العدد 2746 - السبت 13 مارس 2010م الموافق 27 ربيع الاول 1431هـ

أنا وأنت... نحن وهم!

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

اسمك هويتك، عامل تشكيل رئيسي ومحوري ف

ي شخصيتك. اسمك هو المحدد الأول الذي يجيب عن السؤال التقليدي جدا: من أنت؟ البعض يقول بأن للفرد من اسمه نصيب، فكريمة الاسم كريمة النفس، وعادل الاسم عادل الطبع. أما مدى صحة هذه النظرية فتحتاج إلى دراسات معمقة، غير أن ما لا يحتاج إلى دراسات معمقة لإثبات دلالاته فهو اسم عائلتك. ذلك الاسم الذي تولد به، ويعيش معك ليحدد رغما عنك ليس فقط هويتك الثقافية والاجتماعية والدينية، بل في أحيان كثيرة مستقبلك والطريق الذي ستسلكه في الحياة. اسم عائلتك، وخصوصا في مجتمعاتنا ربما يكون جواز مرور سهل يفتح لك الأبواب، وقد يكون سببا في إغلاقها في وجهك.

في عرفنا الاجتماعي، اسم عائلتك هو إرثك، فخرك وانتماؤك، خط أحمر لا تقبل المساس به أو النيل منه. في هذا الاسم الذي قد لا تتجاوز أحرفه أصابع اليد، تقبع تركة ثقيلة تحدد أحيانا ملامحك الاجتماعية حتى قبل أن تساهم في تحديدها بنفسك. فلاسم العائلة دلالات كبرى، فرضتها معطيات شتى ساهم في تشكيلها أقرباؤك وأجدادك، وعليك أنت أن تحمل التركة، تركة السمعة الطيبة، أو تركة الفقر والعوز، أو تركة الغنى والمركز الاجتماعي، أو حتى تركة الحكم السياسي. هذه هي أصول مجتمعنا التي يجب أن ندركها بحذافيرها أثناء تعاطينا مع أفراد المجتمع، وعوائله.

نشرت الصحف المحلية أخيرا خبرا نقلت فيه انتقاد عدد من العوائل البحرينية لاستخدام جمعية الوفاق الوطني الإسلامية أسماءها ضمن خطابها السياسي. الجمعية استخدمت بالفعل أسماء عوائل بحرينية في بيان رسمي لها على سبيل طرح نماذج من أسماء عوائل من مناطق بحرينية مختلفة، ومن المذهبين الكريمين، لتستدل عليه في رؤيتها التي أرادت من خلالها القول بأن جميع العوائل البحرينية سواسية.

قبل كل شيء يجب أن ندرك أن استخدام أسماء أية عوائل في موقع كهذا سيثير حساسية ما، فالمسألة أبعد من هذا الموقف الوحيد بذاته، إذ لا يمكننا أن نغفل السياق العام الذي جاء على إثره بيان الوفاق هذا. وصيغ الهجوم والدفاع المتبادلة التي لم يكن للعوائل المذكورة عرض في البيان نصيب من عيرها ولا نفيرها.

ولكن بعيدا عن هذا الموقف بالتحديد، ومع افتراض حسن النوايا من الطرفين، يثير موضوع استخدام أسماء العوائل شهية للنقاش حول فلسفة تعاطينا السياسي والاجتماعي مع هذه الأسماء. وكيف لايزال اسم العائلة في مفهومنا الاجتماعي خطا أحمر يجب الحذر عند الاقتراب منه. والأبعد، كيف يمكن أن يساهم استخدام اسم عائلة معينة في سياق حديثنا للدلالة على مذهب معين، أو منطقة معينة، أو طبقة اجتماعية معينة. ما فعلته الوفاق في بيانها هو ما نفعله يوميا في خطابنا الاجتماعي، فنذكر عائلة فلان للدلالة على المذهب الشيعي، وفلان الآخر للدلالة على المذهب السني. عائلة فلان الأخرى للدلالة على منطقة بحرينية بعينها، أو عائلة علانية رابعة للدلالة على توجه سياسي معين (راجعوا بيان الوفاق للاستدلال).

نقوم في خطابنا اليومي بهذه الاستعارات أحيانا، فنرمز لهوية ثقافية أو دينية أو عرقية أو مستوى اجتماعي أو اقتصادي ما بدخول «المنطقة المحظورة» المتمثلة في أسماء العوائل. والعكس صحيح عند المتلقي أيضا، فعندما نستخدم اسم العائلة الفلانية، يقوم المتلقي مباشرة ودون حاجة للتفسير بفك الشفرة تلقائيا ليفهم قصدك بالإشارة إلى مذهب معين، أو طبقة اجتماعية معينة وهلم جرا.

لنتفحص في خطابنا اليومي قليلا، نقوم يوميا وبشكل تلقائي وطبيعي بعملية الترميز هذه، حتى صرنا نعتبرها من المسلمات الاجتماعية المقبولة والمتعارف عليها. المسلمات التي تجعلنا نستطيع بسهولة وتلقائية أن نضع أنفسنا في الخانة الصحيحة، أنا أم أنت، نحن أم هم؟!

عملية الترميز الاجتماعي هذه هي بذاتها دليل على أننا لسنا في مجتمع يعيش الناس فيه سواسية

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 2746 - السبت 13 مارس 2010م الموافق 27 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:13 م

      مثال والامثال لا تعارض

      المثال والتمثيل بالشئ لتقريب المعنى جائز في اللغة ولا اعتراض عليه الا لدى من لا يفقه اللغة وكأن لا علاقة له بها , وهذه مما يستخدم بشكل يومي دون ادنى حساسية الااذا كان الامر يحتمل او يحمل اكثر مما يحتمل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

اقرأ ايضاً