 فى الثانيه فإذا ضربنا هذا الرقم في عدد خلايا المخ («10» 28  X 15 مليار ) نصل إلى رقم 10 ويقابلها من اليمين 9 مليون كيلومتر من الاصفار! من ذلك نستنتج مدى السعة الاستيعابية والقدرة الخرافيه التي يملكها هذا الجهاز. و الذكرة ليست سوى إستدعاء لأحدث أو افعال سابقه تفصلها مساحات زمنية مختلفه فإذا اخفقت فذلك معناه ان المعلومه موجوده ولكن لانستطيع ان إستدعائها . 

 أما وظائف هذا الجهاز(المخ) فتتلخص فيما يلي :

- الإمكانيات : مثال على ذلك لهذه الخلايا القدرة على رصد عمل الجهاز التنفسي بدئا من الجزء العلوي والقصبة الهوائية وانتهائنا بالشعب الهوائية ولا يقف الأمر عند الإشراف على عمل هذا الجهاز بل رصد أي تغيرات تطرأ عليه من ارتفاع وانخفاض في درجة الحرارة والضغط الجوي والتعرض لبعض المثيرات كالأتربه والغازات التي تسبب الحساسية والتي تعمل هذه الخلايا على إصدار الإشارات الازمه لطردها بطرق مختلفة مثل الكحة وغيرها.

ولا يقل دور هذه الخلايا اهميه عن عملها  في الجهاز الهضمي من تنظيم فى عملية الهضم وإفراز الإنزيمات الازمه لهضم المواد الغدائيه من كربوهيدرات و مواد بروتينيه وذهنية فى كل جزء من هذا الجهاز من الفم – المعدة – الكبد – البنكرياس و الأمعاء الدقيقه والغليظه بل يتعدى ذلك إلى عمل الإشراف واتخاذ اللازم عندما يتعرض هذا الجهاز إلى التوعك اوخطر التسمم أو عند الاصابه بالامراض المعوية من قئ وإسهال ونفس الأمر ينطبق على الجهاز الدوري عند القيام بمجهود عضلي أو عند التعرض للخوف أو الفزع مما يستدعى الاهبه ألازمه لسرعة الحركة وحث القلب على العمل بطاقة أكبر تناسب الحدث القائم .

- إما الاختيارات فلا تقل سعه أو أهمية عن الوظائف الاخرى وهي تفتح أمام الإنسان خيارات لا حصر لها في كل ثانيه ولسعه هذه الخيارات فقد شبهها البروفيسور انوكي بالسيارة التي تسير وفجاه يفتح أمامها مليون طريق ولكن السيارة ليس عليها اختيارطريق واحد فقط من مليون طريق و تجاهل باقي الخيارات كلها .

- رده الفعل : وهي تختلف باختلاف موضعها في الجسم من العطسة العادية إلى شكه الدبوس وهي سريعة جدا ولحظية حتى يكاد يكون الوقت فيها معدوما و قس على ذلك ردة الفعل لرؤية منظر مخيف أوسمع دوى انفجار هائل .

وقد شبه البروفيسور أنوكي اختلاف رده الفعل في خلايا المخ بالشخص الذي يرفع إلى فمه فنجان قهوة فارغ ورده الفعل الأخرى لفنجان قهوة ساخنة ذات رائحه `ذكيه وبين الفرق فى رده الفعل الشاسعة بين الاثنين بينما الفعل واحد .

-  ردة الفعل من داخل الشبكه BAHYO DATA .

تتخطى مقدره خلايا المخ الوظائف الثلاثة السالفة الذكر في قدره هذا الجهاز على التحكم من داخل الشبكة وبردود الأفعال ولكن بالإرادة مثال تخفيظ ضغط الدم المرتفع أو الصداع أو الألم بالتأمل والتركيز ونسمع من حين إلى أخر قدرة اليوجيين على التحكم في عمل بعض الأجهزة اللاإرادية كالقلب والأمعاء أو التنفس برئه واحدة وهذا دليل على إن الإنسان يتحكم في داخل الشبكة بدون أي تدخل خارجي .

إضافة إلى ذلك رغم التناظر بين فصى الدماغ في الشكل إلا انهما يختلفان ليس في وظيفة المركز فحسب ولكن في نوعيه النشاط فالفص الأيسر متخصص في أنواع النشاطات التي لها علاقة بالهندسة والأرقام والحسابات والتكنولوجيا والرياضيات في حين أن الفص الأيمن متخصص في الفن والإبداع والإلهام والبصيرة والاستشراقات الروحية .

وفي هذا السياق أضاف الدكتور أيضا ( إن عقل الإنسان دو السعه الاستعابيه الهائلة يستطيع حفظ 30 مليون كراسه ويقول هل من مزيد وأضاف إن هذه المقدرة الاستعابيه تقدر بــ 100 ضعف كلا الاتصالات التي تحصل في كل إنحاء الكرة الارضيه إما الجهاز المركزي للاتصالات بالمقارنه فهو عبارة عن لعب عيال إمام قدره المخ الاستعابيه .فإذا كان الأمركذلك فلماذا نخفق في تذكر كثير من الأمور؟ والجواب على ذلك إن المعلومة التي نطلبها كما اسلفت موجود إنما المشكلة هي عدم القدرة على استدعائها عند الحاجة بسبب التشتت والقلق وطلب أكثرمن حاجه في وقت واحد ... وقد جاء على ذكر ذلك البروفيسور أنوكي في شرحه للخيارات حين شبه تلك القدرة بالسيارة التي تسير و فجاءه يفتح إمامها مليون طريق وعليها اختبار طريق واحد وتجاهل باقي الخيارات !!

ولكن رغم ما وصل إليه العلم الحديث من تقدم مازال عاجزا إمام اعتلالات الذاكرة (النسيان) شأنها شأن كثر من الأمراض كالسرطان والايدز غيرها كالربو والسكري وفي هذا السياق تقدم ( اليوغا العلاجية ) العديد من الوضعيات والتمارين لعلاج الكثير من الإمراض وعلى رئسها النسيان ورغم الاختلاف الكبير للأمراض ومنشأها إلا إن شري أيونغر(اليوغى المعاصر) يضع الوضعيات المناسبة لعلاج كل مرض .الغريب في الأمر إن الوضعيات العلاجية لمعضم الامراض تبدأ بوضعيتيين:

- الوقوف على الرأسsirasana .

- الوقوف على الأكتافsirvangasan ثم يتبعهما باثنتين أخريتين وهما(الملقط) الرأس للركبة في وضع الوقوف ثم الملقط فى وضع الجلوس ...ولكن هل يعلم القارئ إن الوضعيات (1+2) او إحدهما رقم 2 تعمل على تصحيح كثير من الأمور أولها إغراق المنطقة العلوية من الجسم ،( الصدر والرأس) بالدم المؤكسج ،كما تقدمان خدمه عظيمه للقلب فالدم الوريدي العائد للقلب ضد الجاذبية في وضع الوقوف يكون بمساندة الجاذبية في وضع الوقوف على الرأس او الأكتاف وبالمثل الدم الشرياني الخارج من القلب يكون بمساندة الجاذبية في وضع الشقلبة هذا آمر أما الأمر الآخر فإن أجهزة الجسم من القلب والرئتين والكبد والمعدة والكليتين معلقة بأربطة قوية ولكن مع تقادم الزمن والجاذبية الأرضية تتحرك هذة الاجهزه قليلا للأسفل مما يسبب اختلالا في وظائفها وعليه فأوضاع الشقلبة هى (تصحيح) وإرجاع هذه الأجهزة إلى مكانها الاصلى لذا يعنى تمرين الوقوف على الأكتاف (سيرفانجازانا) إستفاده كاملة للجسم .

الآن وعينا جانب من الأمر إما الوضعيتان الأخريتان (الملقط) في وضع الجلوس والوقوف فهما تؤديان غرضان الأول تعمل على تمطيط العمود الفقري مما يساعد على فك إي تقارب بين الفقرات فتريح الأعصاب فى النخاع الشوكى كذلك يعمل هذان التمرينان على عمل تمسيد لجميع الأعضاء، القلب، المعدة، الرئتين والكبد.

إذن هاتين الوضعيتين تخدمان الجهاز العصبي في المقام الاول ومكملان للتمرينيين الاولين فى رفع كفاءة الاجهزه الداخليه... الآن وضحت الصورة أكثر ... يريد اليوغي شري أيونغر إن يقول إن ظاهرة فقدان الذاكرة الذي اكتفى بعلاجها بتلك الوضعيات الأربعة فقط وهي نفس الوضعيات التي تتقدم 90 من الوضعيات اللازمة لعلاج الإعتلالات الأخرى والتي تصل في بعض ألأمراض كارتفاع الحموضة في المعدة إلى 26 وضعيه أو تمرين ! ماذا يعنى ذلك ؟

إن الاعتلالات من النسيان ، وحموضة المعدة ، وآلام الرئس وغيرها تكون فى الغالب  ذات علاقة ومنشأ آخر والمرض ليس سوى الصورة النهائيه المستشعرة والتي تدشنها وتدفعها بالونات الألم والاعراض إلى السطح. إذن النسيان ليس وليد حاله مرضيه فرديه... بل مجموعه من الأسباب (العقل السليم فى الجسم السليم)  لحسن الحظ علاجها يحتاج إلى 4 وضعيات مع تمرينتن تنفسيين مكملين فقط . ولكن المؤسف في ألأمر إن هذه الوضعيات الأربعة ليست في مقدور العديد من الناس خاصة الذين يطلبون العلاج في مراحله المتأخرة لأسباب صحية وأخرى ذات علاقة بالسن ولكن في الهند وتحت إشراف مدرسي اليوغا ( الجورو ) يعالج المصاب بداء النسيان بالوضعيات المذكورة وربما غيرها ولكن بمساندة بعض الاجهزه المساعده.

أن الألم ذلك السيد الأرعن صار خصما عنيدا للبشر على مدى التاريخ و بسبب انشغال البشر و تكالبهم الاهوج على الحياة المادية العصرية, وإهمالهم الشديد للأمورالصحيه والوقائيه على وجه التحديد , تفننت شركات الادويه في فى توفير حاجاتهم الملحه من الادويه و المسكنات فأصلحت شئ و أتلقت شيء آخر الأول: أراحت البشر من الآلام إما الأخر: فهو أمران إدمان البشر للمسكنات والاتكال عليها , إما الاسوء فهو عزوف الناس عن طلب العلاج المناسب خارج دائرة الطب الحديث أو ما يعرف بالطب البديل أوتأجيله، وكان بالامكان حل الكثير من المشاكل الصحيه لو وظفت الرساميل اللازمه للبحوث وانتاج الادويه المناسه لعلاج المسببات وليس الأعراض ، ولكن بسبب تقاعس الطب الحديث عن السعى الحثيث والمستميت لايجاد العلاجات الكامله لكثير من الامراض والخروج من الدائره الضيقة وهى النظرللمشاكل الصحية من زاويه أحاديه محصورة فى الجزء المصاب الى نظرة اكثر شموليه تأخد الامور من زواياها المختلفه، هذا التقاعس ابقى البشرفى  دائره هذه الملاذات. إن أى لبيب يعى جيدا ان الطب الحديث بحكم تجاربه الطويله قادرا على الخروج هذه المنظومه المتواضعه... الم يهزم السل والجدرى والطاعون والجذام والتيفؤيد؟ ولكنه ولاسباب متعدده صار وللاسف الشديد يواكب حاجات الناس المتزايده من المسكنات ومهدئات الاعراض  فأصبحت العمليه مسألة (عرض وطلب).

الا يحق لنا بعد ذلك التفكير مجددا فى جدوى علاج الذاكرة ؟ايوجد شىء مذهل مرادف لعقل الانسان في تكنولوجيا الأرض؟ فانظر إلى الكلفة الباهظه التي تدفعها البشريه يوميا لمواكبه قطار الحياة السريع الذي لا يعرف خصوصيات البشر الصحية و الاجتماعية فنحن فى سعينا الدؤب للنجاح في أعمالنا نقدم على كثير من الحماقات التى تتنافى مع ألاعرف الصحيه اللازمة للمحافظة على أجسادنا هذة التركة الربانيه الرائعه... من ساعات عمل لاتعرف الراحه الى إهمال صارخ لواجباتنا نحو انفسنا من عدم إختيار الاكل المناسب والمواضبه على أخد الوجبات فى موعدها والخلود للنوم مبكرين  والرياضه البدنيه والاهم من كل ذلك الابتعاد عن العادات الصحيه السيئه والضاره كالقلق و التدخين ومعاقره الخمره .المؤسف فى الامر أصبحت هذه الانماط الحياتيه من ألأمور المسلم بها فى مجتمعاتنا المعاصره بل و مدعاة للفخر عند بعض الناجحين،  وفى هذة العجالة ننسى  إن زهوه الحياة الحقيقية هى في بدن صحيح معافى  وذهن صاف لا جسد يتكأ على المسكنات أوعقل فالت بدون فرامل .وظاهرة النسيان فى نهاية المطاف ليست امرا عارضا بل ضاهرة مرضيه تستحق التوقف لايجاد الحل... عفوا سيدى القارىء العلاج المناسب.

العدد 2744 - الخميس 11 مارس 2010م الموافق 25 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً